وجدتها: أحلام المستقبل

وجدتها: أحلام المستقبل

يأتي الباحثون من دول المغترب بعد وقت طويل قضوا ردحاً منه في الدراسة والعلم وردحاً آخر في الحلم، حلم استغرق منهم سنوات طويلة بسيناريوهات متعددة كان مصير بعض هذه السيناريوهات سلة القمامة بينما أخذ بعضها الآخر فرصته في التطوير والنجاح، إلى أن وصل إلى مرحلة الحلم المعتمد، الذي بدأ يتراقص على الأوراق وفي الأذهان، كرؤيا تقفز إلى الأذهان أثناء العودة من العمل كل مساء، وقد يضع البعض صور هذا الحلم كنوع من التركيز البصري كخلفية سطح المكتب، أو كخرائط ذهنية، أو جداول تنفيذ للعمل بمهل زمنية محسوبة، ويتطور الحلم يوماً بعد يوم حتى يصبح قابلاً للرؤية في ذهن مبدعه، فهو أقرب من الواقع منه إلى الخيال.

يدفع هذا الحلم المغترب ساعة فساعة إلى الإسراع في العودة إلى أرض الوطن لتحقيق الحلم المنشود يدفعه في ذلك رغبة عميقة إلى تقديم كل ما اكتسبه من خبرات وعلم إلى البلد الأم، في نوع من الغيرة الإيجابية التي تدفع صاحبها إلى المزيد من البناء والتطوير.

وبعد الاستقبال والتهاني غداة عودة المغترب  الباحث، يبدأ سعيه الحثيث لتحقيق هذا الحلم، وتبدأ ليس سلسلة بل سلاسل متوازية ومتقاطعة من الصعوبات والإحباطات، ليكتشف شيئاً فشيئاً ليس عدم صلاحية حلمه مع الواقع المأساوي، بل ليكتشف العجز القابع في النفوس، في يأس متكدس في القاع نمت عليه كل أنواع العفن وأصابته كل التخمرات الممكنة، التي نمت قبل الأزمة وخلالها، يحاول القادم الجديد المتفائل ألا يتأثر بهذه الأفكار المحبطة، لكنه شيئاً فشيئاً يتعلم أن يصبح «أكثر واقعية» كما يحب أن يسميها ويكتشف أن تحقيق الأحلام ليس بالبساطة التي أتى بها في خياله، فحلم فردي في تطوير الوطن هو شيء جميل جداً لكنه غير قابل للتحقيق، فالأحلام بحاجة إلى عدد كبير من الناس ليتبنوها حتى تصبح حقيقة، وقوة الفكرة دوماُ هي فقط في عدد الناس الذين يؤمنون بها.