وجدتها: دماغ الوطن
بعدما حمل قطار اللجوء إلى أوروبا خيرة علمائنا وباحثينا الشباب على وجه الخصوص، أثقل الفراغ مؤسساتنا البحثية وجامعاتنا، ورغم الإجراءات القانونية كلها التي هدفت إلى عرقلة هروب هؤلاء من المراكز البحثية والجامعية، إلا أن سياسة العصا والجزرة غير المتوازنة لم تستطع إلا أن تميل كفة الجزرة الأوروبية والأجنبية عموماً.
إن سياسة العصا والعصا، التي يترنح تحتها الباحثون بين مطرقة الأوضاع الأمنية المتوترة وسندان الأوضاع الاقتصادية المتردية بشكل متسارع، يوماً بعد يوم، لم تترك خيارات عديدة، ليس ذلك نوعاً من التبرير لمن سافر بحثاً عن حياة أفضل، لكنه لوم شديد على عدم توفير أي نوع من أنواع المغريات ولو البسيطة في هذا الزمن الصعب الذي تحتاج فيه البلاد إلى كل ذرة عقل من عقول وأدمغة علمائها ومفكريها وباحثيها.
فحين تصبح رواتب الباحثين تكفي بالكاد تكاليف وصولهم وتنقلهم من وإلى عملهم، يكون اللامنطق سيد الموقف.
ففي سلم الاحتياجات البشرية، يقع الباحثون والمفكرون والعلماء في أعلى قائمة الاحتياجات، لأن استعادة قوة عملهم، لا تكون بالطعام والشراب والسكن وحدها (وهي حاجات بشرية أساسية)، إن استعادة قوة العمل الفكرية كما هو معروف بحاجة إلى متطلبات أعلى بكثير، تتضمن الكثير من الاطلاعات الفكرية والعلمية، بالإضافة إلى الراحة النفسية، ونوعاً من أنواع الرفاهية التي تؤمن القدرة على التفكير المتوازن والصحيح.
إن تصدير العقول إلى الخارج بهذه الطريقة المستهترة في التعامل مع أمر خطير كهذا، لهو نوع من أنواع الجرائم، التي ربما لا ينص عليها القانون، لكنها واضحة للقاصي والداني، لقد حان وقت التمسك بهؤلاء الباقين، لأنهم دماغ الوطن.