التأمين الصحي.. لمن؟!
د. ياسر حسن د. ياسر حسن

التأمين الصحي.. لمن؟!

ينظر المواطن السوري إلى كشف راتبه المصاب بهزال عضال، متفقداً الحسميات... في بند التأمين الصحي،

تسترجعه الذاكرة إلى القرن التاسع عشر برفقة (بسمارك)، ليعيش حلماً لم يكتمل في دولة الرفاهية ذات الضمان الصحي الإجتماعي، ليهذي لاحقاً في سراديب شركات التأمين، فيسقط بسمارك عند الدخول في أبواب تلك الشركات محاولاً قبض ما تراكم لأشهر عديدة..

بيروقراطية وفساد
إن جلً ما يعانيه التأمين الصحي في سورية هي تلك العقلية البيروقراطية ذات البنيةالفاسدة، محاولة الاستفادة منه لأقصى درجة ممكنة سواء بإزدواجية التعامل مع أطراف العملية التأمينية من موظفين وشركات وأطباء ومشافٍ، حتى تكاد تظن أن تلك العقود المبرمة لأجل مكسب لشركات التأمين الخاصة، أما بقية أطراف تلك العملية فحدث ولا حرج...
ولما كان التأمين الصحي من أهم إنجازات العالم المعاصر، والذي شكل إحدى أهم المسائل الحيوية التي تقدمها الحكومات ولما تتركه من آثار اجتماعية، من خلال نظم مالية تساهم الدولة فيه بالجزء الأكبر من خلال اقتطاع نسبة من الدخل الفردي لكل موظف، لابد لنا من الوقوف عند جملة من القضايا التي تضع المواطن بين كماشة الأسعار ومحاولات شركات التأمين لعدم القيام بالتزاماتها على أتم وجه مقارنة مع الدول التي تسعى إلى تقديم خدمات صحية لأكبر عدد ممكن وبجودة عالية...ومن خلال الإحصاءات المتوافرة فهناك تبايات مختلفة من حيث مزايا التأمين التي تقدمها ،وهذا التباين يعود إلى اختلاف في ثقافة المستفيدين  من خلال إدخال طرائق ونظم حديثة يستفيد منها كل أطراف العملية..
الشركات
إنها أكثر أطراف العملية التأمينية والتي حققت ربحاً، وكانت الرائدة في الاستفادة من قوانين التأمين الصحي، وبالمقابل تعاني من تخلف سواء بقصد أو بدونه من آلية العمل مع الأطراف الأخرى، من حيث عدم شمولها للخدمات الصحية المختلفة، وإلزام المرضى بدفع نسب لا تتوافق أحياناُ مع دخولهم، أو دفعه المبالغ كاملة واسترداده لاحقاً من الشركة الراعية، والتأخر بدفع حصص الأطباء المعالجين، مما خلق نفوراً لدى الأطباء ومحاولة عدم التعاقد معها، وكذلك الصيدليات، وحتى قواعد إدخال البيانات الصحية للمرضى تخلق أرقاً وعملاُ روتينياً  لكل من الأطباء والصيادلة.. وكذلك لا تقدم القوانين ذات العلاقة أية مجال لحالة تسويقية تنافسية صحية لتلك الشركات من حيث الخدمات التي يتم تقديمها، واستفادت بعضها حسب حجم علاقاتها مع بعض المتنفذين في جهاز الدولة.
ومن هنا لا بد من تقديم العديد من الآراء التي قد تكون مفيدة في الحل:
1. العمل على توسيع التأمين الصحي ليشمل الدوائر والمحافظات المختلفة، ووضع ميزانيات إضافية لدعم ذلك،
2. تضمين التأمين بدون استثناء للأمراض والجراحات والأدوية المختلفة، بما فيها الأمراض المستعصية.
3. تحسين المجال التنافسي من حيث تقديم الخدمات الصحية، وفق معايير الجودة المعتمدة حسب النظم الحديثة ، وإسوة بالدول المتقدمة.
4. إيجاد علاقة تكافؤية بين أطراف العملية التأمينية بما يضمن حقوق الأطراف كافة، دون تغليب طرف على آخر.
5. زيادة الدعم المالي لإمكانية تقديم الخدمات لأوسع الشرائح المجتمعية وأفقرها.
6. نشر الدعاية وتسجيل جميع الأطباء والصيدلة والمشافي روتينياً، وإلزامهم بتقديم الرعاية لجميع المسجلين.
7. تسهيل التعاملات الألكترونية بين الأطراف بعيداً عن الروتين والتملص من المشاركة بحجة عدم توفر الأدوات اللازمة.
8. إلزام الشركات الخاصة بدفع الاستحقاقات لأصحابها خلال فترة وجيزة، وتغطيتها لجميع النفقات.
9. إيجاد علاقة إدارية صحيحة بين الأطراف، بما يضمن جودة العمل والاستمرار بتقديم الخدمة الأفضل.
ومن هنا نرى ضرورة إيجاد نظام تأميني صحي يؤسس لحالة اجتماعية صحية، وعلاقة تكافؤية بين الشرائح الواسعة، ويضمن تقديم خدمات الرعاية للجميع،.

آخر تعديل على الإثنين, 28 تشرين1/أكتوير 2013 13:26