أمريكا تدعم الحل الأمني!!
تبدو اللوحة السورية شديدة الوضوح لمن يغريهم التحزب الأخلاقي، ونقصد بهم أولئك الذين يسرعون إلى الوقوف في صف المعارضة دون أي احتساب لأخطائها ومشاكلها تحت ضغط الدماء والأثر النفسي الهدام الذي يتركه نزيفها المستمر المتصاعد، وبالمقابل أيضاً أولئك الذين يسارعون إلى الوقوف في صف النظام بعجره وبجره تحت ضغط الخوف من المؤامرة ومن التدخلات الخارجية الوقحة..
وعند هذا الحد يصبح اجتراح موقف مخالف للطرفين ضرباً من الهرطقة التي تستحق الرجم والحرق في محاكم تفتيش جديدة «ثورية» و«نظامية».. ولن ندخل هنا في تفصيلات الاختراقات الخارجية العديدة في كلا الطرفين، ولكن سنقف للحظة عند التصريحات الأمريكية المتتالية التي جاءت على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون والتي دعت فيها المسلحين إلى عدم إلقاء سلاحهم.. ولدى محاولة تفسير هذا القول وفقاً للفرز المفروض إعلامياً والأقرب للفهم العام السائد سنجد أن معناه يتلخص بالضغط الدبلوماسي على النظام السوري ذلك أن دعم المسلحين لا يحتاج إلى تصريحات سياسية بل إلى تمويل ودعم استخباراتي يمر تحت الطاولة ووراء الكواليس.. ولكن إذا أردنا أن «نهرطق» ونخرج على الفهم السائد فسنجد أنه إلى جانب كون تلك التصريحات ضغطاً دبلوماسياً وسياسياً فإنها في الأساس تعزيز لمواقع الفاسدين الكبار أصحاب الحل الأمني داخل جهاز الدولة حيث تقدم كلينتون بتصريحاتها المتتالية هذه المبررات والحجة التي يتكئ عليها هؤلاء أمام القاعدة الجماهيرية للنظام للاستمرار بالحل الأمني لا بل وتصعيده أيضاً الأمر الذي يصب في النهاية في مصلحة أعداء سورية حيث أثبتت الأشهر المنصرمة بما لا يقبل الجدل أن الحل في سورية لن يكون إلا سياسياً والاستمرار في الحل الأمني لن يفعل سوى أنه قدم وسيقدم المبرر للتدخل الخارجي وسيدخل البلاد في دوامة حرب أهلية تفتك بحاضر سورية وبمستقبلها معاً..
هي إذاً دعوة «للهرطقة»، فلنعد لقراءة الأمور كما هي على الأرض لا كما يراد لنا أن نقرأها.