وجدتها: أخلاق العلماء
تنبثق قرارات علم أخلاق العلماء من مهمات العلم، التي هي البحث عن الحقيقة من أجل مصلحة البشرية (كما يعبر علم الأخلاق الماركسي). ولذلك ففي ميدان العلم ليس هناك ما هو أكثر أخلاقية من الحقيقة.
جرت في التاريخ محاولات عديدة لوضع قوانين لسلوك العلماء، ومنها الوصايا العشر التي يكون على إنسان العلم أن يسترشد بها حسب رأي فيورباخ: فالعالم مناضل شجاع من أجل الحقيقة غير أن له هو نفسه خلقاً محباً للسلم، ويكون العالم متواضعاً، فالأهم بالنسبة له أن يتعلم من أن يبدو دوماً على حق، وهو يسير في طريقه ويتعمق في موضوعه دون أن يتلفت يمنة أو يسرةـ ولا يعرف العالم لذة أكبر من أن يعمل وأن يكون فعالاً، وهو دائماً بسيط ويمكن الوصول إليه، وبعيد كل البعد عن التكبر والعنجهية، وليس لديه الوقت للأفكار العابثة وغير الموثوقة، ولا يلهث وراء مراسيم الشرف والثروات فهو يجد سعادته في العلم.
وتعتبر النزاهة هي الفضيلة الأساسية عند العالم، فهو إنسان موضوعي، وحر من نفسه في ذاتها، وبغض النظر عن لا تاريخية هذه الوصايا ففيها الكثير من الحقيقة.
في الواقع تتطلب خدمة العلم الدفاع عن الحقيقة ضد ادعاءات تلك القوى الاجتماعية أو بعض الأشخاص الذين يعيقون الوصول إلى الحقيقة واستخدامها في مصلحة البشرية انطلاقاً من مختلف التصورات (العقائد الرجعية أو الجهل، من أجل السمعة أو حب الذات). ويسمح هذا بالقول إن وجود سمات أخلاقية معينة إلى جانب القدرات في البحث العلمي ذاتها يعتبر واحداً من الدلائل على الصلاحية المهنية للعالم.
إن إدراج المفاهيم الأخلاقية في العلم غائب في مناهجنا التعليمية والبحثية، وهو ضرورة قصوى في هذه المراحل العصيبة، عندما اختلطت الأمور وباتت رمادية جداً.