عامر حسن عامر حسن

«معركة حلب»: سباق إلى جنيف

 وضع الاستعصاء العسكري القائم في حلب، على طاولة البحث مجدداً الشكوك باستئناف مفاوضات جنيف، ومصير الحل السياسي، وأصبح فرصة جديدة لخصوم الحل، والمشككين وغير الواثقين به أصلاً، للإسراع إلى نعيه، واعتباره أمراً غير ممكن التحقيق.

إن طبيعة المعركة، وتوزان القوى العسكري لا يسمحان بتحقيق انتصار سريع نهائي وحاسم، وبالتالي فإن مأزق جماعة الحرب سيتفاقم، مع استمرار الحرب. 

إن معركة حلب رغم أنها معركة جزئية إلا أنها، محطة أساسية لدحر الإرهاب، وخصوصاً جبهة النصرة بتسمياتها المتعدده، والمتحولة.

تأتي خصوصية التصعيد الأخير في حلب أنه عشية جولة جديدة من مفاوضات جنيف، أي أن محاولات الطرفين لتحقيق الانتصار محكومة بسقف زمني ضيق، بمعنى آخر، أن عامل الزمن يعتبر عاملاً حاسماً وأساسياً، ومن هنا فإن التصعيد بحد ذاته، يعتبر أحد أشكال «التحضير» لجنيف، وأحد مقدمات انعقاده، وهو بمعنى آخر سباق إلى جنيف في سياق البحث عن موقع تفاوضي أفضل، فكلّ ما يجري في سورية منذ انعقاد الجولة الثانية، يجري ضمن هذه الإحداثية، أي ضمن شرط محسوم وهو انعقاد جنيف، وعليه يمكن لمعركة حلب بغض النظر عن نتائجها، أن تسرّع في بدء المفاوضات، لا أن تلغيها أو تؤجلها، بدلالة أن أحداً لم يتجرأ حتى الآن بالحديث عن التأجيل، كما كان يحصل سابقاً مع كل تصعيد عسكري، لا بل أن إشارات عديدة لا تزال تتحدث عن عقد جولة المفاوضات في نهاية الشهر الحالي أو بداية اللاحق.

من الواضح أن آمر العمليات في المركز الفاشي العالمي، يريد تحويل معركة حلب إلى معركة استنزاف طويلة، تكون أداة ابتزاز، وبوابة مساومات لمنع عقد جولة مفاوضات جنيف، أو لوضع العصي في عجلاتها إذا ما فرض عليها استئناف المفاوضات. 

ما سيكون حاسماً في معركة حلب، ويحدد نتائجها إلى حد كبير وبالسرعة الممكنة، هو المنطق السياسي الذي تدار به المعركة، والذي يجب أن يجمع بين الإجهاز على القوى الإرهابية بالتعاون مع الحلفاء من جهة، والمرونة الفائقة التي تسمح وتسرّع عملية فرز المسلحين من جهة أخرى. 

بعبارة أخرى، ما يجب أن يعمل به في حلب هو شكل مركب سياسي وعسكري، يقلب رأساً على عقب التكتيك الذي يستخدمه آمر العمليات، لاستدامة الحرب.