الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران خطوة أخرى على طريق «التكامل»
أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الأول من شهر تشرين الثاني الجاري أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران دخلت مراحلها النهائية، ويجري الإعداد لتوقيعها، ومن المقرر أن يوقع عليها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارة سيقوم بها الأخير إلى موسكو قريباً.
الجديد، كان الإعلان الرسمي لأول مرة أن الاتفاقية تتضمن بنود تعاون في مجالات الدفاع، حيث قال لافروف: «يؤكد الاتفاق على تطلعات البلدين إلى تعاون دفاعي أوثق، فضلاً عن التعاون من أجل السلام والأمن الإقليمي والدولي».
يأتي هذا الإعلان وسط تزايد خطورة اتساع المواجهة الإيرانية– الصهيونية في المنطقة، ومثل هذا التعاون سيزيد من احتمال توريد الأسلحة الروسية المتطورة إلى إيران، بما فيها أنظمة الدفاع الجوي، ومقاتلات وأسلحة هجومية، فضلاً عن تطوير التعاون الاستخباراتي القائم، الأمر الذي سيؤدي في المحصلة إلى إضافة نقاط لرصيد الردع الإيراني لـ «اسرائيل».
بالتوازي مع ذلك، وبالفترة نفسها، أعلن الإيرانيون في 3 من الشهر الجاري عن إطلاق قمرين صناعيين جديدين «كوثر» و«هدهد» بواسطة الصاروخ الروسي «سويوز» الحامل للأقمار الصناعية، انطلاقاً من قاعدة فوستوتشني شرق موسكو، محملاً بـ 53 قمراً صناعياً آخر، مما يشكل خطوة إضافية في إطار التعاون الفضائي بين روسيا وإيران.
تجيب هذه الإعلانات والخطوات: اتفاقية الشراكة الاستراتيجية وبجوانبها الدفاعية، والتعاون الفضائي، وقبل ذلك المناورات العسكرية المشتركة بين روسيا وإيران سواء بشكل ثنائي، أو مع دول ثالثة، والتعاون والتنسيق السياسي بين البلدين حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، جميعها تجيب على الادّعاءات التي يجري مداولتها بكثرة حول وجود خلاف بل ونزاع روسي– إيراني، سواء بالمعنى العام، أو بشكل خاص في منطقتنا.
تعكس هذه الادّعاءات من جهة مساعي الغربيين لصنع شرخٍ بين البلدين، مثلما تسعى لشبيه له بين موسكو وبكين، ومن جهة أخرى، تعكس أوهام صانعيها ومدى عجزهم عن قراءة الواقع السياسي والتطور التاريخي الجاري، فالواقع يقول ويقر بوجود تكامل روسي– إيراني، بدورٍ يقوم به كلٌ منهما على المستويين الدولي والإقليمي، وأن هذا التكامل هو تعبير ملموس عن الطبيعة الاستراتيجية للعلاقات الثنائية.
وحول النقطة الرئيسية التي يجري الاستناد إليها بهذه الادعاءات: الصراع مع الاحتلال الصهيوني، فمن الممكن الجدل إنه دون روسيا بوزنها ودورها واتجاهها، لم يكن بمقدور إيران فعل ما تفعله اليوم من مواجهة، بل إن الدور الإيراني واتجاهات السياسية الخارجية في طهران تدعم السياسية الخارجية الروسية، وتعيق مشروع الفوضى الأمريكي في المنطقة.
ما نشهده الآن هو المراحل الأخيرة من تجميد مشروع الفوضى، نحو إنهائه تماماً عبر إنهاء وجود رعاته: التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة، والكيان الصهيوني، ودفع مشروع الحلول السياسية.
أما حول التباينات والاختلافات بين الدولتين، بأولوياتهما واستراتيجية كل منهما وغيرها، فهو بالضبط ما يجعل من تعاونهما «متكاملاً» وينتج عنه خطوات أكثر توازناً وعقلانية وأكثر قوة وقدرة على النجاح والنصر في نهاية المطاف.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1200