قانون أملاك الغائبين والاستيطان وجهان لعملة واحدة
وجه حقوقيون فلسطينيون أصابع الاتهام "للمحكمة العليا الإسرائيلية" لسماحها لسلطات الاحتلال بالاستحواذ على عقارات في القدس الشرقية تعود ملكيتها لفلسطينيين مقيمين في الضفة الغربية.
وصدرت هذه الاتهامات والانتقادات إثر إقرار "محكمة العدل العليا الإسرائيلية"، في منتصف شهر أبريل/نيسان، تطبيق قانون أملاك الغائبين على عقارات فلسطينية داخل القدس الشرقية يقطن أصحابها في الضفة الغربية، وهو ما اعتبره الفلسطينيون سابقة خطيرة تهدد بمصادرة عشرات العقارات بالقدس لأهداف استيطانية.
ودانت منظمة التحرير الفلسطينية قرار "المحكمة العليا الإسرائيلية" واعتبرته تشريعا للسطو يشكل فصلا جديدا في مسلسل سياسة العنصرية و"اللصوصية" الذي يطبقه الكيان الصهيوني.
وتاريخيا، كانت "إسرائيل" قد أقرت قانون أملاك الغائبين عام 1950، لتتمكن من مصادرة عقارات ضمن حدود الدولة العبرية والتي تعود ملكيتها أصلا لفلسطينيين أو رعايا دول عربية، إلا أن "المحكمة العليا الإسرائيلية" اعتبرت في قرارها الأخير أن هذا القانون ساري المفعول على عقارات القدس الشرقية التي ضمها الاحتلال الاسرائيلي عام 1967 وتعود ملكيتها لفلسطينيين مقيمين في الضفة الغربية.
وينص قانون أملاك الغائبين على "أن من له أملاك وأراض من الفلسطينيين ورعايا الدول العربية الذين مكثوا في البلاد العربية منذ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947 أو خارج حدود إسرائيل فإن أملاكهم تنقل إلى سلطة القيم على أملاك الغائبين"، يذكر أن الكيان الصهيوني منذ نشأته عمد على سن قوانين واعتماد أنظمة تمنع أصحاب الأرض الأصليين من العودة إلى ممتلكاتهم، فقامت سلطاته بمصادرة وتجريف آلاف الأراضي وهدم المئات من المنازل الفلسطينية، وأنشأت عليها العشرات من المستعمرات اليهودية.
الفلسطينيون يطالبون بأرضهم والمستوطنون يصعدون
ورفع العديد من الفلسطينيين الذين يقيمون في الضفة الغربية قضايا لاسترجاع أملاكهم في مدينة القدس الشرقية نظرت فيها محاكم الاحتلال بكل أشكالها لسنوات، وأمرت بإعادة بعض الممتلكات فقط، لكن القرار الأخير الصادر في الـ15 من أبريل/نيسان أغلق الطريق نهائيا أمام أصحاب الأرض اللجوء إلى القضاء للطعن في مصادرة الممتلكات.
وبين المحامي مهند جبارة أن الهدف الأساسي من القانون هو شرعنة سلب الأملاك الفلسطينية والاستيلاء على أملاك اللاجئين الفلسطينيين لتحويل أملاكهم إلى أملاك دولة، مضيفا أن "إسرائيل" مارست قانون أملاك الغائبين على الفلسطينيين في مدينة القدس بعد احتلالها مباشرة في 1967.
وقال مهند جبارة إن الاحتالل الإسرائيلي صادر عشرات العقارات خصوصا في القدس القديمة وسلوان وسلمه الى الجمعيات الاستيطانية بموجب هذا القانون وصادر أراض كثيرة وآلاف الممتلكات مشددا على أن هذه الاجراءات تتعارض والقانون الدولي.
يذكر أن العاملين على ملف أملاك الغائبين قدموا عام 2005 التماسا للمحكمة العليا بينوا فيه أن "المواطن الفلسطيني الذي يعيش في مدينة رام الله أو الخليل هو كان يعيش تحت الحكم العسكري الإسرائيلي والاحتلال الإسرائيلي، أي أنه في الحيز الإسرائيلي وليس في دولة أخرى"، مؤكدين أن رسالة الالتماس قبلت وتم إيقاف قرار مصادرة بعض الأملاك.
وفي نفس السياق وحتى لا تقع المحكمة العليا في التناقض، استأنفت إسرائيل هذا القرار في قضايا أخرى، لأنه في ظل قبولها بالادعاء سيكون إلزاما عليها إرجاع الأراضي والأملاك وتقديم تعويض للفلسطينيين.
وهذا ما أكده محامي الدولة المختص بقضايا الأراضي موشي غولان، حيث قال إنه في حال قبول الادعاء الذي ينص على أن الفلسطينيين كانوا تحت السيطرة "الإسرائيلية" في الضفة الغربية، وهذه الأملاك ليست أملاك غائبين فإن ذلك سوف يؤدي إلى زعزعة الموازين العقارية في القدس الشرقية، مبينا في هذا الحالة أن كل ما أخذته "إسرائيل" في مدينة القدس خطأ.