من سيحل مشكلة الغذاء؟
يتم الترويج عالمياً للبذور المعدلة وراثياً بدعوى أنها سوف تحل مشكلة الغذاء في العالم الثالث، فعلى سبيل المثال قامت منظمة الفاو بإصدار العديد من التقارير التي تعزز فكرة نشر استخدام تلك البذور لأنها تؤدي لزيادة حجم الإنتاج السنوي
كالتقرير الذي صدر عام 2004 قامت بإصدار تقرير بعنوان «التنوع التكنولوجي الزراعي: هل يلبي احتياجات الفقراء؟» الذي يقوم بالترويج للهندسة الجينية للبذور ويساند فكرة أن التحوير الجيني هو أحد أفضل الحلول لمشكلات الغذاء التي يواجهها المهمّشون والفقراء في العالم الثالث، وقد هاجمت جماعات الضغط العالمية المختلفة في أوروبا وأمريكا اللاتينية والولايات المتحدة الفاو على هذا الموقف، وقال بعض الخبراء إن مشكلات الغذاء في العالم الثالث لا ينقصها الهندسة الوراثية ولكن تنقصها أشياء أخرى مثل حل مشكلة المياه في بعض المناطق وتحسين البنية التحتية في مناطق أخرى.
إذا ما نظرنا للبعد السياسي لهذه الإشكالية نجد أنها لصيقة الارتباط بقضية اقتصاد السوق العالمي وهيمنة الشركات المتعددة الجنسية عليه، في مقابل حكومات تتبنّى برامج إصلاح اقتصادي وتستجيب لضغوط ومطالب هذه الشركات. تحتكر شركات عالمية متعددة الجنسية بعينها عملية إنتاج البذور المعدلة جينياً وتسويقها في دول العالم الثالث، توجد شركة واحدة فقط هي مونسانتو تمتلك تكنولوجيا البذرة العقيمة التي تُبذر في أكثر من 90% من مناطق العالم التي تستخدم تكنولوجيا نقل الجينات، وتقوم هذه الشركة بتمويل البحث العلمي، وتعرضت للمقاضاة من فلاحين من عدة مناطق في العالم وخاصة كندا وأوروبا حيث رفعوا قضايا ضد تلويثها للبيئة الزراعية بالبذور التي تقوم ببيعها، وهناك خمس شركات كبرى فى العالم تصنع 100% من البذور المعدلة جينياً التي يتم تزويد السوق العالمي بها. وتوجد أربع دول مهيمنة بنسبة 99% على سوق البذور المحورة جينيا.
و تعمل سياسات هيئة المعونة الأمريكية على نشر استخدام هذه البذور من خلال تمويل برامج البحث العلمي والترويج عالمياً – بالأخص في أفريقيا وآسيا- للمنتجات المعدلة وراثياً التي تنتجها معامل البحث العلمي التي تمولها الشركات المتعددة الجنسية بشكل أو بآخر. وتدعم هيئة المعونة الأمريكية برامج دعم الخصخصة وتوجيه السياسات الزراعية نحو زراعة محاصيل بعينها مثل الخضر والفاكهة على حساب محاصيل أخرى مثل القمح وذلك لتأمين سوق القمح الأمريكي المدعوم وتدعم تطبيق سياسات الخصخصة وحرية السوق في المجال الزراعي، مما يفتح السوق أمام البذور المستوردة. وتموّل الهيئة أيضاً برامج دعم حقوق الملكية الفكرية، وذلك لأجل الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية للشركات المتعددة الجنسية في البذور التي تنتجها وتأمين عدم وصولها بطرق غير مشروعة للفلاحين الفقراء.