رونالدينيو واليمين المتطرف
إيوان مارشال إيوان مارشال

رونالدينيو واليمين المتطرف

كتب إيوان مارشال مقالاً يحاول فيه فهم تصريحات نجم كرة القدم البرازيليّة السابق رونالدينيو مؤخراً، الذي أبدى من خلالها إعجابه بديماغوجي اليمين المتطرف بولسنارو، والذي يضيف قطعة أخرى لمشهد البلاد السياسي المتشابك المعقّد.

تعريب وإعداد: عروة درويش

ويبدأ المقال بشرح مفصّل عن كره العامّة للنخب السياسيّة بسبب فضائحهم وفسادهم المستمرين، وبسبب فشلهم في تحقيق أيّ أثر ملموس طوال فترة وجودهم في السلطة، ويتضمن ذلك حزب العمّال الذي قادته ديلما روسيف قبل إزاحتها بانقلاب برلماني عام 2016. وبأنّ الجوّ العام مهيأ للشعبويّة اليمينيّة لتحتلّ الساحة. فكما أورد المقال: «في استطلاع حديث أجرته مؤسسة فونداجاو غيتوليو فارغاس تبيّن بأنّ 83% لا يوافقون على الحكومة، وأنّ 78% لا يوافقون على الأحزاب السياسيّة القائمة وعلى السياسيين عموماً، وأنّ 55% قالوا بأنّهم لن يصوتوا على الإطلاق لأيّ شخص استلم منصباً من قبل. تبيّن هذه الإحصاءات خطورة ديناميكيّة جديدة تنشأ في السياسة البرازيليّة».

لكنّ بولسنارو هذا، كما يشرح المقال، أحد سياسيّ اليمين المتطرّف الثريّ الذين تمحور صعود نجمهم حول إهانة النساء والمثليين والسود والملونين والأقليات الإثنيّة: «فقد خدم برتبة نقيب في الجيش أثناء حقبة الدكتاتوريّة البرازيليّة، وسبع فترات عضويّة في البرلمان. وقد قال في عام 2003 لعضوة في البرلمان بأنّها تستحق أن يتم اغتصابها عندما أثارت قضيّة الدكتاتوريّة ضدّ السجينات السياسيات من النساء. وقام عدّة مرات بنعت السياسيات بأنّهن ساقطات، وبأنّه يفضل قتل ابنه على أن يراه مثلياً، وبأنّ الناشطين السود هم حيوانات يجب أن يعيدوهم إلى حديقة الحيوانات».

ويشرح الكاتب بأنّه رغم افتقاده لبرنامج سياسي، فإنّ بولسنارو يجد تأييداً قوياً لدخول الانتخابات الرئاسيّة عام 2018. ففي استطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة داتافولها، تبيّن بأنّه قد أتى ثانياً بعد الرئيس السابق لولا، جاذباً قرابة 17 إلى 18% من الأصوات. ورغم أنّ قاعدة بولسنارو الانتخابيّة معرفة بكونها من الطبقة الوسطى والوسطى العليا والمرتكزة غالباً بين الإنجيليين البيض وذوي الأصول من الجنوب الشرقي، فقد تبيّن بأنّ النساء يشكلن ثلاثة أضعاف قاعدته الانتخابيّة.

ويشير المقال إلى كون استجابة بولسنارو على قضايا شائكة قد يكون لها بدورها دور في شعبيته الطارئة. فقد شجّع في مناسبات عدّة الشرطة على استخدام العنف بكلمات مثل «يجب أن يحصل الشرطة الذين يقتلون المجرمين على ميداليات وليس على محاكمات» وبأنّ «ضبّاط الشرطة الذين لا يقتلون لا يستحقون أن يكونوا ضباط شرطة»، وذلك في بلد بلغت فيه حالت الموت نتيجة جرائم القتل 61619 في عام 2016. وسياسة بولسنارو الاقتصاديّة مبتذلة، فهو رغم إظهاره أكثر من مرّة عدم امتلاكه فهماً للاقتصاد، فقد أعلن بوضوح بأنّه يؤيد تدخل الولايات المتحدة في الاقتصاد البرازيلي، واستمرار إعادة هيكلة صناديق التقاعد.

  • رونالدينو والمال والارتباط التاريخي بين كرة القدم البرازيليّة واليسار:

يتحدّث المقال عن الارتباط التاريخي بين كرة القدم البرازيليّة واليسار. فيذكر بعض المحطات الهامّة مثل قيام لاعب خطّ الوسط الشهير سقراط مع بعض زملاءه في الثمانينيات بتشكيل «مجموعة ديمقراطيّة نادي كورنثيا» الشهيرة، التي هدفت إلى السيطرة الديمقراطية للاعبي وأعضاء النادي عليه. أو جواو سالدانا الذي عُزل عن تدريب الفريق البرازيلي عام 1970 رغم نجاحاته الباهرة في 1966 نتيجة انتسابه إلى الحزب الشيوعي ووقوفه في وجه الدكتاتوريّة. وحتّى بعض اللاعبين الحديثين مثل لاعب وسط ليون السابق جينينيو، استمروا على الخطّ السابق عندما رفض تشجيع بعض أنصار بولسنارو له بقوله: «أفضّل أن أحظى بمشجعين ذوي صفات بشريّة أكثر».

لكنّ رونالدينو لديه أكثر من سبب كي لا يشعر بأيّ انجذاب نحو بولسنارو وأمثاله. فرونالدينو ولد لأسرة فقيرة، وكان والده يعمل في عملين. وبعد موت والده تربّى كفقير شبه معدم وهو لم يتجاوز الثامنة من عمره في ميناء بورتو أليغري. لكنّ خلفيّة رونالدينو الفقيرة ليست الوحيدة التي تفصله عن اليمين الثري، فقد شهد رونالدينو على المعاناة من العنصريّة أثناء مسيرته الكروية بدءاً ممّا تعرّض له مع زميله في برشلونة: الكاميروني صامويل إيتو، ووصولاً إلى عام 2014 عند توقيعه عقداً مع فريق كورتيرو المكسيكي، حيث أشار له أحد السياسيين المحليين بأنّه قرد. وحتّى سلوكه أثناء مسيرته الكروية من كونه يحبّ لعب الكرة ويكره الالتزام بالنوادي التي يلعب بها تجعله أقرب إلى اليسار من اليمين.

لكنّ رونالدينو ليس وحيداً في مدح اليمين، فلاعب المنتخب البرازيلي السابق فيليب ميلو بدوره أثنى على بولسنارو، وكذلك جادسون الذي يلعب لصالح فريق بالميراس أعلن بأنّه سيصوت لبولسنارو إن هو ترشّح للرئاسة. ولا يقتصر الأمر على هؤلاء، ففي انتخابات الرئاسة عام 2014، ساند نيمار والمهاجم الظاهرة رونالدو مرشّح يمين الوسط. وأيّد المهاجم البرازيلي السابق وعضو البرلمان روماريو الانقلاب ضدّ ديلما.

ويشرح الكاتب الأمر: «إنّ التحوّل عن الجذور اليساريّة للرياضة، إلى النخب الثريّة، ربّما يعكس تحوّل الرياضة إلى مجال عمل بمليارات الدولارات حول العالم، مع كلّ تلك المكافآت التي يحصل عليها اللاعبون البرازيليون. فالحقيقة التي يجب الانتباه لها هي أنّ لاعبي كرة القدم في البرازيل هم رجال أثرياء جدّاً يعيشون في المدن الكبرى، وهم ينتمون إلى الطبقات التي من مصلحتها مقاومة السياسات اليساريّة».