معالج على غرار الدماغ البشري
حسام ألماني حسام ألماني

معالج على غرار الدماغ البشري

تحاول فرق من العلماء دوماً استخدام طرق التفكير والمنطق البشري لتطوير الحواسيب وجعلها أكثر كفاءة وأكثر سهولة وفي الاستخدام، لكنها لا تبدو مهمة سهلة أبداً

بنى فريق من IBM دماغاً عملاقاً مع معالج يحاكي الأداء الإدراكي للمخ البشري. باستخدام نوع السيليكون نفسه المستخدم في تصنيع رقائق الكمبيوتر التقليدية، وتم تصميم «معالج neurosynaptic» لتوزيع مهام الحوسبة المختلفة المرتبطة بذاكرة التخزين والتواصل عبر أكثر من أربعة آلاف من النوى الفردية. التي عند ارتباطها معاً، يمكنه للرقائق إنشاء شبكة متشابكة تعمل على كمية منخفضة بشكل لا يصدق من الكهرباء. أطلق الفريق على النظام الجديد اسم «TrueNorth».

أجهزة كمبيوتر تفكر

معظم أجهزة الكمبيوتر الحديثة «تفكر» باستخدام نوع الهندسة المعمارية الحوسبية نفسها التي صممت في الأصل من قبل الفيزيائي الهنغاري الأمريكي جون فون نيومان في 1945. الحواسيب التي تستخدم هندسة فون نيومان المعمارية في تخزين البيانات المرتبطة مع البرنامج في ذاكرة الوصول العشوائي منفصلة عن وحدة المعالجة المركزية. ذاكرة الوصول العشوائي ووحدة المعالجة المركزية تمرر المعلومات والكمبيوتر ذهابا وإيابا، ولكن لا يمكن الاتصال في الوقت نفسه. أكثر تعقيدا مهمة في البرنامج، وكلما ازدادت كمية المعلومات المطلوب مشاركتها، ازداد الكمبيوتر تباطؤاً.

ملايين المشابك العصبية

يقول المبرمجون إن TrueNorth، يفكر بطريقة مختلفة. مثل العقل البشري، حيث يستخدم TrueNorth شبكته من النوى ومليون خلية عصبية قابلة للبرمجة، و256 مليون نقطة اشتباك عصبي لتحليل وتفسير، وتذكر الأنماط.
من الناحية النظرية، يمكن للأنظمة باستخدام TrueNorth تحليل الأشياء والأشكال بسهولة، أو تطبيق المنطق الاكتشافي لحل المشاكل التي تجاهد الحواسيب التقليدية لفهما. في الاختبارات التي نشرت بالتفصيل في دراسة عن هذا النظام، استطاع الحاسوب العملاق الذي بني باستخدام تكنولوجيا TrueNorth تحليل لقطات الفيديو وتحديد الناس بدقة وأنواع مختلفة من المركبات.

دماغه كالصرصور

بينما تبدو قدرة TrueNorth على التعلم مثيرة للإعجاب، فهي مليون عصبون -نفس الكمية الموجودة في صرصور-وهي قليلة بالمقارنة مع 100 مليار التي توجد عادة في دماغ الإنسان.
مع فارق بسيط أن المعالجات غير تلك التي قدمها فون نيومان يمكنها التحليل، بينما لا يمكن لأجهزة الكمبيوتر التقليدية معالجة المعلومات الرياضية المعقدة بطرق الدماغ البشري ببساطة.

لمسة إنسانية

 من الناحية النظرية، يمكن لأجهزة TrueNorth إجراء التطوير في أجهزة الكمبيوتر المستقبلية جنبا إلى جنب مع المعالج التقليدي كوحدة مستقلة مكرسة للمهام ذات السياق، وإعطاء الأدوات الذكاء الاصطناعي لمسة أكثر إنسانية.
يريد فريق البحث تطوير آلات قادرة على القيام بوظائف الدماغ المتطور. يملك قسم جيش بحوث الدفاع، داربا  DARPA ، الكثير من الرغبات ليقوم بها هذه السنة، لكنه أضاف واحدة جديدة: حاسوب يملك قدرات عقل الثدييات.

حاسوب له قشرة دماغية

يريد داربا بناء آلة تعتمد على القشرة المخية الحديثة، وهي الجزء الأكبر من الدماغ المسؤول عن الوظائف عالية المستوى مثل التحكم بالدراجة واللغة والنشاطات الحسيّة وعمليات التفكير. قدّمت الوكالة طلباً للحصول على معلومات حول بحث عن «معالج قشري» يمكنهم استخدامه لتحليل واكتشاف الشذوذات في مجموعة معلومات كبيرة ومعقدة. باختصار، يريدون بشكل أساسي بناء نسخة صناعية من الدماغ البشري، مع تعرّف زماني ومكاني بإمكانه حل «مسائل صعبة جداً خلال زمن قليل.»
 «يجب على التصميم الحاسوبي القشري أن يكون متسامحاً بالأغلاط في المعلومات، مماثلاً جداً للدماغ، موفّراً للطاقة بشكل كبير و ذو حجم فعّال. وعليه أيضاً أن يمتلك أدنى حد من متطلبات الدقة الحسابية، وأن يتحمّل ظروف التغذية المنخفضة،» كما جاء في الطلب. وما سيفعله داربا بكل ذلك ليس واضحاً تماماً، ولن تكون الوكالة واثقة من ذلك. يطلب بيان البحث من المطورين اختراع برامج جديدة تتناسب قدرتها مع هذا النوع من الأنظمة.

يفهم البيئة المحيطة

عملت داربا سابقاً على صنع أنظمة حساب مشابهة للدماغ خلال برنامجهم سينابسي SyNAPSE (أنظمة الالكترونيات البلاستيكية القابلة للتحجيم المتكيّفة مع النورومورفيك Neuromorphic)، مشروع حوسبة مستوحى من علم الأحياء. في الطور الثالث من برنامج سينابسي، زوّدت داربا باحثي شركة IBM بشريحة حاسوبية ظهرت حديثاً مستوحاة من الدماغ تدعى ترو نورث True North تحاكي تنظيم وعمل الدماغ مزوّدة بـ «نوى neurosynaptic » تحاكي الخلايا العصبية.
يطمح داربا أن يتمكن يوماً ما من بناء آلة تستطيع التفكير والإحساس وفهم البيئة المحيطة بها، وتجد أنماط حياة وصداقات كما يفعل الدماغ البشري، بالرغم من صغر حجم الدماغ واستخدامه الفعّال للطاقة. أخيراً، هذا ما يدفعهم لبناء رجال آليين يملكون مستويات ذكاء تشابه الفئران أو القطط.