ثالوث الجوع: أزمة الاقتصاد والنزاعات المسلّحة وتغيّر المناخ

ثالوث الجوع: أزمة الاقتصاد والنزاعات المسلّحة وتغيّر المناخ

نعيش عالماً ينتشر فيه الجوع حاضراً، مطيحاً آمالاً عراضاً سادت في العقود الماضية عن قدرة «القرية الكونيّة الصغيرة» على إطعام أهلها، ونشر الكفاية في الغذاء إذا تعذّر نشر الرفاهيّة والحياة المستقرة الكريمة والعادلة.

بكل أسف، لم يتردّد تقرير الأمم المتحدة الأخير عن حال الجوع في العالم، في وضع الأصبع على الجرح، وتحديد 3 عناصر متشابكة تعمل على تغذية الجوع واطاحة الأمن الغذائي عالمياً، وهي: اضطراب الاقتصاد، وتراجع السلم العالمي بتأثير تصاعد الصراعات والنزاعات المسلّحة، والتغيّر في المناخ.

ويأتي المثل على العنصر الأول في «ثلاثيّة الجوع» من فرنسا التي أعلن رئيسها إيمانويل ماكرون خطّة اقتصادية رُصِد لها 8 بلايين يورو على مدار 4 سنوات، لمكافحة الفقر في بلاده. وصف أنصار ماكرون الخطّة بأنها جريئة، فيما لم يتوقف معارضوه عن الهزء بضآلتها، بل مثّلت لهم مناسبة لاستعادة وصفهم المستمر لماكرون بأنه «رئيس الأغنياء»، وهو لقب برز أولاً للإشارة إلى عمله طويلاً في صفوف بنك «روتشيلد» الشهير. وجاء الإعلان عن خطّة ماكرون لمكافحة الفقر بعد أيام قليلة من ظهور تقرير تداولته معظم الصحف الفرنسيّة، بل أفردت له «ليبراسيون» محوراً موسّعاً، يشير إلى أن شخصاً من تسعة فرنسيّين لا يحصل على أكل مناسب، بمعنى احتوائه على التنوّع المطلوب للحصول على ما يحتاج إليه الجسم من بروتينات ومعادن وفيتامينات وغيرها. وبالتزامن مع ذلك أيضاً، ظهر تقرير من وكالة «إينسي» الفرنسيّة المختصّة بالإحصاءات الوطنيّة فيها، أكّد أن 60 في المئة من متوسطي الدخل في فرنسا، باتوا على حافة خط الفقر.

والأرجح أن إعلان الأمم المتحدة أخيراً أنها خسرت الحرب ضد الجوع في اليمن، بأثر من الحرب فيه، هو نموذج مكثّف عن المتغيّر الثاني [ النزاعات المسلّحة] من العناصر الثلاثة التي تعمل على تدهور حال الأمن الغذائي عالميّاً.