نقاش هادئ لرسالة صاخبة التراجع عن الخطأ فضيلة!!
بعد نشر «قاسيون» في عددها الماضي (160) لرسالة اللجنة المنطقية بدمشق، والموقعة من قبل الرفيق أمين اللجنة المنطقية محسن أيوبي، والموجهة إلى قيادة الحزب والتي تطالب نظراً للأوضاع الخطيرة التي تمر بها المنطقة والبلاد بعودة قيادة الحزب عن كل قراراتها المخالفة للنظام الداخلي بعد المؤتمر التاسع ذات الطابع التكتلي والتنكيلي، وزعت القيادة الحالية للحزب رسالة داخلية اعتبرتها رداً على رسالة دمشق.
في بادئ الأمر، لا يمكن إلا أن نسجل جانباً إيجابياً وهو: أن هذه الرسالة التي يأتي تسلسلها تحت رقم (10) بعد المؤتمر التاسع، قامت القيادة أخيراً بالرد عليها بشكل ما!!..بينما كانت تتجاهل وتصم آذانها عن الرسائل السابقة. ولكن هذا لا يعني أن هذا الرد لم يحوِ الكثير من المغالطات وعدم الدقة. الأمر الذي إن كان يعبر عن شيء، فهو يعبر عن استخفاف بعقول الناس والرفاق:
غير أن الجديد في هذا الرد، أن كاتبيه يخلطون بين ثلاثة قضايا وهي:
* الموقف من الحزب.
* الموقف من قيادة الحزب.
* الموقف من قرارات قيادة الحزب.
فهم في وضعهم لهذه القضايا في سلة واحدة، يصبح أي معارض لأي قرار من قرارات القيادة، ليس فقط معارضاً للقيادة، وإنما أيضاً معارضاً للحزب كله!!.. أي أن القيادة بكل بساطة أصبحت هي الحزب وأي قرار عنها غير قابل للنقاش لأنه من الحزب!!..
ـ والجديد الثاني في هذا الرد، هو أن القيادة تعتبر شرعيتها مستمدة من كونها قيادة، وبالتالي كل من لا يوافق على أي قرار من قراراتها فهو غير شرعي!!.. ولكن هذه القيادة تنسى أنها حينما انتخبت مثل أي قيادة أخرى في أي حزب يحترم نفسه، فإنها تنتخب بشرط أن تلتزم بالنظام الداخلي الذي هو دستور الحزب والناظم لعلاقتها مع القواعد.
لذلك فإن شرعيتها لا تأتي من كونها قيادة، وإنما تأتي من قدر التزامها هي بالنظام الداخلي، وبقدر ما تكون هي ضامناً لتنفيذ هذا النظام الداخلي من قبل جميع أعضاء الحزب. ولكن عندما تعلن القيادة، وليس كل القيادة، بل المجموعة المتنفذة فيها، الأحكام العرفية في الحزب، وتعطل النظام الداخلي، ضاربة بسيف القمع يميناً وشمالاً دون تمييز، العشرات، بل المئات من الرفاق دون تحقيق، ودون أي تهمة اللهم إلا الشك بعدم الولاء، هذا الشك الذي يكفيه أحياناً وشاية كاذبة أو كشف هاتف لتقرير مصائر حزبية عمرها العشرات من السنين؟!!.
إن من يتعامل مع الرفاق ومع الحزب بهذه العقلية المريضة، يحق للحزب بعد ذلك ولهيئاته المختلفة، ليس فقط مناقشته، وإنما محاسبته وحتى سحب الثقة منه. والنظام الداخلي، لحسن الحظ يضمن بفقراته التي صيغت بعد المؤتمر الثالث وحتى الآن هذا الحق لقواعد الحزب.
ـ ويتكلمون مرة أخرى في الرسالة من جديد عن الالتزام بقرارات المؤتمر التاسع، ويختصرون هذا الالتزام في الالتزام بشخص أو بعائلته، ولكن تعالوا لنسألهم: كيف التزموا هم بقرارات المؤتمر التاسع؟!.. هل تأخير نشر وثائق المؤتمر أكثر من أربعة أشهر هو التزام بنتائجه؟!
هل تأخير صياغة التقرير الزراعي حتى الآن أي ثلاثة عشر شهراً بعد المؤتمر الذي طالب بأن يكون جاهزاً بعد ستة أشهر، هو التزام بنتائجه؟!.. هل أداء «صوت الشعب» وحجم توزيعها الحالي يعكس التزاماً بقرارات المؤتمر التاسع؟!.. هل نشاط القيادة الحالي المستمر بقصف المنظمات المنطقية الحزبية، ابتداء من منظمة دمشق وصولاً إلى حماة، مروراً بالجزيرة واللاذقية وريف دمشق، هو التزام بقرارات المؤتمر التاسع الفكرية والسياسية؟!.. 90% من الرسائل الداخلية التي أصدرتها القيادة هي رسائل تخويف وترعيب للرفاق، ولم تكلف القيادة خاطرها عناء بحث الوضع السياسي الخطير وتوجيه الحزب في الرسائل الداخلية نحو المهام السياسية والجماهيرية الضرورية للمساهمة في المعركة ضد القوى الإمبريالية التي تريد أن تشعل الأرض ناراً في كل مكان.
لقد برهنت «قاسيون» بقواها المتواضعة في خلال الفترة القصيرة الماضية، وبشهادة كل من يقرؤها، أنها أكثر التزاماً من القيادة بكثير بقرارات المؤتمر التاسع، إذ أنها تقوم بترجمتها على أرض الواقع بالشكل المطلوب. وإذا كان للقيادة الحالية أي اعتراض على ما ينشر في جريدة دمشق المنطقية، فليشيروا لنا، أين، وكيف؟!.. إذ ليس من المستحب الوشوشة والهمس والغمز واللمز، أن لا علاقة للقيادة الحالية بـ «قاسيون»!!.. لأن من يفهم، يمكن أن يفهم أن لا علاقة لها بما تطرحه «قاسيون» وخاصة في افتتاحياتها من قضايا تعتبر تجسيداً خلاقاً لخط الحزب في الظروف الحالية، خلافاً لبعض الافتتاحيات التي تكتب في أماكن أخرى والتي لم تسبب إلا العزلة للحزب ولأصحابها.
ـ يعيدون ويكررون أمراً ليس جديداً، أن منطقية دمشق غير موجودة لأنها قدمت استقالتها فمن أعادها؟!.. نعم الحقيقة أنها قدمت استقالتها، في حينه احتجاجاً على سلوك القيادة، ولكن كما لها الحق بتقديم الاستقالة، لها حق سحبها، وخاصة عندما طالبتها بذلك اللجان الفرعية في المنظمة، والتي تمثل 80% من قوامها على أساس الإحصاء الأخير قبل المؤتمر التاسع. لذلك يجب أن تعرف القيادة أن المنطقية تستمد شرعيتها من اعتراف القواعد بها، كما يجب أن تعرف القيادة أن شرعيتها نفسها هي من شرعية اللجان المنطقية.
إن إي إنكار لشرعية اللجنة المنطقية، هو إنكار لشرعية القيادة نفسها، التي بدأت تعين في قوامها، والتي هي أعلى هيئة في الحزب، رفاقاً لم يحصلوا في الانتخابات الديمقراطية قبل المؤتمر التاسع على ثقة هيئاتهم، والتي أعطت أولهم 8% من مجموع الأصوات في منظمته وثانيهم 20% من الأصوات في مؤتمره المنطقي.
أي أن القيادة بدأت تغير حتى بنيتها التي تقررت في ا لمؤتمر التاسع!!.. فلماذا؟!.. سنترك الجواب للأيام..
أخيراً لابد من أن نلفت نظر القيادة وجميع المهتمين إلى أمور ثلاثة لا يمكن بدونها تجاوز الوضع الحالي في الحزب:
1 ـ الكف عن اختلاق عدو وهمي، تحت ستار أن هناك مركزاً آخر غير المركز القيادي الرسمي.
إن هذه الأوهام خرجت إلى الوجود لإيجاد مبرر فعلي للضربات التنكيلية التي قامت بها القيادة الحالية منذ 23 أيلول 2000. وهي تعتبر بكل بساطة كل رفيق لا يقف معها فهو ضدها، وهو بالتالي مع العدو الوهمي، أي مع المركز الآخر، وبالنتيجة حسب صيغتها: «وضع نفسه بيده خارج الحزب» المئات بل الآلاف من الرفاق!!..
2 ـ لقد تجنبت الرسالة كلها الحديث عن الأزمة التي افتعلتها القيادة وفجرتها في مجمل الحزب، وحاولت أن تصور أن القضية هي قضية دمشق فقط. فهل يمكن أن تدلنا القيادة اليوم على منظمة واحدة في طول البلاد وعرضها لم يطَلها سيف القمع والتنكيل، على منظمة واحدة يستتب الأمر فيها للقيادة؟!..إذن عندما تكون المشكلة بهذا الحجم فهناك أمر يستحق الوقوف عنده والتفكير فيه وعدم تجاهله.
3 ـ إن إعادة الأوضاع إلى طبيعتها ونصابها في الحزب هو ضرورة ليست فقط حزبية بل وطنية أيضاً. ولكن هذا لا يتم بأي تراجع جزئي عن القرارات المتخذة من قبل القيادة الحالية، كما لمحت إلى ذلك الرسالة حينما قالت: «بإمكانية عودة الرفاق الذين لم تتخذ بحقهم عقوبات بشكل فردي إلى الحزب»!..
وبالمناسبة، ما هي مشكلة هؤلاء الرفاق؟!.. إنهم لم يخرجوا من الحزب ومن هيئاتهم، ولكن القيادة هي التي سحبت اعترافها بهم لاحتجاجهم على قراراتها.. فكيف يمكن أن يعودوا إذا لم يخرجوا.. إن هذه الاقتراحات هدفها ذر الرماد في عيون أصدقاء الحزب وحلفائه كي تظهر القيادة مدى «طيبتها»، ولكن الواقع أن لا حل للمشكلة القائمة إلا بتراجع القيادة الكامل عن كل قراراتها التنظيمية المخالفة للنظام الداخلي شكلاً ومضموناً والتي اتخذتها بعد المؤتمر التاسع وحتى الآن. لأن التراجع عن الخطأ فضيلة.
فلتتوقف حملات القمع والتنكيل في الحزب الشيوعي السوري
وصلت إلى «قاسيون» رسالة من حلب بتوقيع الرفيق ماهر حجار. ونظراً لراهنيتها، ننشر أهم مقاطعها:
فوجئت مؤخراً بمن يبلغني بأنني قد فصلت من الحزب الشيوعي السوري، وأن القرار المذكور قد أُتخذ بالأكثرية في اللجنة الفرعية التي أتبع إليها، وسوف يُنفذ دون موافقة اللجنة المنطقية، وأنهم لا يحتاجون لها. علماً أنني معاقب الآن بتجميد عضويتي لمدة ثلاثة أشهر تبدأ بتاريخ 16/8/2001، أي أنه لم ينته سوى نصف مدة عقوبة التجميد حتى تصدر عقوبة الفصل التي اُتخذت بتاريخ 1/10/2001. والغريب أن عقوبة التجميد لم تُصدق من اللجنة المنطقية حتى الآن.
إنني أعتبر عقوبة الفصل، وتلك التي سبقتها مخالفةً سافرةً للنظام الداخلي، واعتداءً صريحاً على أصول التنظيم اللينينية.
فالنظام الداخلي ينص في المادة /26/ على موافقة الهيئة الأعلى على العقوبة، والهيئة الأعلى في كلا الحالتين هي اللجنة المنطقية، حيث أن الفرقة التي أنتمي إليها قد رفضت بالإجماع ولأكثر من مرة أي إجراء يُتخذ ضدي.
كما أن اللجنة الفرعية قد ضربت بالفقرة /4/ من المادة الخامسة من النظام الداخلي بعرض الحائط، والتي تنص على حق عضو الحزب في «أن يشترك في كل مناقشة تدور في هيئته الحزبية حول اتخاذ قرار أو عقوبة تتعلق بنشاطه وسلوكه».
والأغرب من ذلك كله أنه وقبل حضور الاجتماع الفرعي الذي تم فيه اتخاذ قرار الفصل بحقي، يقوم بعض الرفاق بالضغط على أعضاء اللجنة الفرعية، وعلى انفراد، مبلغينهم أن عقوبة الفصل بحقي هي رغبة القيادة، ويجب عدم مخالفة رغبة القيادة!!. مستغلين في ذلك طيبة هؤلاء الرفاق وبساطتهم.
لقد انتسبتُ إلى الحزب الشيوعي السوري وأنا في بداية شبابي، وكبرت فيه وبه. وما يحز في قلبي أنه وبعد سبعة عشر عاماً من النضال في صفوفه، تتُخذ بحقي مثل هذه الإجراءات، وبهذه الدرجة من الصفاقة، لا لشيء، إلا لأنني عارضت حملات القمع والتنكيل التي تقوم بها القيادة بحق خيرة كوادر هذا الحزب، والتي بدأت تتسع وتتسع إلى درجة فصل منظمات بكاملها.
الأمر الذي بات يظهر وكأن المراد به إضعاف هذا الحزب وتقزيمه إلى الحد الذي تصبح فيه إمكانية تصفيته سهلة، وكل ذلك يجري تحت يافطة الحفاظ على نقاوة الحزب من عدو وهمي غير موجود عملياً سوى في رؤوس من يسعون إلى تحويل هذا الحزب إلى مجرد مؤسسة عائلية تحكمها عقلية الإقطاع السياسي متبعين في ذلك أساليب أبعد ما تكون عن الأخلاق الشيوعية.
الحمقى فقط هم الذين يصدقون أن الحزب يقوى بتصفية كوادره، وطرد وفصل منظماته، بحجة «أنهم وضعوا أنفسهم خارج الحزب»، تلك العبارة التي لا يمكن أن ينتجها سوى عقل مريض.
والحمقى فقط هم الذين يصدقون أن الثقة التي منحوا إياها بانتخابهم في الهيئات القيادية، قد فوضتهم بتصفية الحزب والقيام بكل ما يمكن القيام به لإحداث الانقسام والشقاق فيه، بحجة أن هناك شرذمة تروتسكية! طفيلية! بيرلسكونية! مافياوية! داخل الحزب يجب تصفيتها.
وهنا يطرح الرفاق من جديد السؤال البسيط الكبير: من هم الشرذمة؟ ومن هم الحزب؟.
فالمخادع يجب أن يعرف أنه قد يخدع كل الناس بعض الوقت، وقد يخدع بعض الناس كل الوقت، لكن لا يمكنه بحال أن يخدع كل الناس كل الوقت.
إن من يتبجح بنهج الرفيق خالد بكداش هم أبعد الناس عن خالد بكداش، أو لم يقل الرفيق خالد في ندائه الشهير عام 1986 «إن مصلحة وطننا وشعبنا تتطلب جهود جميع الشيوعيين السوريين موحدي الإرادة والعمل في حزب واحد».
ألم يعلن المؤتمر السابع للحزب في ندائه من أجل الوحدة: «أن وحدة الشيوعيين السوريين، هي هدف ثابت في نضالنا ونشاطنا».
وكيف يستقيم الأمر مع من يتحدث عن الوحدة الوطنية في هذه الظروف الصعبة والخطرة التي تمر بها بلادنا وشعوب العالم، ثم يحاول جاهداً دفع الحزب للانقسام عبر التنكيل.
بل كيف يستقيم الأمر مع من يطالب بتوسيع الحريات الديمقراطية، أن يقوم بأشد حملة تنكيل ضد رفاقه، إلى الحد الذي يُنذر فيه بمعاقبة كل من يقرأ نشرة منطقية دمشق. بكل ما يحمله ذلك من استخفاف بعقول الرفاق وشك بقدرتهم على التمييز، منصّباً نفسه وصياً على تفكيرهم، فما عليهم سوى التسبيح بآلائه.
وأضاف: بغض النظر عن القرار الذي سوف يتخذ بشأن وضعي، فإنني أرجو أن لا أكون المقدمة لحملة تنكيل شاملة تطال كادر حلب.
كما أعلن أنني كنت ومازلت وسأبقى عضواً في الحزب الشيوعي السوري. فلم تكن عضوية الحزب الشيوعي في يوم من الأيام ولن تكون منحة يوزعها أحد ما على الشيوعيين، وصدق من قال:
الشعب أدرى بالرجال وحبهم
شتان ما بين المناضل والوضيع