وجدتها: هل يمكن استخدام الأصول التطورية في غير مكانها؟

وجدتها: هل يمكن استخدام الأصول التطورية في غير مكانها؟

تعتبر العلوم البيولوجية في الدرجة العليا من العلوم فوق الرياضيات والفيزياء والكيمياء، لكنها تقع بالطبع تحت العلوم الاجتماعية، ويبدو من الشائع استعارة مناهج وطرق البحث من درجة أدنى إلى درجة أعلى، لكن استعارة منهج الأصول التطورية بالطرق الحديثة بنفسها، يبدو ممتعاً بل طريفاً.

إذ يساهم تطبيق التحليل العلمي المستخدم من قبل علماء الأحياء، في إبراز مفاهيم جديدة حول أصل وتطور الحكايات الشعبية، كحكاية ذات الرداء الأحمر (ليلى والذئب) ولتكوين شجرة تطورية لمخطط الحياة الإنسانية.

يوضح الدكتور جامي طهراني، عالم الأنثروبولوجيا، كيف تتشارك حكاية ذات الرداء الأحمر، بوجود أصل مشترك وقديم مع حكاية شعبية أخرى معروفة عالمياً، وهي حكاية (الذئب والصغار) على الرغم من كَون كلا القصتين مختلفتين عن بعضهما في الوقت الحاضر.

يُشبه مسألة الاشتراك في الأصل بين الحكايات الشعبية، بالسلف المشترك بين الإنسان والقردة الأخرى، إذا يتشارك الاثنان بوجود سلف مشترك واحد، ولكن تطور كل منهما بشكلٍ أدى إلى وجود أنواع متميزة عن بعضها. وتوصل إلى أن حكاية الذئب والصغار نشأت على الأرجح في القرن الأول بعد الميلاد وتفرعت عنها حكاية ذات الرداء الأحمر بعد عشرة قرون.

تدور أحداث حكاية الذئب والصغار، وهي حكاية شعبية معروفة في الشرق الأوسط وأوربا حول ذئب يقوم باحتجاز الجدة الماعز والتهام صغارها، بينما تدور أحداث حكاية ذات الرداء الأحمر حول ذئب يقوم بالتهام فتاة صغيرة بعد أن يحبس جدتها، وللقصة صور مختلفة شائعة في أفريقيا واليابان، كحكاية (الجدة النمر) المعروفة في كوريا واليابان.

أخضعت 58 من المُتغيرات في الحكايات الشعبية لنوع التحاليل يُستخدم غالبا من قبل علماء الأحياء، لفرز الكائنات الحية المتقاربة بدرجة كبيرة من أجل تكوين مخطط لشجرة الحياة يتم فيه تحديد الفروع المختلفة لتطور الكائنات الحية من كائنات أخرى أقدم. وكذلك تم تركيز التحليل على 72 متغير في أسلوب سرد الأحداث، كشخصية البطل في القصة، وهل هو رجل أم امرأة، طفل أو مجموعة من الأخوة، بالإضافة إلى ماهية شخصية الشرير في القصة، هل هو غول أو ذئب أو نمر أو كائن آخر، وما هي الخدعة التي يستخدمها الشرير لخداع الضحايا، ومصير الضحية سواء كان قد أكله الشرير أو هرب أو تم إنقاذه.

 «يقدم البحث حلاً للغز ظل قائماً لفترة طويلة. إذا تبين أن الحكايات الأفريقية تنحدر من حكاية الذئب والصغار، وبمرور الوقت تطورت هذه الحكايات لتصبح كحكاية ذات الرداء الأحمر والتي يرجح أن تكون هي الأخرى متفرعة من حكاية الذئب والصغار».

 

تماثل هذه العملية ما يطلق عليه علماء الأحياء بالتطور التقاربي والذي تُطَوِر في الأنواع الحية تكيفات متماثلة بشكلٍ مستقل. وتقترح حقيقة تطور حكاية ذات الرداء الأحمر مرتين منذ نشأتها بأن لهذه الحكاية تأثير قوي يحرك الخيال لدينا. 

آخر تعديل على الإثنين, 13 تموز/يوليو 2015 13:37