ظواهر مرضية تعيق وحدة الشيوعيين السوريين
إن أي حوار حقيقي يجب أن ينطلق من " الذات" ومعاناتها. أقصد من خصوصية مشاكلنا بكل تفاعلاتها، ويفقد الحوار معناه ووظيفته إذا لم يكتنفه مناخ من الصراحة والموضوعية والصدق، بحيث تكون لدينا الجرأة على الاعتراف بأخطائنا مهما كانت.
دون أدنى شك يحق لأي تنظيم أن يحقق ذاته وطموحه شرط أن يحترم حقوق الآخرين ورغباتهم و طموحهم دونما إقصاء أو إلغاء لكن مانشاهده عند البعض من الفصائل الشيوعية الموجودة عندنا هناك حالة مربكة ومحيرة وغير محبذة ولا تخدم قضية وحدة الشيوعيين السوريين وتزيد من الفجوة الموجودة فيما بينهم وغير سوية، ولاتنسجم مع المنشود، مثل حالة الصراع السياسي والدعائي الذي تمارسه بعض فصائل الشيوعيين لمواجهة بعضهم البعض، بهدف تقارب البعض من الآخر، أو إبعاد البعض عن الآخر، أو إحداث شرخ بين الجماهير وبعض الفصائل، وهذا الصراع يأخذ شكل الاستخفاف والتشهير بالفصائل الأخرى بهدف إنهاك الطرف الآخر والحط من معنوياته، وهذا الأسلوب لا يعود بالنفع على الحركة، بل يزيد من حالة التشرذم واليأس وعدم الثقة.
سؤال يطرح نفسه لماذا تتواجد مثل هذه الأمور المسيئة لوحدة الشيوعيين السوريين وما هي أسبابها؟ مما لا شك فيه أن هذه الأمور تظهر عند غياب لغة الحوار وشيوع ثقافة الإقصاء والتبرير للأخطاء والاجتهاد المغلوط وسوء قراءة الواقع السياسي، والعيش في إطار الماضي ألفاظاً وإنتاجاً وثقافةً. كما تظهر كذلك في فترات الانسداد أو التأزم في النضال وعدم تحقيق الأهداف أو ظهور أوضاع معاكسة بعكس ما كان يتوقع، ومن أجل تبرير الإخفاق يتم تحميل الفشل والإخفاق على البعض، وهنا تبدأ الاتهامات والتشهير والتهميش والتخوين، وكل يبحث عن نواقص الآخر، وحتى يبدؤون بذكر أمور كانت لا تأخذ سابقا مأخذ الجد ولم تكن لها أية أهمية، يبدؤون بإعطائها الأهمية وكأنها أمور مصيرية وهنا تبدأ الديماغوجية وتزييف الحقائق بعيداً عن الوجدان.
إذاً، نحن أمام ظاهرة مرضية يعاني منها الشيوعيون، وعليهم جميعا الخلاص منها وذلك عبر الحوار والنقاش والبحث والعمل الجاد النشيط لطي صفحة الماضي والخلاص من ثقافة الانشقاق والتفكك، واستئصال جذور ثقافة المهاترات والاتهامات والعمل على إيجاد النية الحقيقية لتجاوز الأزمة والخروج من نفق الانقسامات إلى فضاء الوحدة، فالإمكانات لا تزال متوفرة رغم وجود العديد من الصعوبات، والجانب الأهم من هذه الصعوبات ذاتي الطابع، وهذا يكمن في مدى رغبة واستعداد الشيوعيين وقدرتهم على إدراك الأوضاع والعمل على تبديلها، فهل سنفعل ذلك؟.... الأمل مازال قائماً، والقضية المطروحة هي:
أن نكون أو لا نكون.