الأطباء السوريون.. بين الشمس والظل

الأطباء السوريون.. بين الشمس والظل

 يتجول من نفق لآخر كاللص الهارب من النور، يقطع بقايا قمصيه الأبيض كي يوقف نزيف مواطن سوري قد أصابته قذيقة عمياء، في الحرب الدائرة  في سورية... وفي آخر السرداب طريق آخر إلى الطرف الآخر... وهدفه كان إنقاذ ابناء وطنه من الموت الجاثم... ولكنه اغتيل، أو مات تعذيباً... أو هرب خارج وطنه إلى منطقة محادية عن الموت...

تعاني سورية منذ بدء الأزمة من نقص في عدد المستشفيات والأطباء الذين فروا من جراء تعرضهم للتنكيل من طرفي الصراع، والذي يقدر عددهم بحوالي  15000 نتيجة تقديمهم الخدمات الصحية للمصابين أو بحجة عملهم في المؤسسات العامة. دون الالتزام بأدنى حقوق الإنسان وفق المعاهدات الدولية أثناء الصراعات والتي تضمن حرية حركتهم لتقديم الخدمات الطبية اللازمة، والحفاظ على حياتهم.
 وفي سياق تقرير نشرته «الغارديان»...حذرت مجموعة مؤلفة من 55 طبيباً واختصاصياً، ثلاثة منهم حائزون على جائزة نوبل من انهيار نظام الرعاية الصحية بسبب الهجمات على المستشفيات، والعاملين فيها من خلال التعرض للهجوم أو السجن أو الفرار من البلاد، ومنع المنظمات الإنسانية من الوصول إلى المرضى.
 ويقولون إن أجزاء كبيرة من سورية معزولة تماما عن أي شكل من أشكال المساعدة الطبية . الموقعون وهم من القارات الخمس تقول أرقام تقريرهم المذكور بأن حوالي 469 من العاملين في الخدمات الطبية قيد الاعتقال وحوالي 15000 طبيب قد فروا خلال الأزمة.. ففي أكبر مدينة سورية، حلب، هناك فقط 36 طبيباً، مقارنة مع 5000، قبل بدء الحرب، كما يقولون. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تم تدمير 37٪ من المستشفيات السورية، وكذلك أصيبت 20٪ بأضرار بالغة.
وأضافت المجموعة: «إننا نشعر بالفزع إزاء عدم القدرة على تقديم الرعاية الصحية للمدنيين المتضررين، والاستهداف المتعمد للمرافق الطبية والأفراد، ولذلك من واجباتنا المهنية والأخلاقية والمعنوية السعي الجاد على توفير العلاج والرعاية لأي شخص يحتاجها، وعندما لا نستطيع أن نفعل ذلك شخصيا، نجد أنفسنا  مضطرين للتحدث علنا ​​في دعم أولئك الذين  يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة المنقذة للحياة» .
وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر مع الدول حول المسؤولية عن الأزمة في سورية، بما في ذلك روسيا، الصين، البرازيل، الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، التي تركز حالياً على التدخل العسكري بعد  إلقاء الأسلحة الكيميائية في ضواحي دمشق الشهر الماضي ، فهذا يجب أن لا يقلل من الحاجة لمساعدة الضحايا.
 النساء يلدن دون مساعدة طبية، وتجري العمليات الجراحية لإنقاذ الحياة من دون مخدر، لا يتم تقديم الغذاء المناسب للأطفال والدعم لضحايا العنف الجنسي الذين لا يجدون مكانا يلجؤون إليه. والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، بما في ذلك السرطان، لا يتلقون أي رعاية.
 ويطالب الموقعون من المجموعة بدعوة الحكومة السورية وجميع الأطراف المسلحة إلى الامتناع عن مهاجمة المستشفيات وسيارات الإسعاف والمرافق الطبية والإمدادات، والمهنيين الصحيين والمرضىلأجل تخفيف تأثير ذلك على المدنيين المتضررين من هذا الصراع والهجمات المتعمدة على نظام الرعاية الصحية.
ويطلبون الحصول على العلاج للمرضى، ومحاسبة المسؤولين عن مرتكبي الهجمات على الكوادر الطبية، ومعاملة تلك الكاردات كطرف محايد للقيام بدوره المنوط به لتفعيل الجهود لزيادة تقديم الدعم  للشبكات الطبية السورية.