وجدتها: باديتنا المنهوبة
عانت الباديةة السورية في فترات مضت من قضية حقوق الرعي التي تحولت من نظام الحقوق المكتوبة تاريخياً في المراعي إلى نظام الرعي الحر أو المشاع الذي أسس له قانون الرعي الحالي، وهو أحد العوامل المسؤولة عن تدهور المراعي وذلك بسبب عدم الوعي البيئي الذي يؤدي إلى البدء بعمليات الرعي المبكر والرعي الجائر تطبيقا» للمقولة ( الكسب لمن سبق ) أي الذي يسبق بدخول المرعى هو المستفيد من الرعي المبكر، وهذا لا يسمح بنمو الغطاء النباتي بالشكل المطلوب لذلك فإن التخصص عامل يساعد على تنمية المراعي بسبب الحماية، الذي يسمح بإعادة الغطاء النباتي بشكل جيد، وهذا مما يسمح بزيادة الكمية الجافة الناتجة من وحدة المساحة لتأمين احتياجات القطيع التي تتزايد بشكل دائم.
وكثيراً ما لجأ سكان البادية لاقتلاع الشجيرات الرعوية لاستخدامها كوقود مع تزايد السكان لتأمين الاحتياجات المنزلية، ودخل ذلك في نطاق سوء الاستخدام، ولسوء الحظ فإن الشجيرات المرغوبة كمرعى هي نفسها المرغوبة للاحتطاب، ونتيجة الممارسات السابقة حصل انحسار في الغطاء النباتي وفقد معمراته وحولياته وتعرض التربة للانجراف والتعرية، وأخذت طريقها إلى التدهور، كما تلاشت تقريباً الحيوانات البرية من غزال ومها وحمار الوحش السوري والنمر التدمري من البادية السورية، وتأثرت نتيجة لذلك الثروة الحيوانية وإنتاجيتها من أغنام وإبل وماعز وانعكس ذلك على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعاشي لسكان البادية .
كما أن استخدام وسائط النقل المختلفة لنقل الأغنام من مكان إلى آخر بحثاً عن المرعى، إضافة إلى صهاريج المياه الأخرى والجرارات الزراعية وحركتها العشوائية، ساهم بعدم السماح للنباتات بالنمو وتحطيم الغطاء النباتي وتفتيت التربة السطحية، مما جعلها عرضة لفعل الرياح والعواصف، مما ساهم في نقل حبيبات الطين والسلت الناعم كأغبرة ، كما أن حبيبات الرمل الأكبر حجما أخذت تنتقل قفزاً أو زحفاً على سطح التربة وتتراكم على الحواجز أو فوق الغطاء العشبي مما ساهم في القضاء على الغطاء النباتي.
كل هذه المشاكل والصعوبات باتت الآن أضعافاً مضاعفة مع مرور الآليات في زمن الحرب بطريقة أكثر عشوائية وفقدان السيطرة على معظم مناطق البادية، ولا ندري ماذا حل بالغطاء النباتي والمراعي.
إن دراسة الواقع الراهن وترميمه بعد الحرب واحدة من الأولويات العلمية والبيئية والاقتصادية الأساسية للبادية السورية.