ماذا يقول العلم عن الآثار البيئية للحرب؟

ماذا يقول العلم عن الآثار البيئية للحرب؟

لا تخلو حروب العصر الحديث من أشكال الدمار التي تهدد الأمن البيئي على نطاق جغرافي واسع، حيث لا تعرف الآثار البيئية المدمرة التي تخلفها الحروب الحدود الجغرافية أو السياسية بين الدول، والتي غالباً ما تتعدى دولاً ومناطق تبعد عن مواقع العمليات العسكرية مسافات بعيدة، وذلك لاختلاف نوعية الأسلحة الحديثة وشدة درجتها التدميرية ونتائجها وما يتخلف عنها في الطبيعة.

وتبرز إشكالية تقدير خسائر الحرب التي تتطلب الاطلاع على مسرح العمليات الحربية والمدة الزمنية والتكتيك المعتمد والأسلحة المستخدمة ونوعية الذخائر والمواد، وذلك للتعامل مع مصادر الخطورة المباشرة وغير المباشرة على البيئة والإنسان. ولا توجد في الواقع معلومات مؤكدة، لاختلاف البيانات والتقديرات بين الأطراف المشتركة في الحرب.

تحديد حجم الخسائر

ويرى الخبراء أنه يمكن اعتماد طريقة لتحديد حجم الخسائر تقوم على أساس تصنيف أنواع الخدمة العسكرية وآليات إعلان الخسائر وكذلك تصنيف الخسائر إلى خسائر منظورة مادية وبشرية وخسائر غير منظورة (المكانة، المعنويات، الهيبة، التأثيرات النفسية والرعاية الاجتماعية). وحجم الخسائر البيئية نتيجة الدمار الشامل للحروب التي من الصعب حصرها أو تقدير أبعادها المكانية والزمنية.

ما يصاحب الحروب من الدمار البيئي الشامل لا يفرق بين البيئة الطبيعية والسكان، والنتائج المترتبة على الحروب تؤدي لا محالة إلى تغيرات حادة في النسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للشعوب، وزيادة معدلات السرطان والأمراض المعدية.

حراقات النفط

برز حرق النفط في الحراقات كأحد أبرز مظاهر التلوث أثناء الحرب الدائرة في سورية، 

وتعتبر هذه المواد البترولية مزيجاً من المواد منها المواد الكيميائية المسببة للحساسية والالتهابات الرؤية والجهاز العصبي والتنفسي والهضمي ومنها أيضاً بعض المواد التي تسبب قدراً من الخلل في الجينات الوراثية إضافة إلى الآثار التراكمية والتي قد تسبب السرطان، وهي تسبب سحابة سوداء هائلة من الأدخنة تتركب من ثاني اكسيد الكربون واكاسيد النيتروجين والهيدروجين والكربونات المعلقة وكميات هائلة من المواد المتطايرة تمثل من 01-05% من الزيت المتطاير، ومركبات الالدهيدات والبنزين وأول اكسيد الكربون واكاسيد النيتروجين والكبريت والمواد الأخرى الضارة.

وهناك عدد من الآثار تندرج ضمن عدة فئات، منها:

-الآثار الناتجة عن تأثير فيزيائي أو كيميائي على الغطاء النباتي: وتشمل هذه الفئة تآكل وعدم إعادة النمو و التصحر.

-آثار المواد الكيميائية الناتجة عن استخدام الأسلحة والآليات المسلحة: تستخدم الدبابات والمدفعيات مادة ثنائي الفينيل متعدد الكلور في أنظمتها الهيدروليكية و هي مادة من الملوثات العضوية الثابتة. أما الآثار الناجمة عن الأسلحة ذاتها فإن الرصاص العادي وصواريخ الدبابات تحتوي على اليورانيوم. كما أن المتفجرات هي مركبات النيتروجين العضوية والتي تحتوي على الزئبق في بعض الأحيان. بالإضافة إلى ذلك، تعيق الألغام والقنابل التي لا تنفجر أثناء القتال استخدام مساحات واسعة من الأراضي بعد نهاية الحرب.

آثار اقتصادية واجتماعية

وبالإضافة إلى الآثار على الصحة العامة والبيئة فهناك آثار اقتصادية واجتماعية ناتجة عن هذه الكوارث البيئية الناتجة عن الحروب ومن هذه الآثار:

حيث تسبب الحرب ركوداً اقتصادياً كبيراً بحيث تتركز جهود المجتمعات في توفير وخزن المواد الغذائية خشية من آثار هذه الحروب إضافة إلى الأعباء الاقتصادية والتي تواجهها الدول من الآثار البيئية الناتجة عن آثار صحية وذلك في عملية توفير الأدوات والمعالجات للمشاكل الصحية التي قد تنتج عن هذه الأضرار البيئية.

هناك آثار أخرى على القطاعات الاقتصادية التي لها علاقة بالعالم الخارجي كقطاع النفط والسياحة والنقل الجوي والبحري بما في ذلك الصادرات فضلاً عن قطاع الاستثمارات الأجنبية، إذ إن الحرب تؤدي إلى انحسار وتوقف حركة السياحة والأنشطة المصاحبة لها كخدمات النقل وغيرها.

- ارتفاع المستوردات وتدني الصادرات ما يجعل ميزان المدفوعات يتجه نحو تحقيق عجز بسبب الحرب والعدوان ويتأثر به القطاع المصرفي أيضاً بسبب ارتفاع الفوائد لتعويض العجز.

يتأثر -النقل الجوي والبحري بسبب تراجع عملية الطيران، إضافة إلى النقل البحري والذي يتأثر سلباً بسبب زيادة التأمين على البواخر والبضائع.

- الجانب النفسي والإقبال على شراء المواد الغذائية والعملات الأجنبية ووجود عجز في ميزان المدفوعات يؤدي ذلك إلى التأثير على سعر الصرف وخفض احتياطات البنك المركزي من العملة الصعبة وهذه العوامل إجمالاً تؤدي إلى ارتفاع أسعار العملة الأجنبية وانخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار كما أنها تؤدي إلى آثار اجتماعية.

- زيادة الأعباء على الاقتصاد الوطني بسبب التلوث البيئي الناتج عن الحرب مما يؤثر على المحاصيل الزراعية، وهذا يؤدي إلى آثار صحية شاملة تكلف الصرف والإنفاق لمواجهة هذه الأمراض والأوبئة التي تحصل بسبب الملوثات والتلوث البيئي الحاصل بسبب الحرب، إضافة إلى مواجهة العجز في جانب المحاصيل الزراعية والخسارة بسبب تأثر البيئة البرية والمائية.

نسبة البطالة والفقر

- بسبب الآثار الاقتصادية والتي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع العملات الأجنبية تؤدي إلى تسريح كثير من الموظفين العمال مما يزيد نسبة البطالة واتساع رقعة الفقر.

- - بسبب التلوث الجوي الناتج عن احتراق النفط نتعرض للكوارث البيئية.

- انتشار الأمراض في أوساط المجتمع ومنها الأمراض الحادة ومنها التراكمية وبالمقابل يتأثر المجتمع والاقتصاد العام لمواجهة هذه الأوبئة ومحاولة التغلب عليها.

 

هذه أبرز آثار الحرب والذي تؤثر علينا من الجوانب البيئية والصحية والاقتصادية والاجتماعية، ومما لا شك فيه أن هذه الآثار تزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية .