الموضوعات.. والمهام.. ووحدة الشيوعيين السوريين
لا بد أن نتذكر ونحن نناقش الموضوعات البرنامجية أن واقع الشيوعيين السوريين مرير ومؤلم، وذلك بسبب الانقسامات التي ما انفكت تعصف بالحزب حتى الماضي القريب، أهم ما نتج عنها أننا أصبحنا شيعاً وفصائل تنظيمية متجاورة، انبثقت كلها من رحم الحزب الشيوعي السوري الواحد، ذي التاريخ النضالي المجيد..
ومنذ بدء الانقسامات وحتى اليوم، يحاول الجميع أن يرث هذا التاريخ، وربما هذا طموح مشروع، ولكن اللافت أن الفصيلين الموجودين في الجبهة يسعى كل منهما لاحتكار اسم الحزب، ويدعي أنه الوريث الشرعي له.
ومن صنوف العجائب في هذا الإطار، أن أحدهما يطرح شعار وحدة اليسار السوري، والآخر يطرح شعار إقامة جبهة عالمية لمناهضة الإمبريالية والصهيونية.. ولكن المثل الشعبي يقول: من كبّر الحجر ما ضرب... إذ تُطرح هذه الشعارات بينما وحدة الشيوعيين السوريين لم تكن موضع اهتمام جدّي لأي منهما رغم ما تواجهه بلادنا من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة.
ونحن الشيوعيين في اللجنة الوطنية، قد أكدنا مراراًَ في أدبياتنا على أن وحدة الشيوعيين السوريين هي ضرورة وطنية واجتماعية وحزبية في آن واحد، وهي مطلب جماهيري وشعبي مُلح، وقد أصبحت هاجسنا وموضوع اهتمامنا وأحاديثنا في كل أوقاتنا ونشاطنا.. ولكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون:
لماذا لم تنجز الوحدة حتى الآن رغم ما قدمناه من مساع ورؤى ومبادرات وحدوية خلال السنوات الماضية؟ ومن الذي يضع العصي بين العجلات؟ أهو القدر، أم البشر؟
أنا مؤيد تماماً لما قاله الرفيق نايف أسعد في مقالة «نحو وحدة الحركة الشيوعية» في صحيفة قاسيون العدد /468/ على هذه الصفحة بالذات:
«يجب علينا أن نعمل وكأنما لا توجد فصائل أخرى، ونصل لاستعادة الدور الوظيفي للحزب على مستوى الشارع والحي والوطن».. ويؤكد الرفيق نايف على في هذا السياق أهمية دور جريدة «قاسيون» كأداة أساسية هامة في نشر سياسة الحزب والصلة بالجماهير.
أما القول: «إن اعتراف الطبقة العاملة وسائر الكادحين بالشيوعيين واستعادة الحزب لدوره الوظيفي هو أمر صعب التحقيق في حال بقاء الحركة منقسمة»، فأنا لي رأي آخر في هذا الاستنتاج، لأن الحركة الشيوعية السورية كما هي عليه الآن، وبما أصابها من تطورات وتبدلات، ستبقى منقسمة، لأن رفاقنا الآخرين في الجبهة يعيشون الآن قسطاً من الراحة، وأصبح بعضهم يفكر متى يصير عضواً في مجلس الشعب أو وزيراً أو مديراً أو قيادياً نقابياً أو عضواً في أحد مجالس الإدارة المحلية أو.. أو.. ولم يعد يهم هؤلاء سوى الاقتراب من مؤسسات الدولة حيث المنافع والمصالح المادية الرخيصة.
إن سياستنا صحيحة، متوازنة ومعتدلة وعميقة، في كل القضايا الوطنية والديمقراطية والاقتصادية الاجتماعية، وهي تحظى بتأييد جماهيري واسع، ومن يقرأ جريدتنا ـ حامل هذه السياسة ـ أول مرة، لا بد أن يطلبها مرة أخرى ليواصل قراءتها، ولكن هناك حلقة أساسية هي التنظيم، تحتاج إلى إعادة نظر وبحث واهتمام وسعي دؤوب إلى إيجاد حلول متطورة، وأرجو أن يكون شعار اجتماعنا الوطني القادم هو: (العمل لرفع مستوى التنظيم إلى مستوى السياسة)..
وأنا أتساءل فيما لو حدث انعطاف سياسي أو ديمقراطي في البلاد، فهل لدينا التنظيم والكادر المؤهل لتلقي واستيعاب هذه المرحلة؟.
الحقيقة التي يجب أن ندركها جميعنا، هي أننا إذا نجحنا في بناء حزب شيوعي صحيح سيكون هو الضامن لتحقيق وحدة الحركة الشيوعية السورية، والقادر على مواجهة الانعطافات السياسية التي قد تحصل في البلاد.
إن الفساد الذي استشرى في الدولة والمجتمع، طغى على الأحزاب أيضاً، ونحن لسنا منه، لكن لا بد أنه موجود في الصفوف بشكل أو بآخر، من هو انتهازي ومنافق ومرتش وكاذب. لذلك يجب معالجة وضع هؤلاء لكي لا تتسع دائرتهم في الحزب، ويجب تشديد مراقبة التنفيذ من فوق إلى تحت، ووضع برنامج خاص لإعداد الكادر في المحافظات، وتوسيع دائرة الأصدقاء، والاهتمام بالرفاق الموجودين فكرياً وسياسياً وعملياً، وتطبيق النظام الداخلي على حياة الحزب الداخلية، والتحلي بالأخلاق الشيوعية، أخلاق ماركس ولينين.