د.جميل: القوى الدولية باتت تدرك أن فاشية جديدة تهدد المنطقة والعالم
أعرب نائب رئيس الوزراء السوري المقال قدري جميل عن اعتقاده أن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد حتى الانتخابات الرئاسية المفترض إجراؤها العام المقبل «صار أمراً متفقاً عليه من القوى الدولية»، ورفض في الوقت نفسه الحديث صراحة عن إمكانية قيامه بلعب دور قيادي في سورية ما بعد نظام الأسد، وقال إنه «ثوري منضبط .. ملتزم بقرارات الحزب الذي أنتمي إليه .. ولا رغبة لدي سوى في أن تنتهي مأساة الشعب السوري».
وقال جميل في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية: «نعم الأسد قال إنه لا يوجد ما يمنعه من الترشح مجددا للرئاسة، ولكنه ربط ذلك بعاملين: الرغبة الشخصية والرغبة الشعبية.. والأولى برأيي موجودة ولكن الثانية من المبكر جدا الحديث عنها».
وتابع: «أعتقد أن بقاء الأسد على رأس عمله حتى إجراء الانتخابات القادمة صار أمراً متفقاً عليه ومحسوماً من القوى الدولية».
ونفى جميل أن يكون تركيز القوى الغربية على الملف النووي الإيراني قد أدى بشكل أو بآخر إلى تراجع اهتمامهم بالأزمة السورية, وقال: «الروس والأمريكيون وكل القوى الدولية أصبحوا مدركين أن هناك فاشية جديدة متمثلة في القوى المتطرفة ظهرت وتتقدم بسبب الأوضاع في سورية، ومن ثم فاستمرار هذا الوضع صار خطراً يهدد المنطقة والعالم».
ووصف جميل موقف حزب الله وأمينه العام حسن نصرالله من الأزمة السورية بأنه «عاقل جداً»، وقال: «الرجل يدعم الحل السياسي ويتهم من يرفضون هذا الحل بأنهم يريدون استمرار نزيف الدم بسورية وهو موقف عاقل جداً.. وإذا قدم حزب الله لسورية لدعم النظام، وهو يعترف بذلك ولا ينكره، فهو لم يأت أولاً، ولكن بعد أن قدم إليها عشرات الألوف من المسلحين الأجانب في الجبهة الأخرى».
وعن مؤتمر (جنيف–2) الذي تتواصل المساعي لعقده لحل الأزمة السورية، رأى جميل أن «هناك اتفاقاً دولياً على ضرورة الإسراع بعقده باعتباره المخرج الوحيد المطروح حتى الآن لحل الأزمة السورية».
وقال: «المهم الآن هو عقد جنيف–2 ليكون هناك اتفاق دولي على إخراج كل المسلحين الأجانب من سورية، وإذا لم تستطع القوى الدولية إخراج هؤلاء المسلحين، فالسوريون سيكونون بغض النظر عن مواقعهم موالاة ومعارضة قادرين على التفاهم من أجل إخراج هؤلاء بالقوة من وطنهم».
واعتبر جميل أن جنيف–2 سيكون «بداية لتعهد السوريين بإيقاف النزاع المسلح فيما بينهم وبدء عملية سياسية ديمقراطية تحت رقابة جدية تسمح للشعب السوري بتقرير مصيره، وهو أيضا بداية لإنهاء التدخل الخارجي عبر إلزام القوى الغربية الدولية لبعض الدول والقوى الإقليمية بالكف عن العبث بأمن وسيادة سورية».
ولفت إلى أن «جزءً هاماً وكبيراً من المسلحين المتطرفين ليسوا من أبناء سورية وإنما قدموا إليها من الصين وإسبانيا وليبيا وتونس وأفغانستان وغيرها من الدول.. وأتساءل ما علاقة هؤلاء بالثورة السورية وبرامجها المطالبة بالكرامة والحرية والديمقراطية».
وأشار إلى احتمال تطور الأمر إلى تصارع بين هؤلاء المتطرفين «مع السوريين أصحاب القضية سواء كان هؤلاء السوريين مع المعارضة أو النظام».
ورفض جميل وهو رئيس (أمين) «حزب الإرادة الشعبية» التشكيك المبكر في قدرة المؤتمر على إحراز أي تقدم على الأرض، رغم إقراره بصعوبة هذا الواقع خاصة مع تعدد وتداخل المواجهات المسلحة بين النظام وفصائل المعارضة من جهة أو بين الفصائل فيما بينها.
وقال: «يجب النظر للأمر بالعكس تماماً.. ففي ظل عدم قدرة أي طرف على حسم الصراع عسكرياً، يكون الحل السياسي هو البديل، والأخير ليس شيئاً سحرياً بل عملية تبدأ وتتطور.. المشكلة بين الأطراف المتواجهة بسورية هي مشكلة ثقة وضمانات، فإذا جلسنا لطاولة حوار وبدأنا تكوين جسور ثقة سيحدث التقدم ثم نبدأ ملاحظة نتائجه العملية على الأرض».
وتابع: «90% من السوريين ليسوا مع المعارضة المتشددة أو الجزء المتشدد من النظام، فقد تعبوا وأرهقوا وينتظرون حلا لمشكلاتهم المتصاعدة والمتعددة على جميع المستويات.. وإذا توفرت بوادر الحل فإنه سيلقى دعماً من هذه الأكثرية وهذا ما سيفرض نفسه على كافة التكوينات السياسية والمسلحة».
وقلل جميل من قضية سحب الكثير من فصائل المعارضة المسلحة، وتحديدا ذات الصبغة الإسلامية منها، اعترافها بالائتلاف الوطني المعارض, وقال: «من لا يعرف الواقع السوري جيداً، من الممكن أن يخدع بهذه الأحاديث الإعلامية».
وتابع: «هناك مناطق بأكملها ليست مع تلك المعارضة المتشددة ولا مع النظام، ولكنها أنشأت قواها الذاتية لحماية نفسها، وليس معنى رفعها للسلاح أن تصور إعلاميا على أنها فصائل مسلحة ، وذلك هو حال الأكثرية الساحقة من السوريين».
وأوضح جميل «أنه ليس فقط مؤيداً لمشاركة إيران في مؤتمر جنيف–2 بل يصر على ضرورة مشاركتها ومشاركة جميع القوى الإقليمية في هذا المؤتمر لأن حضورهم يعني التزامهم بالنتائج».
وأقر جميل بوجود خلافات سياسية كبيرة بين موقفه وموقف الائتلاف الوطني المعارض، وأوضح أن هذه الخلافات تتعلق «بوضعهم شروط مسبقة للمشاركة بجنيف–2 كضرورة تنحي الأسد قبل بدء الحوار»، وأوضح أنه يرفض ذلك «ليس دفاعاً عن الأسد، بل من أجل مصلحة الحوار وإنجاحه.. نصر على رفض أي شروط مسبقة من أي طرف سواء معارضة أم نظام».
وأضاف أن من أسباب الخلافات «رغبتهم في استدعاء التدخل الخارجي ورؤيتهم أن الحسم العسكري هو الحل».
وفيما يتعلق بمشاركته شخصياً في جنيف2, قال: «هناك قوى معارضة سورية فوضتني بتمثيلهم في التحضير للمؤتمر، والمهم لدينا هو عقده، وأعتقد أنه سيعقد قبل نهاية العام الجاري كما يتحدث الجميع.. أما قائمة المشاركين به فلم تتحدد بعد».
وعما إذا كان يرى أن النظام سيعرقل عقد المؤتمر في ظل مواصلته تحقيق تقدم عسكري على الأرض، قال: «العكس هو الصحيح.. فالتقدم العسكري إذا تحقق فعلياً للنظام، فهذا يعني أن شروط التفاوض قد تحسنت لديه».
ونفى جميل أن يكون النظام هو المسؤول عن هجمات الكيماوي بالغوطة، وقال: «النظام حينها كان بالفعل يتقدم عسكرياً هناك وليس من مصلحته ارتكاب جريمة من مثل هذا النوع.. وأرجح أن يكون طرفاً ثالثاً وراء تلك الجريمة: ربما قوى خارجية إقليمية أو دولية أو فصائل متطرفة هي من ارتكبت تلك الجريمة لإيقاف تقدم النظام عسكرياً ولتجيش المجتمع العالم ضد سورية واتخاذ قرارات دولية حازمة ضدها».
وحول احتمال أن يكون له دور في مستقبل سورية, أجاب: «أنا إنسان ثوري منضبط، ولا أعمل طبقاً لمزاجي وأهوائي الخاصة بل أنا ملتزم بقرارات الحزب والجهة التي أنتمي إليها وهم الذين يقررون الشكل الأمثل لموقعي.. وعلى المستوى الشخصي لا رغبة لدي سوى أن تنتهي مأساة الشعب السوري».
وأضاف: «البعض يختزل تغيير النظام في تغيير الرئيس كما حدث ببعض الأنظمة بالمنطقة، ونحن نرفض ذلك ونصر على تغيير بنية النظام بأكمله على مختلف الأصعدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وبعد ذلك يقرر الشعب من يحكمه، وحينها سيكون هذا الأمر شأن ثانوي تفصيلي».
المصدر: د ب ا