هل المدينة هي تطور القرية؟!
تحت عنوان من القرية في العصر الحجري الحديث إلى المدينة السورية الرافدية للباحث الأثري جوان لويس مونتيروس فينولوس،
نشرت الهيئة العامة السورية للكتاب البحث التاريخي الأثري الذي يتحدث عن قضية بالغة الأهمية وهي ظهور القرى، فمن المعروف أن إنسان العصر الحجري القديم عاش متنقلاً بحثاً عن مصادر العيش الطبيعية. ثم بدأ بالسكن في أكواخ دائرية مشيدة في الفترة النطوفية وفقاً للأدلة التي قدمتها المعطيات الحديثة من مواقع جنوب سورية. لقد كانت هذه الفترة أساسية في عملية استقرار أخر الجماعات المتنقلة التي بدأت تنتظم مساكنها ضمن قرى. وكانت الصلات الحضارية بين المواقع النطوفية في المشرق الجنوبي والشمالي الأوسط كثيفة منذ هذا العصر الذي يساعد في فهم أفضل لعملية «النولتة»..
رافق هذه التطورات تحول طال المجتمع والفكر والاقتصاد، وانعكس ذلك على العمارة في العصر الحجري الحديث حيث بدأت تظهر فيها حالة اللامساواة مع وجود أبنية جماعية مشتركة كما في أبنية الجرف الأحمر.
في الألف الرابع ق. م، ظهرت المدن المبنية وفقاً لمخطط منتظم ومسبق التصميم، وكان ذلك بلا شك نتيجة لتطور مجموعة من العوامل الفكرية، الاقتصادية، البيئية والديموغرافية. وقد تم التطرق لموضوع المدينة من عدة جوانب، إذ حاول البعض معالجة مسألة معقدة وهي الانتقال من القرية إلى المدينة، والعلاقة بينهما لمعرفة ما إذا كانت المدينة استمراراً للقرية أم أنها إنشاء جديد بعد فترة انقطاع؟ وإن كان هذا الموضوع في غاية التعقيد، فإن الأدلة الآتية من مواقع شمال سورية تشير إلى أن المدينة لم تكن تطوراً عن القرية وإنما هي إنشاء جديد. وظهرت العديد من الجوانب الفنية والتحولات الحضارية كالعمارة والدفن والصناعات والفن وتعابيره مؤكدة على العلاقة الوطيدة بين تطور الفنون وتطور المدنية. ومنها في جانب العمارة موضوع المصاطب المرتفعة في بلاد الرافدين وخاصة مصاطب أوروك وسوسة، التي تعد نماذج مبكرة للزقورات في فترة فجر الحضارة، وإحدى أهم مظاهر التمدن في شرق المتوسط القديم. وتوطيد فترة أوروك والفترة الآشورية الحديثة في الفرات السوري من خلال إنشاء مجموعة من القلاع (دونو) التي تعتبر مراكز اقتصادية لإدارة وتنظيم استثمار الأراضي الزراعية التابعة للإمبراطورية الآشورية.