«الإخوان» بين تداعيات التخلي وتأمين البدائل
سمير أحمد سمير أحمد

«الإخوان» بين تداعيات التخلي وتأمين البدائل

لا شك أن حركة «الاخوان المسلمين»، بكافة تلاوينها ومسمياتها وأماكن تواجدها وانتشارها، باتت مضطرة لتغيير جلدتها، وذلك كنتيجة مباشرة لتداعيات الإعلان عن التخلي عنها، بل والعداوة معها، ولو ظاهرياً، من قبل مصنعيها، وحلفائها بالأمس القريب، ورعاتها وداعميها، الدوليين والإقليميين والمحليين.

لقد ثبت بما لا لبس فيه أن حركة «الاخوان المسلمين» قد استُنفذت واستُهلكت حتى الرمق الأخير من قبل المنظومة الرأسمالية الدولية، التي أنشأتها ورعتها منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن، وقد خمد الدور الوظيفي لها، مع هذا الاستنفاذ والاستهلاك.
تجلِّ لمتغيرات التوازنات الدولية
ولعل التخلي والعداوة الظاهرة تلك، والمعلن عنها رسمياً، ما هو إلا تعبير عن أحد تجليات ما يجري من صراع داخل المراكز الإمبريالية الغربية، وانعكاساتها على المستوى الإقليمي، بما في ذلك الصراع داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، بين متشددي التيار الرأسمالي الفاشي، وبين ما يمكن تسميته بـ «التيار العقلاني»، سواء في الداخل الأمريكي عموماً، أو داخل الإدارة الأمريكية نفسها، في تعبير مكثف وجلي عن التراجع المحتوم لهذه القوى، بنتيجة المتغيرات الدولية، سواء على مستوى التوزان الدولي الجديد الناشئ، أو على مستوى العلاقات الدولية الجديدة التي يرسمها هذا التوازن، والفرز الجاري على خارطة هذه التوازنات، بين القوى الصاعدة والقوى المتراجعة، شعبياً ودولياً.
مساعي تأمين البدائل
بالمقابل يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن هذا التخلي والعداوة الظاهرة والمعلن عنها، لا يعني بالضرورة التخلي عن «الإخوان المسلمين» كبرنامج مرتبط بأهداف وغايات وأدوار وظيفية، لا يمكن لغيرها من الحركات القيام بها، وبالتالي يمكن القول أننا أمام محاولات ومساعٍ قادمة غايتها إعادة إنتاج هذه الحركة على شكل بدائل، ولكن ربما بلبوس جديد، وبمسميات ذات طبيعة «حداثوية» قابلة للتسويق والترويج مجدداً، ستسعى إليها المراكز الامبريالية، وخاصة تيارها الفاشي، أولاً: من أجل تعبئة الفراغ الذي سينتج عن تفكيك الإخوان المسلمين كبنية منظمة ومنتشرة، قبل أن تتم تعبئته بالقوى الحية والفاعلة شعبياً، وكبحاً وتأخيراً لإنتاجها أو لتشويهها قبل النضوج، وثانياً من أجل الاعتماد على مثل هذه البدائل لاستكمال تمرير ما يمكن تمريره من أهداف ومصالح لهذه المراكز على حساب مصالح الشعوب والأوطان.
أدوار وظيفية
كما لا بد من التذكير بأن حركة الإخوان المسلمين هي أحدى حوامل قوى رأس المال المالي في البلاد الإسلامية، وأداتها في أداء الدور الوظيفي، حسب ظرف كل بلد وكل مرحلة تاريخية، وتحديداً في مواجهة النضال الوطني التحرري، كجزء من التيارات الفاشية الدولية المثيلة بحينها، وفق بنية فكرية طائفية مغلقة لا تقبل الآخر وترفضه، بل وتحتقره وتمارس استعلاءها عليه، لتصل لحدود تصفيته، هكذا، وذلك كله على قاعدة عقائدية «إسلاموية» ضيقة ومتطرفة، في استغلال صارخ لتعاليم الدين السمحة المنتشرة شعبياً.
بالإضافة إلى كل ذلك، فإن الذي يجب ألا يغيب عن البال والأذهان، هو أن حركة الاخوان المسلمين تعتبر الأب الشرعي لكافة الحركات والتيارات الإسلاموية، المتطرفة منها والمعتدلة، حيث تتغلغل جينات هذه الحركة عميقاً في البنية الفكرية والعقائدية لهذه التيارات والحركات، اعتباراً من «القاعدة» إلى «النصرة» وليس انتهاءً «بداعش»، وغيرها الكثير من المسميات الأخرى، والتي كانت وما زالت الأداة الفاشية في نشر وتوسيع رقعة الفوضى الخلاقة في المنطقة، في تخادم متبادل واضح بين أهداف هذه وتلك من القوى الغربية، والفاشية منها على وجه الخصوص.

معلومات إضافية

العدد رقم:
816