بيان من تحالف المواطنة السورية المتساوية (تماسك) حول الوضع في السويداء

بيان من تحالف المواطنة السورية المتساوية (تماسك) حول الوضع في السويداء

تمر محافظة السويداء السورية بمعاناة إنسانية كبيرة تطال كل سكانها؛ فإضافة إلى الوضع المعيشي المتردي الذي يشمل كل السوريين، هنالك المعاناة التي خلفتها المجازر والفوضى الأمنية والنزوح الداخلي الكبير، وفوقها التعامل معها كمنطقة حرب عبر «المساعدات»، مع استمرار قطع طريق دمشق-السويداء، ما يشكل حالة حصار يطال عملياً الغذاء والدواء والتنقل، في وقت كان يفترض أن تكون فيه البلاد قد بدأت مسارها نحو العدالة والمواطنة المتساوية والتعافي.

إن تحالف تماسك يرى، أن استمرار حالة الحصار على السويداء، وقطع طريق دمشق-السويداء، يمثل انتهاكاً صارخاً لمبدأ المواطنة، ويشكل تهديداً لوحدة المجتمع وللسلم الأهلي، ويعمّق شعور المواطنين بالحرمان والتمييز، ويعيد إنتاج منطق الإقصاء والتهميش الذي ثار عليه السوريون منذ آذار 2011.
ما جرى في السويداء من حصار ومجازر ترك جرحاً عميقاً في وجدان الناس، وفتح المجال أمام أصوات متشددة وانفعالية؛ وبينما نرفض رفع أي شعارات انفصالية أو أعلام غير سورية على امتداد جغرافيا الوطن، ونرفض أي تدخلات خارجية سواء كانت اسرائيلية أو تركية أو غير ذلك، نُدرك أن هذه الأصوات هي نتاج مباشر لسياسات السلطة التي دفعت الناس نحو اليأس وردود الفعل الغاضبة. إن أهل السويداء، بتاريخهم الوطني العريق، كانوا وما زالوا جزءاً أصيلاً من النسيج السوري، ونجدّد تضامننا معهم في وجه الظلم، ونؤمن أن مستقبل سوريا لا يُبنى إلا بوطن موحد، حر، وديمقراطي.

في هذا السياق، يندد تحالف تماسك بأشد العبارات بما ارتُكب من مجازر وانتهاكات بحق أهالي السويداء، ويرى أن السلطة في دمشق، وبحكم وضعها القانوني والسياسي، تتحمل المسؤولية الأولى عما جرى، كما يحمل كل الجهات المتورطة مسؤولية ما لحق بالمدنيين من قتل واعتقال وترويع، ويعتبر أن هذه الجرائم تمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني واعتداءً على حقوق الإنسان الأساسية، تتطلب محاسبة صارمة وعادلة وشفافة وسريعة.

كما يدين التحالف خطاب الكراهية والتحريض الذي يُبث عبر منابر مختلفة ويحرض السوريين ضد بعضهم البعض على أسس طائفية، معتبراً أن هذا الخطاب لا يزيد إلا في تعميق الشروخ ضمن المجتمع السوري، ويخدم مشاريع الفوضى والتفتيت على حساب وحدة البلاد ومستقبلها.
وعليه يطالب تحالف تماسك برفع الحصار عن السويداء فوراً، وفتح طريق دمشق-السويداء وتأمينه، لأن فتحه هو وسيلة أساسية في إغلاق الطريق بوجه التدخلات الأجنبية. كما يطالب التحالف بضمان إطلاق سراح جميع المعتقلين والمخطوفين، ومنع أي استهداف للعاملين في المجال الإنساني، وتأمين الاحتياجات الأساسية للسكان بما يحفظ كرامتهم وحقهم في الحياة، ويعزز مبدأ المساواة بين جميع السوريين في الحقوق والواجبات.

ويرى التحالف أن استخدام الحلول الأمنية أو العسكرية محكوم بالفشل في مختلف المناطق السورية، ويدعو إلى اعتماد الحوار سبيلاً وحيداً لحل الخلافات، بعيداً عن القمع والترهيب، وحفاظاً على حقوق الإنسان وكرامة الجميع.
ويؤكد التحالف أن الحل الشامل والدائم لسوريا يكمن في مؤتمر وطني عام، تشارك فيه جميع القوى السياسية والاجتماعية من كل المناطق، بما فيها السويداء، ليكون خطوة تأسيسية نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تقوم على المواطنة المتساوية، وتكفل الحقوق والحريات، وتضع حداً لكل أشكال التمييز والإقصاء.

دمشق 
26 آب 2025