الاقتصاد العالمي يكف عن أن يكون غربياً
تمثل التغيرات التي تطرأ على الاقتصاد العالمي واحدة من أهم المؤشرات على تغير ميزان القوى الدولي، فيما يلي، نستعرض ثلاثة من هذه المؤشرات التي تدعم الحقيقة القائلة بانتقال مركز ثقل الاقتصاد العالمي من الغرب إلى الشرق، وتحديداً الصين التي حققت خلال العقود الماضية قفزات واسعة، متجاوزة في العديد من المجالات نظراءها في الغرب.
في الرسم البياني الأول، يمكننا أن نرى أن حصة الولايات المتحدة الأمريكية من الناتج المحلي الإجمالي العالمي قد بدأت بالانخفاض بشكلٍ حاد منذ مطلع القرن الحالي، بينما استطاعت الصين في عام 2013 أن تتجاوز في حصتها حصة الولايات المتحدة. كما أن صعود الاقتصاد الهندي، الذي نما ببطء في الفترة ما بين 1992 و2002، وبوتيرة أسرع من 2002 إلى 2019 وصولاً إلى 19% يعدُّ مؤشراً آخراً على انتقال مركز ثقل الاقتصاد العالمي إلى آسيا.
وبطبيعة الحال، يشكل الناتج المحلي الإجمالي مؤشراً واحداً فقط من بين مؤشرات كثيرة، حيث أن التطور التكنولوجي قد رفع كثيراً من أهمية مؤشر حصص الدول من عدد براءات الاختراع المسجلة. وفي هذا الإطار، يتيح لنا الرسم البياني الثاني أن نلاحظ أن ما حققته الصين منذ عام 2002 يتعدى كونه مجرد قفزة ليشكّل انقلاباً حقيقياً على المستوى التكنولوجي وبراءات الاختراع التي كانت المراكز الأولى فيها حكراً على الولايات المتحدة واليابان لأكثر من أربعين عاماً. ويقدر العديد من الخبراء أن تجاوز الصين للولايات المتحدة في عام 2011 من حيث عدد براءات الاختراع، لا يماثله شيء في النطاق التاريخي سوى تجاوز الولايات المتحدة لبريطانيا في بدايات القرن العشرين، عندما بدأت أولى إرهاصات انهيار الإمبريالية البريطانية. وفي ذلك مؤشر آخر على أن عملية الابتكار التكنولوجي قد أخذت بدورها تنتقل أيضاً نحو الشرق.
وعندما تشكلت مجموعة دول «بريك» (وذلك قبل انضمام جنوب أفريقيا)، لم تكن قد تجاوزت بعد عتبة الـ20% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما كانت مجموعة السبع الكبار التي تقودها الولايات المتحدة قد بلغت حوالي 43% من هذا الناتج. غير أنه في السنوات التالية، أخذت الحصص تتبدل، إذ تمثل مجموعة «بريكس» اليوم ما يقارب 35%، بينما انخفضت حصة مجموعة السبعة الكبار إلى حدود الـ30%.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 956