إحاطة بيدرسن لمجلس الأمن الدولي اليوم بشأن سوريا (النص الكامل)
قدم السيد غير بيدرسن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا إحاطة حول تطورات الوضع السوري اليوم الجمعة 25 نيسان 2025 وهذا ما جاء فيها.
السيد الرئيس،
يسعدني أن أقدم هذه الإحاطة أمام المجلس للمرة الأولى بحضور صديقي العزيز السيد [أسعد] الشيباني. مرحبًا بك في نيويورك. تعكس مشاركتكم اليوم التطورات المهمة التي شهدتها سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية، وأعرب عن تقديري لالتزامكم بتعزيز الاستقرار الإقليمي والمشاركة البناءة على المستوى الدولي.
السيد الرئيس،
أرحب أيضًا بوحدة موقف مجلس الأمن حول سوريا، كما تجلى ذلك في البيانين الصادرين في ديسمبر/كانون الأول ومارس/آذار، ودعم المجلس المستمر لعملية انتقالية سياسية بقيادة وملكية سورية، وبوساطة من الأمم المتحدة، بما يتماشى مع المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن 2254.
السيد الرئيس،
لم تمضِ سوى أربعة أشهر ونصف على سقوط النظام السابق وبداية فصل جديد في تاريخ سوريا. وهنا، أود أن أحيي الشعب السوري الذي، في خضم المعاناة المستمرة والشكوك والمخاطر الكثيرة، يظهر بوضوح رغبته الشديدة في إنجاح هذا الانتقال السياسي. فالإرث الثقيل من سوء الحكم والصراع والانتهاكات والفقر الذي تسعى سوريا للتخلص منه هو من أصعب ما واجهته أي دولة أو أي شعب في العصر الحديث.
وهذا يعني أن الوضع، بطبيعته، لا يزال هشًا للغاية. العناصر الأساسية لمعالجة هذه الهشاشة واضحة وجلية: نحن بحاجة إلى شمول سياسي حقيقي يمكن جميع السوريين من المشاركة الفاعلة في رسم مستقبل البلاد، بالإضافة إلى التصدي للتطرف والإرهاب، وتوفير دعم حقيقي من المجتمع الدولي لإتاحة الفرصة لإنجاح هذا الانتقال رغم كل المصاعب.
السيد الرئيس،
يمر الانتقال السياسي الآن بمنعطف حرج حقًا. فقد ساهم الإعلان الدستوري بشكل جزئي في ملء الفراغ القانوني الذي كان قائمًا قبل صدوره، وانتقلت سوريا من حكومة تصريف أعمال إلى حكومة جديدة موسعة وأكثر تنوعًا. ويعد هذا تحسنًا عما كان عليه الحال سابقًا. ومع ذلك، لا يزال هذا الإطار يفتقر إلى الشمول الكامل للانتقال السياسي.
هذا يترك الكثير من السوريين غير واثقين من مكانهم في سوريا الجديدة الناشئة. فمن البديهي أن هناك تركيزًا للسلطة، ولا تزال هناك حاجة إلى خطط لإرساء سيادة القانون وعقد اجتماعي جديد، والذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى انتخابات حرة ونزيهة.
الكثير من النساء يعبرن عن قلقهن إزاء التوجهات المجتمعية والسياسية، فلا توجد إلا امرأة واحدة من بين 22 وزيرًا في الحكومة الحالية. ولا يزال العديد من مكونات سوريا يعانون من آثار العنف الذي جرى في الساحل في مارس/آذار، والذي أثر سلبًا على بناء الثقة.
السيد الرئيس،
أثمن النقاش الصريح والموضوعي الذي أجريته حول هذه التحديات مع الرئيس أحمد الشرع في دمشق قبل نحو أسبوعين، بناءً على عدة اجتماعات عقدتها معه وبحضوركم، سعادة السيد وزير الخارجية.
تعد خطوة تشكيل مجلس شعب مؤقت خطوة حاسمة في عملية الانتقال السياسي. فقد شرح لي السيد أحمد الشرع رأيه بالتفصيل في هذا الشأن، ومن جانبي، شددت على ضرورة بذل جهود جوهرية لتحقيق الشمول والشفافية والانفتاح، نظرًا لأن هذا الكيان سيقود برنامجًا إصلاحيًا تشريعيًا عاجلًا في العديد من المجالات التي تؤثر على جميع السوريين.
كما ناقشنا في دمشق الحاجة إلى عملية دستورية مستقبلية لا تتم بوصفها عملية تقنية بمشاركة الخبراء فحسب، بل من خلال عملية تشمل جميع المكونات المجتمعية والسياسية في سوريا للمساهمة معًا في صياغة العقد الاجتماعي الجديد لسوريا، مما يمهد السبيل لإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد ذلك.
السيد الرئيس،
هناك تحدٍّ ملح آخر يتمثل في الوضع في الساحل السوري. في دمشق، التقيت بأفراد من الطائفة العلوية الذين أعربوا عن قلقهم البالغ وعرضوا روايات مروعة عن العنف. تحدثت مع السيد الشرع مطولًا حول هذا الموضوع، بالإضافة إلى أعضاء في لجنة السلم الأهلي الذين شرحوا بالتفصيل الجهود المبذولة لمعالجة هذه المسألة.
التقيت أيضًا باللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق، والتي مُددت ولايتها لثلاثة أشهر. وأناشد السوريين الذين لديهم معلومات حول الانتهاكات والعنف أن يتواصلوا مع اللجنة، التي تجري تحقيقًا في جميع الحوادث منذ السادس من مارس/آذار وحتى انتهاء مهمتها. كما أناشد السلطات المؤقتة أن تعلن عن النتائج التي ستتوصل إليها اللجنة بما يتماشى مع المعايير الدولية، وأن تتخذ الخطوات اللازمة لتقديم مرتكبي العنف ضد المدنيين إلى العدالة، كما دعا لذلك مجلس الأمن.
السيد الرئيس،
لا يزال هناك شعور بالظلم لدى الجانبين: فهناك شعور عميق بالإقصاء من العملية السياسية والقطاع العام من جانب، ومظالم عميقة أيضًا تجاه الأشخاص المرتبطين بالنظام السابق من جانب آخر. ويتعين على السلطات المؤقتة ضمان ليس فقط حماية جميع شرائح المجتمع السوري، بل أيضًا شعورها بأنها ستُشرك بشكل كامل في الحياة السياسية وهياكل الدولة، بما في ذلك في المجال الأمني.
في الوقت نفسه، فإن كل خطوة نحو إرساء سيادة القانون والمضي قدمًا على طريق العدالة الانتقالية ستسهم في طمأنة جميع مكونات المجتمع السوري، وستسهم في الحد من احتمالية وجود أفراد أو جماعات تعمل على تحقيق العدالة بأنفسها أو ارتكاب أعمال انتقامية.
السيد الرئيس،
من المهام الرئيسية الأخرى السعي إلى إعادة دمج شمال شرق سوريا بشكل سلمي. وقد أكدت للسيد الشرع مرة أخرى ترحيبي بالاتفاق المبرم في العاشر من مارس/آذار بينه وبين السيد مظلوم عبدي. وهناك إشارات مشجعة للغاية وخطوات أيضًا، منها تشكيل لجان وزيارات متبادلة، والتطورات في شمال شرق سوريا لوضع نهج تفاوضي مشترك يضم مجموعة من الأحزاب الكردية، والاتفاق على ترتيبات أمنية متبادلة في المناطق ذات الأغلبية الكردية في مدينة حلب، والانسحاب من سد تشرين، والذي كان يجب تنفيذه.
السيد الرئيس،
من المهم أن تسهم هذه الخطوات وغيرها، والتي يعزى الكثير منها إلى بناء الثقة، في عملية سياسية أوسع نطاقًا، بما يتماشى مع المبادئ الأساسية للقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن، وذلك بمشاركة جميع الأطراف والشرائح السورية.
يشكل الوضع في شمال شرق سوريا تحديات ومخاطر جسيمة من حيث تواجد عناصر داعش داخل المخيمات وخارجها، في ظل تضاؤل التمويل الدولي، ووجود قوة عسكرية كبيرة لا تزال تعمل خارج هياكل القيادة في دمشق، وتركيبة ديموغرافية وسياسية معقدة، بالإضافة إلى مطالب سياسية رئيسية تتعلق بحقوق الأكراد وقضايا اللامركزية والهوية.
السيد الرئيس،
كما ناقشت مع السيد الرئيس الشرع، هناك نية إيجابية لضمان عدم وجود أي سلاح خارج سيطرة الدولة، سواء في شمال البلاد أو جنوبها أو شرقها أو غربها، إلى جانب أفكار حول كيفية نزع السلاح وتسريح وإعادة إدماج الفصائل المختلفة. فهذه العملية معقدة وقد تستغرق وقتًا، ومن شأن بيئة سياسية مواتية وهياكل حوكمة شاملة تحظى بدعم دولي مناسب في التوقيت المناسب أن تساعد على دمج الفصائل المسلحة المتبقية في جيش وطني.
السيد الرئيس،
الانتهاكات "الإسرائيلية" المستمرة لسيادة سوريا وسلامة أراضيها تقوض من عملية الانتقال. فقد أسفرت مواجهة عنيفة اندلعت في أوائل أبريل/نيسان في محافظة درعا بين القوات "الإسرائيلية" المتمركزة في مناطق تجاوزت بشكل كبير خطوط عام 1974 وجماعات مسلحة محلية عن سقوط تسعة ضحايا مدنيين على الجانب السوري.
بعد ذلك بأسبوع، شنت "إسرائيل" موجة من الغارات الجوية على دمشق وحمص، بما في ذلك على قواعد جوية، مما أسفر وفقًا لتقارير عن سقوط ضحايا من بينهم مدنيون. هذه الانتهاكات يجب أن تتوقف. وأجدد ندائي إلى الاحترام الكامل لاتفاقية فض الاشتباك بين القوات لعام 1974، وإلى هذا المجلس أن يلزم "إسرائيل" بما تعهدت به من عدم السعي لتحقيق مكاسب إقليمية في سوريا.
السيد الرئيس،
الوضع الاقتصادي في سوريا كارثي بالفعل، في ظل تراجع مستمر في معدلات الدعم الإنساني، وهو ما يشكل خطرًا جسيمًا. وبخلاف الجانب الإنساني، فلا يمكن تحقيق استقرار وانتقال سياسي ناجح دون انتعاش واستقرار اقتصادي حقيقي.
هنا، أود أن أشيد بالدعم المقدم من دول المنطقة الذي يمكن سوريا من سداد ديونها للبنك الدولي، وأنوه بالاجتماعات التي عقدها مسؤولون ماليون سوريون في الأيام الأخيرة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن. كما أعرب عن تقديري لإجراء تخفيف العقوبات التي اتخذت حتى الآن، وأرحب باستمرار النقاشات بشأن رواتب موظفي القطاع العام المدنيين.
السيد الرئيس،
ختامًا، لقد تحقق الكثير، وهناك الكثير مما يستحق الإشادة والدعم. لكن التحديات هائلة، والوضع لا يزال هشًا للغاية. فهناك حاجة إلى مزيد من الشمول السياسي، ومزيد من العمل على الصعيد الاقتصادي. فبحدوث تغيير جذري في هذين العنصرين، يمكن للانتقال السياسي في سوريا أن ينجح. ومن دونهما، فإنه على الأرجح لن يكتب له النجاح، بما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة لا يمكن قبولها.
ونحن لا يمكن أن نقبل هذا الوضع. ولذلك، تعمل الأمم المتحدة على تسهيل ودعم عملية بقيادة وملكية سورية، وفقًا للتفويض الممنوح لنا بموجب القرار 2254. وآمل أن يواصل مجلس الأمن دعمه أيضًا لتلك العملية.
شكرًا سيدي الرئيس.
معلومات إضافية
- المصدر:
- وكالات