خطوه متأخرة .. ولكن ضرورية
في الأزمات الخطرة التي تهدد الدول والشعوب بمصيرها جراء العدوان عليها، يجري إعلان الاستنفار إلى حدوده القصوى اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً من أجل مواجهة الأزمة، وخاصةً البنية التحتية ومنها المنشآت الاقتصادية التي في استمرار عملها تتأمن مقومات الصمود والمقاومة لمواجهة العدوان والأزمة،
وتجارب الشعوب بهذا الخصوص كثيرة يأتي في مقدمتها ما تم اتخاذه من إجراءات في الحرب العالمية الثانية أثناء الهجوم النازي على الدولة السوفييتية حيث جرى نقل أغلب المعامل إلى مناطق آمنة تؤمن استمرارية الإنتاج فيها لتدعم خط الجبهة المقاتلة المتصدية للعدوان وهذا الإجراء الكبير كان له دور عظيم في تأمين متطلبات الشعب والجيش معاً طوال فترة الحرب حتى تحقق دحر العدوان والانتصار الذي آمن وحدة البلاد، والانتصار على العدو النازي، الذي أعاد ترتيب التوازنات، والنفوذ على الصعيد العالمي و خلَص البشرية من الوحش الهائج.
في التجربة السورية مع الأزمة لم تكن الإجراءات باتجاه تأمين البنية التحتية كافية، خاصة المعامل والسكك والمطاحن والمطارات، وغيرها من المنشآت التي لها أهمية استراتيجية على صعيد تأمين مستلزمات المعركة الدائرة رحاها، التي أصابت بنيرانها البشر والحجر والشجر مما أضعف الإمكانات حيث أظهرت الأزمة الفجوات الكبيرة في بنية الدولة وأجهزتها المختلفة التي من المفترض أن تكون مهيأة لكل الظروف الطارئة، وأن يكون هناك حسابات دقيقة لما ستتطور إليه الأزمة، خاصةً وأن العدو الخارجي قد أظهر موقفه المعادي مبكراً، منذ اللحظة الأولى للأزمة، وأنه سيستمر في دعمه حتى تحقيق أهدافه المعلنة في تقسيم الوطن أرضاً وشعباً حيث تطلب هذا الرد عليه ليس بالوسائل العسكرية فقط مع ضرورتها بل بإجراءات على الأرض مكملة وداعمة للعمل العسكري من خلال تأمين استمرار الإنتاج في الظروف الجديدة، وهذا ما لم يجر بالسرعة والهمة الكافيتين مما أكسب العدو الخارجي وأدواته الداخلية ميزات هامة استغلت في تضييق الحصار على شعبنا المترافق مع الحصار الخارجي المضروب بقرار من الغرب الاستعماري والإمبريالية الامريكية.
القرار الذي اتخذته وزارة الصناعة بالسماح للقطاع الخاص بنقل معامله إلى المناطق الآمنة مؤخراً هو قرار ضروري وهام وهو في مصلحة الاقتصاد الوطني والإنتاج الوطني والعمال العاطلين عن العمل بسبب الأحداث ولكن الهام أيضاً هو أن يكون هناك إجراء مماثل يشمل معامل القطاع العام الواقعة في بعض المناطق الساخنة، التي لها أهميه خاصة مثل معامل الأدوية حيث تأخر القرار كثيراً في عملية نقلها كمعمل تاميكو للأدوية الذي كان في الإمكان حمايته عبر نقله إلى مكان آخر أكثر أمناً ليعاود الإنتاج لمواد في غاية الأهمية للمواطنين.
إن اتخاذ القرار بنقل المعمل الذي طالب به العمال منذ بداية الأحداث جاء متأخراً بسبب حجج كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان والدليل على ذلك هو القرار المتخذ بنقل المعمل مؤخراً مع أن الظروف سابقاً كانت أفضل ولو تمت العملية لوفرت الإدارة ومن بحكمها ملايين الليرات السورية على الشركة.