غليان في الكويت الأمير يحذر.. وتميم يزوره

حيث خرج الآلاف من أنصارها ليل أمس في قلب العاصمة الكويتية في مسيرات استبقها أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بالتحذير من مغبّة الإساءة إلى سمعة السلطة القضائية بما يشكّله ذلك من خطورة على الأمن ومؤسسات الدولة، فيما حذّرت وزارة الداخلية من تنظيم «تظاهرات غير قانونية»، مؤكدة أنها «ستجابه بكل حزم» مظاهر الشغب والعنف والتحريض.

وفي الوقت الذي تسعى فيه المعارضة الكويتية الحفاظ على المسار التصاعدي لتحركاتها الاحتجاجية، ما يضفي مزيداً من التعقيد على الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، والتي يرى المراقبون أنها تعكس خلافات داخل العائلة الحاكمة، وفي ظل اتهامات من قبل بعض المقرّبين من الحكومة للجارة قطر بالمساهمة فيها، استقبل الشيخ صباح الاحمد أمس، أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، الذي قام بزيارة سريعة للكويت استغرقت بضع ساعات.

وفي الساعة العاشرة من ليل أمس، تجمّع الآلاف من انصار المعارضة الكويتية في المسجد الكبير في العاصمة، وانطلقوا في تظاهرة حاشدة باتجاه قصر العدل، فيما كانت مسيرات فرعية تنضم اليهم.

وأظهرت مقاطع فيديو التقطها عدد من المتظاهرين قيام القوات الأمنية باطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، في محاول لتفريق المتظاهرين بعد أقل من عشر دقائق على بداية التجمع، لكن المسيرة واصلت طريقها باتجاه قصر العدل، بعدما تمكّن المتظاهرون من تخطي الحواجز الأمنية، أو الالتفاف عليها عبر الشوارع الجانبية.

ورفع المتظاهرون صوراً للنائب المعارض مسلم البراك، واطلقوا هتافات ابرزها «الشعب يريد تطهير القضاء».

وكانت السلطات الكويتية أوقفت النائب البراك، فيما قررت النيابة العامة حبسه 10 أيام احتياطياً على ذمة التحقيق معه بشأن اتهامه لقضاة بتلقي رشى، ووجهت إليه تهم السب والقذف بحق رئيس المجلس الأعلى للقضاء فيصل المرشد والإساءة إلى السلطة القضائية.

واستبق الشيخ صباح الاحمد التظاهرات بالتشديد على ضرورة الحفاظ على أمن الكويت ومؤسسات الدولة، والتحذير من مغبة الإساءة إلى سمعة السلطة القضائية.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية ـ «كونا» عن الأمير قوله، خلال استقباله ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح، تشديده على «ضرورة أن يسود تطبيق القانون على الجميع، صوناً وحماية لمؤسسات الدولة الدستورية والمرافق العامة والخاصة».

ودعا الأمير إلى «الحفاظ على أمن الوطن واستقراره وحماية مؤسساته الدستورية لاسيما السلطة القضائية وقضاؤنا العادل الذي يشهد له الجميع بالأمانة والحيدة والنزاهة والعدل»، مستنكراً «استهداف القضاء بالإساءة لسمعته ومكانته»، ومؤكداً «الثقة المطلقة به باعتباره حصناً للمواطنين... والضمانة الأكيدة للحقوق والحريات التي كفلها الدستور ونظمها القانون».

وأشارت «كونا» إلى أن رئيس مجلس الوزراء أحاط أمير البلاد وولي العهد «بما جرى من احداث وأعمال مخالفة للدستور والقانون ولا تتفق مع الشريعة الإسلامية السمحاء ومع اخلاق الشعب الكويتي خلال اليومين الماضيين».

يذكر أن هذا هو التحذير الثاني الذي يطلقه الشيخ صباح في أقل من أسبوعين، حيث سبق أن حذر، في خطاب متلفز لمناسبة حلول شهر رمضان، من أن المسار الذي أخذته الأزمة السياسية الداخلية يهدد مستقبل البلاد ووجودها، منبّهاً إلى أن الإصرار على إثارة قضية منظورة أمام القضاء ونشر الشائعات حولها، لا يمكن أن يكون أمراً عفوياً، وهو جزء من مخطط مدروس واسع النطاق يهدف إلى هدم كيان الدولة ودستورها.

إلى ذلك، اصدر الشيخ صباح «مكرمة أميرية» بإطلاق صراح عدد من المسجونين وتخفيف عقوبة عدد آخر والإعفاء من عقوبة الغرامة لقسم ثالث، وذلك لمناسبة حلول شهر رمضان، حسبما صرّح نائب وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ علي جراح الصباح.

بدورها، استبقت وزارة الداخلية الكويتية التظاهرات بإصدار بيان حذّرت فيه من أنها «ستتعامل بكل حزم وفق الاجراءات القانونية مع أية تجمعات أو تنظيم مسيرات غير مرخصة»، مؤكدة انها «ستواجه كل أعمال العنف والشغب والحرق والاتلاف والتدمير والتعدي على رجال الأمن والمرافق والمصالح العامة والخاصة والتي حدثت خلال اليومين الماضيين».

وفي بيان سابق، اشارت وزارة الداخلية الكويتية إلى انه «بالرغم من التحذيرات المتكررة التي وجّهتها الوزارة للمتجمهرين ومثيري الشغب فانهم واصلوا مساء أمس (الأول) القيام بمسيرات غير قانونية تخللتها احداث عنف وشغب في منطقة ضاحية صباح الناصر وتقاطع صباح الناصر مع السجن المركزي مخالفين بذلك القوانين التي تحظّر هذه المسيرات».

وكانت وزارة الداخلية تشير إلى مسيرتين نظمها محتجون في محافظتي الجهراء (شمال) والفروانية (جنوب غرب) تضامناً مع البراك.

وتدخلت قوات الامن الكويتية لفض هاتين المسيرتين وألقت القبض على عدد من المتظاهرين، بحسب ما أفاد ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قائلين إن الشرطة استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في الفروانية.

في المقابل، أصدرت «حركة العمل الشعبي»، التي يتولى البراك منصب أمينها العام، بياناً نددت فيه بإجراءات قوى الأمن ضد المتظاهرين.

وأشارت الحركة إلى ان الدستور يمنح للأفراد «حق الاجتماع من دون حاجة إلى إذن أو إخطار سابق»، مؤكدة رفضها «أي محاولة أو دعوة للخروج عن السلمية»، كما نددت بما تقوم به أجهزة الأمن لجهة «إقحام عناصرها لمواجهة أي تحرك سلمي من دون سند دستوري»، معتبرة أن ما يجري «محاولة متعمّدة لصرف الأنظار عن القضية الرئيسية التي تشغل الرأي العام في الكويت ويتم تداوله من أحاديث عن تحويلات وإيداعات طالت أطرافا في السلطات المختلفة وأرصدة مالية وحسابات شخصية مشبوهة لمسؤولين سابقين بلغت عشرات مليارات الدولارات».

من جهة ثانية، استقبل امير الكويت نظيره القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي قام بزيارة للكويت استغرقت بضع ساعات «للتهنئة بحلول شهر رمضان».

وذكرت وكالة «كونا» أنه «جرى خلال اللقاء تبادل الأحاديث الودية الطيبة التي عكست عمق العلاقات الاخوية الراسخة بين البلدين والشعبين الشقيقين وسبل تعزيزها في المجالات كافة بما يخدم مصالحهما المشتركة، كما تم بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وآخر المستجدات على الساحتين الاقليمية و الدولية».

يذكر أن أمير الكويت يقوم بوساطة لحل الازمة الديبلوماسية بين قطر، وبين كل من السعودية والإمارات والبحرين.

وتأتي زيارة الامير القطري في وقت شنَّ النائب الكويتي المقرب من الحكومة نبيل الفضل هجوما قاسياً على قوى المعارضة، و«الإخوان المسلمين»، متهماً إياهم بالعمل لصالح الدوحة.

وكتب الفضل عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن «الإخوان يريدون الكويت بلداً بلا كرامة ليلتهموها... وقد صلعوا عن رؤوسهم مؤخراً بعد سنوات من العمل خلف الكواليس والدفع بالسفهاء والمتهورين للصراخ في ساحة الإرادة... اليوم يدعون أشكرة (علناً) على لسان الرموز والصبية المراهقين منهم للتجمع والمسيرات مساء الأحد».

واعتبر الفضل أن تأييد بعض النواب للتظاهرات ومشاركتهم بها «دليل على التنسيق وعمل الكل عند معزب (رب عمل) واحد في الدوحة».

المصدر: السفير