إلى الأمام معاً
في الوقت الذي كنت أرى أنه من البداهة أن تختلف أحزاب النخب الأرستقراطية في نواح كثيرة عن الأحزاب التي تعلن بالأساس تمثيلها للعمال والفلاحين، والأمر بدأ أكثر تعقيداً حين تتداخل القوى وتسود التفاوتات الاجتماعية الحادة وتتداخل مع الانقسامات الدينية والطائفية والاقليمية على نحوما يؤثر على خصائص ومقومات الظاهرة الحزبية وتصبح قدرة التنظيمات الحزبية المختلفة على التحرر من تلك المؤثرات أو الخضوع لها معياراً أساسيا للحكم على فعالية الحزب وجدواه..
فالحزب الذي لاتحقق قيادته تطلعات أعضائه ويجعل من الولاءات الشخصية والتكتل والمحسوبية معايير الارتقاء وممارسة التخوين والادانة، يمر بمراحل صعبة كما هو حال الحزب الشيوعي السوري الذي أصبح أسمه مقروناً بالانشقاقات. أنني بدافع الإحساس العميق بعدما تقلبت بي الحياة في العديد من الأعمال، أنتسبت إلى الحزب الشيوعي السوري على أساس أنه ملاذ الإنسان المناضل الذي يختلف عن غيره من الناس في الوقت الذي كانت تتقاذفني الرياح في غمرة ذلك التوهج الحزبي الذي عرفته في فترة الخمسينيات أخترت النضال ضمن صفوف الحزب الشيوعي السوري عسى أن أجد تفسيرا ًلوضعي الطبقي على أنه ليس وضعاً قدرياً إنما نتيجة لقوانين سائدة... يجب تغييرها إن الذين قدر لهم السير على هذا الدرب يعرفون جيداً لماذا يعيشون وفي سبيل أي مثل أعلى يناضلون.. في حياتهم اليومية وأثناء حديثهم وصمتهم عن الظواهر المزمنة التي عايشها الحزب بعد انقضاء أكثر من سبعين سنة من عمري لازلت أحفظ عن ظهر قلب أسماء الكثيرين من الرفاق الذين أضحوا شتاتاً في مقابر النسيان وممن يعانون مثلي المرض والضغط..
في منطقة كنا أكثر الناس تلمساً للظلم والمعاناة لا لشيء إلا أننا شيوعيون والحزن لايليق بنا نحن الشيوعيين لاشيء يرحم الجسد بعد السبعين سوى المحبة لقد آلمني كثيراً وأنا على سرير المرض أن أفتح عيني بعدأن تعرضت لنوبة قلبية وأنا على شفا حفرة.. لم أجد حولي إلا قلة من المخلصين والقليل القليل من زوار رفع العتب ممن كانوا يرسلون إلى المرضى ونحن على أبواب الانتخابات باقات الورد لكسب اصواتهم وضمهم الى تكتلاتهم التي قرفنا منها، أما الداعون للضغط على القيادة كي تقبل الوحدة باعتبارها هدفاً لنا جميعاً، أتمنى أن يكون كلامي وغيري ممن هم غيورون على الحزب نوعاً من الضغط الذي لايولد الانفجار، بل أن يؤدي الى وحدة الشيوعيين على الطريق الصحيح الذي يشير إليه ميثاق الشرف. ومما يزيد طين الحياة الحزبية بلة، الشتائم المقرفة اللامسؤولة التي تدل على ضيق أفق الشتامين وتكرارهم للاساليب البذيئة القديمة التي أنفضحت الأن، فالشتائم تطلق بحق من يكشف الاوراق المزورة ويفضحها، وأنا فعلاً اكتشفت في الميثاق بداية تلمس خط مبدئي، ولكن بشرط الاستمرار بنفس الروح، ونفس الصدق حتى يتم التمايز فعلاً عن المنهج الخاطىء منهج الشتائم التي تدفعنا إلى نسيان أهداف الحزب والانشغال بأمور تافهة. تهدم كل جسور الوحدة. أيها الرفاق في لجنة الميثاق... إذا كنت الان أشد على أياديكم ولكن اسمحوا لي أن أقول لِمَ تأخرتم.. ها أنتم تظهرون بعد أن أضعت نصف عمري - بعد نصف قرن من الزمن في تصديق تخريفات بعض الممثلين البارعين.. وآمل منكم ألا تكرروا أخطاء هؤلاء وألاتلهيكم الكراسي والمراسي والمكاسب والألقاب ومقاودالسيارات.. و... وما أستطيع قوله هنا نعم.. إلى الامام... ولكن بخطوات سريعة، لاننا في زمن الوثبات.. وأؤكد أن عليكم السير.. لأن اتهاماتهم ملفقة وغير مجدية.. لاسيما عندما يريدون النيل من أسماء مجربة بجرأتها ومبدئيتها ويقدمون أسماء بالمقابل نعرف في التنظيم والشارع بوصوليتها.. وانتهازيتها وعدم جرأتها وتفكيرها بذاتها فقط. بوركت جهودكم وإلى الامام معاً ُلوحدة الموقف والمصير.
صالح ميرزو: مواليد 1930 عمره الحزبي نصف قرن، أقدم شيوعيي عامودا وأحد أقدم شيوعيي الجزيرة
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 177