وجدتها : الخيميائي

وجدتها : الخيميائي

يبرز موضوع العلم الزائف مرات ومرات يومياً من تجوالنا في الطرقات ومشاهدة عناوين لكتب على بسطات الطريق توحي بعناوين براقة لها علاقة بالعلم، لكنها كالعادة لا تمت له بصلة، إلى مشاهدة برامج على المحطات التلفزيونية (وحتى الوطنية منها)

تبث برامج مخادعة تتلبس بلبوس العلم، منها ما تتحدث عما يسمى البرمجة اللغوية العصبية وتقدم مخططات للدماغ لتفاجأ بعد ذلك بالسم مدسوساً في الدسم عندما تنخر الأفكار الما ورائية مثل هذه البرامج، ويظهر «الخبير» بمظهر العالم، بينما هو في الحقيقة أشبه بالخيميائي.
إن استغلال حاجة الناس إلى الحلول لمشاكلهم، من خلال فرض إيقاع الحياة الحديثة السريع الذي يفرض في الوقت ذاته طلباً لحلول سريعة لمشاكل طويلة متراكمة، يشجع المتلقين على قبول مثل هذه الحلول أملاً في خلاص كالأطعمة السريعة في وجبة واحدة.
ليس مهماً في هذا الزمن أن تقراً ما كتب على عبوة الدواء أو أن تمحص في محتوى المادة «العلمية» المقدمة إليك المهم أن تملأ ذاك الفراغ في معدتك الفكرية أو الصحية،  أو أي فراغ تشعر بوجوده في خضم السرعة والضغوطات المتتالية، في نوع من الراحة السريعة والمتعة السريعة، وتجد ذاك الساحر دوماً في خدمتك مسوقاً نفسه، كحل عميق سريع مفيد، دونما حاجة لأي إعمال لتلك الأداة الضخمة العظيمة المسماة عقلاً، فهناك من يفكر عنك ويعمل عنك ويقدم كل ما يلزمك «وما لا يلزمك كذلك» على طبق إلكتروني ذهبي، جاهز للاستهلاك على الدوام.