الحضارات التاريخية المبكرة في المشرق العربي القديم
في كتابه المعنون «الجذور ما قبل التاريخية للحضارات التاريخية المبكرة في المشرق العربي القديم»، والصادر عن مركز الباسل للبحث والتدريب الأثري بدمشق يتحدث المؤلف الدكتور جمال تموم عن منطقة المشرق الرعبي القديم التي شهدت تحولات مهمة على درب التطور الحضاري.
حيث تواجد في هذه المنطقة إنسان العصر الحجري الأدنى منذ حوالي 800 ألف سنة وظهرت آثاره المتمثلة بالأدوات الحجرية في منطقة النهر الكبير الشمالي والعاصي وتأكد ذلك الاستيطان بالكشف عن جزء من جمجمة لإنسان الهومو اركتوس (الإنسان المنتصب) منذ حوالي 500 ألف سنة وكذلك العديد من الأدوات الحجرية ليثبت استمرارية الاستيطان في منطقتنا منذ عصور ما قبل التاريخ.
وكانت الثمرة الأولى الناضجة التي كان للوعي البشري الدور الأساس بها هي الاستقرار والاستغناء عن الترحال والتنقل سعياً وراء الطعام والمأوى، وبنى الإنسان لأول مرة في التاريخ منزلاً بجدار دائري، استطاع أن يقيم به كل أيام السنة، كما توصل إلى أن ينبت الحبوب بنفسه، وبالتالي فقد قام بتربية الحيوانات للاستفادة من لحومها ومشتقاتها الأخرى، علاوة على تطور الفنون والمعتقدات الدينية لديه. كل هذه الابتكارات والاختراعات الجديدة أطلق عليها لأهميتها وخصوصيتها «الثورة الزراعية» أو «ثورة العصر الحجري الحديث».
وكانت المنطقة ذاتها على موعد مع ثورة أخرى بعد خمسة آلاف سنة، وهي الثورة المدنية، التي كان من أبرز عناصرها اختراع الكتابة لأول مرة أيضاً في التاريخ الإنساني، وإقامة المدن الكبرى ذات الأسوار من أجل حمايتها، والتطور الهائل على صعيد الفنون والمعتقدات التي ما زلنا نبحث في خباياها وتفسيراتها حتى يومنا هذا