لماذا لا ندرس التاريخ والآثار؟
من خلال تمجيد دراسة الطب والهندسة وإعطائها مكانة عليا في المجتمع على حساب بقية الاختصاصات يتم خفض الإقبال على التخصصات الأخرى كونها غير مهمة.
فالطالب الذي يدرس علم الآثار على سبيل المثال يشفق عليه، كشخص لم يكن ذكياً بما فيه الكفاية للحصول على مكان لدراسة موضوع أكثر أهميةً. بينما الواقع أن العديد من الشباب طلاب علم الآثار السوريين أذكياء ومتحمسون، لكن يبدو أن نسبة كبيرة موجودون في هذا الموضوع فقط لأنهم فشلوا في الحصول على ما يكفي من العلامات العالية لدراسة الهندسة. هذا له تأثيره الواضح في إضعاف الروح المعنوية في جميع المجالات لجميع المواد الدراسية، ويتورط الطلاب أنفسهم في كثير من الأحيان بدراسة موضوعات ليست لديهم ميول لها، لكن يتم إجبارهم من الأهل لقبول خيار «أعلى مكانة» من الخيارات التي تقدمها الجامعات. لا يوجد أي تصور للروح حيث يختار الطالب المواد ببساطة على أساس تفضيل شخصي، ويتنافس الطلاب المتفوقون في كل مكان لدراسة اللغة الإنجليزية كما يتنافسون لدراسة الطب والهندسة بسبب مشكلة التوظيف.
عند التعامل مع نظام تعليمي كهذا لا يوجد حافز للشباب لدراسة ماضيهم وتاريخهم. إن معرفة التاريخ شأن غامض وحزبي إلى حد كبير، ويتركز بشكل حصري تقريباً على التاريخ العربي بعد ظهور الإسلام في المدارس، ويشمل بلاد ما بين النهرين القديمة والثقافة السورية على المستوى الجامعي. والمستوى الذي يتم التوصل إليه من معظم الطلاب منخفض نسبياً، نظرا لعدم وجود الكتب الضرورية، وصعوبة الحصول على مواد علمية بلغات أجنبية. هذا الشعور بالتضييق العام فيما يتعلق بدراسة التاريخ وما يتعلق به من التخصصات، مثل تاريخ الفن، والتي لا يعترف بها في المقررات الدراسية يؤدي إلى نقص عام في الاهتمام بصيانة وحفظ المواقع التاريخية.
مع هذا النوع من الخلفية الثقافية، يصبح التاريخ إلى حد كبير هواية لعدد قليل من المهتمين الهواة ولكن ليس «عملاً يومياً» لكثير من الناس في سورية. ينظر للأجانب الذين يدرسون التاريخ على أنهم غريبو الأطوار وأغنياء جداً حتى يتورطوا في متابعة هذه الدراسات مع عدم وجود قيمة تجارية لها.
مقتبسة عن مجلة «علم الآثار العالمية»