زيادة إنتاجية القمح المروي دروس من العام 2010
يصاب القمح بثلاثة أنواع من أمراض الصدأ هي صدأ الساق (الأسود) وصدأ الورقة (البني) والصدأ المخطط (الأصفر) ولكل منها مواضع مفضلة للإصابة على النبات كما أنها مختلفة في درجات الحرارة المثلى لنموها وتكاثرها، والصدأ المخطط (الأصفر) هو الأكثر تحملاً للبرودة وقدرة على الاستمرار في التطور خلال فصل الشتاء المعتدل، وتصاب بالدرجة الأولى أنصال الأوراق ثم السنابل.
تعتمد مكافحة هذا المرض على زراعة أصناف مقاومة أو متحملة وتفادي المعاملات الزراعية المشجعة على الإصابة (الكثافة الزائدة والري المفرط وسوء التوقيت...) والمكافحة الكيميائية برش المبيدات الفطرية عند توقع الانتشار الوبائي. ويعتمد التنبؤ بحدوث الوباء على مراقبة تطور أجيال الفطر ورصد فترات التبلل ودرجات الحرارة من خلال أجهزة الرصد الآلية ورصد اللقاح المرضي المحمول باستخدام مصائد الأبواغ.
القمح الطري أكثر حساسية
تعرض محصول القمح في سورية والدول المجاورة خلال موسم 2010 إلى هجمة وبائية لمرض الصدأ المخطط (الأصفر). أدت هذه الإصابة إلى انخفاض ملموس في إنتاج المحصول بالمقارنة مع المتوقع، وترافق ذلك مع أضرار الجفاف الربيعي والصقيع وحشرة السونة. وتركزت الإصابة الشديدة بطبيعة الحال على أصناف القمح الطري، وكان أكثرها تضرراً بعض الأصناف الحديثة عالية الإنتاج (شام8 وشام 10 وشام6).
لا نظام للرصد والتنبؤ
مع أن هذا الصدأ (وكذلك أصدئة القمح الأخرى) موجود على القمح منذ القدم إلا أن وصوله إلى هذه الدرجة من شدة الإصابة غير مسبوق وغير متوقع من المزارعين والجهات المعنية لعدم توفر نظام للرصد والتنبؤ.
لقد تضافرت عدة عوامل ملائمة لحدوث الوباء أهمها:
وصول وانتشار سلالة جديدة من الفطر ذات شراسة عالية (Yr27)
الزراعة الواسعة لأصناف القمح الطري قابلة للإصابة بالسلالة الشرسة الجديدة.
تعود المزارعين على معدلات بذار مرتفعة وتوفر ظروف ملائمة للإنبات الغزير في الخريف والشتاء (هطولات مطرية متواترة وطقس دافئ نسبياً)
استمرار درجات الحرارة أعلى من المعدل مع طقس رطب حتى شهر آذار مما مكن الفطر من تحقيق عدة أجيال متتالية.
نظراُ للاعتماد في مكافحة الفطر على زراعة الأصناف المقاومة بالدرجة الأولى، لم يعد هناك من وسائل لمجابهة الوباء خلال الموسم سوى المكافحة بالمبيدات الفطرية.
لم تستخدم المبيدات إلا على نطاق ضيق نظراً لعدم توفر الأنواع المناسبة منها بكميات كافية وعدم توفر وسائل الرش، وعدم نشر معلومات موثوقة وتعليمات واضحة ودقيقة في وقت مبكر.
لم يتكرر هذا الوباء في الموسم التالي (2011)، على الرغم من توفر ظروف مناخية مناسبة للمرض في مناطق مختلفة من سورية، وقد يعزى ذلك جزئياً على الأقل إلى تطبيق برنامج رصد دقيق للإصابات الأولية ومكافحتها فوراً.
مستقبل الأمن الغذائي
إن مستقبل الأمن الغذائي في سورية، والذي يعتمد على توفير القمح بالدرجة الأولى يجب أن يبنى على خطة للإدارة المتكاملة الديناميكية لهذا المحصول تعتمد على زيادة الإنتاجية في وحدة المساحة للقمح المروي من خلال ترشيد الري التسميدي بالطرائق الحديثة (بالرذاذ وربما بالتنقيط) لتصل إلى 6 أطنان بالمتوسط على الأقل (مما يحقق احتياج سورية ويزيد) من خلال الإدارة المتكاملة للأمراض التي تعتمد على التنبؤ والإنذار المبكر والمكافحة عند الحاجة، وبالاعتماد على برنامج لتربية القمح يوفر ضمن مهل زمنية معقولة طيفاً متنوعاً من الأصناف المقاومة عالية المردود.