دول المركز الإمبريالي: اعتداءات جديدة على المكاسب العمالية والاجتماعية

في الوقت الذي انتقلت فيه عدوى الإضرابات العمالية في قطاع النقل من فرنسا إلى ألمانيا احتجاجاًً على «إصلاح» نظام معاشات التقاعد في الأولى وقوانين التشغيل في الثانية، رفض الرئيس الأمريكي جورج بوش مشروع قانون لتمويل برامج للتعليم وتدريب العمالة والصحة في بلاده في سادس مرة يستخدم فيها حق الفيتو خلال رئاسته بشأن الإنفاق الداخلي، في وقت يزيد فيه من طلبات تمويل حربيه العدوانيتين على العراق وأفغانستان.

ففي فرنسا وسعت اتحادات عمال النقل إضرابها في أنحاء البلاد احتجاجا على إصلاحات معاشات التقاعد التي يقول الرئيس نيكولا ساركوزي إن هناك حاجة إليها لموازنة حسابات الدولة ضمن تصميم حكومته على إنهاء ما يوصف «بالنظم الخاصة» التي تسمح لنحو 500 ألف عامل بالقطاع الحكومي بالتقاعد بعد دفع مساهماتهم لمدة 37 عاما ونصف العام بدلا من 40 عاما المطلوبة من عمال آخرين.

وانضم إلى موظفي السكك الحديدية الوطنية عمال النقل المحليين في باريس واتحادات عمال الطاقة ومرافق الغاز في ثاني إضراب من نوعه عن العمل خلال شهر واحد تسبب في خفض إنتاج الطاقة في فرنسا بنسبة 12% بالنسبة للمفاعلات الذرية وإلى منع إمدادات الغاز إلى أحد الموانئ الفرنسية، مع التهديد بقطع مستهدف للكهرباء عن مبان معينة.

وتشتد نزاعات أخرى مع الطلبة وموظفي الحكومة وسط ازدياد سخط الرأي العام من ارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار البنزين والإسكان.

وقبل ذلك بأيام أغلقت عشر جامعات فرنسية (من بينها باريس الأولى والسوربون وتولوز ونانت) أبوابها بالتزامن مع خروج تظاهرات طلابية احتجاجاً على قانون استقلالية الجامعات (أي خصخصتها). ورفع آلاف الطلاب المتظاهرين في عشرات المدن الفرنسية لافتات تقول «لا لخصخصة التعليم»، «غداً، ستعني الدراسة الاستدانة لمدة عشر سنوات»، «الثقافة مكلفة، لكنها أقل كلفة من الجهل»، في حين هتفوا: «أموال للكليات والثانويات، وليس للشرطة والجيش» و«نقول لمن يريدون خصخصة الجامعات، الطلاب سيردون بالمقاومة»!

أما سائقو القطارات في ألمانيا فقد بدؤوا إضراباً لمدة 62 ساعة في أنحاء البلاد في خطوط الشحن يوم الأربعاء مما أثار مخاوف المستشارة ميركل من الآثار التي ستنجم عن ذلك على أكبر اقتصاد في أوروبا بسبب نزاع مستمر منذ فترة طويلة مع شركة دويتشه بان التي تقوم بتشغيل القطارات.

وتؤكد نقابة السائقين التي تحظى بتأييد الرأي العام أن عمالها يحصلون على أجور أقل مقارنة مع السائقين في الدول الأخرى.

وفي واشنطن وفي الوقت الذي رفض فيه المصادقة على قانون العمالة وقع جورج بوش على مشروع قانون منفصل لمنح وزارة حربه حوالي 460 مليار دولار للعام المالي الذي بدأ يوم أول تشرين الأول رغم «خيبة أمله» لأن هذا المشروع تضمن أموالا أقل مما طلبه، علماً بأنه أكثر بـ40 مليار دولار مما حصل عليه في العام الماضي.

ولكن البيت الأبيض قال في سياق نزاعه الحزبي مع الكونغرس ذي الغالبية «الديمقراطية» إن مشروع القانون لتمويل خدمات عمالية وبشرية متضخم ومليء بمشروعات خاصة، في حين دافع الديمقراطيون عن قانون العمالة قائلين إن الأموال الإضافية لازمة لبرامج مثل التعليم وبحوث السرطان. وأضافوا أن الأموال أقل كثيراً من تكاليف حرب العراق وأنهم بصورة عامة يمولون زيادات الإنفاق من خلال شد الأحزمة في مجالات أخرى.