عندما نحلم بالمستقبل
تكرر سؤال كثيراً في طفولتنا وما زال يتكرر على مسامع أطفالنا حتى اليوم، وربما سيتكرر إلى مالا نهاية، ماذا تريد أن تصبح في المستقبل؟
يحمل هذا السؤال في طياته الكثير من الأمل بأن هذا الطفل يملك مستقبله، أو يملك جزءاً كبيراً من مستقبله، فهل يملكه حقاُ.
كلنا كنا نحلم ويأتي الأهل ليشذبوا هذه الأحلام حتى تتماهى مع «طموحاتهم»، الاجتماعية والمادية بالدرجة الأولى، وكما كانت في جيلنا كانت الدرجة الأولى للطبيب والمهندس والطيار، وكل ما عدا ذلك فهو «فراطة»، لم أسمع من زملاء مقاعد الدراسة لا كلمة معلم ولا عامل ولا باحث ولا فنان، كنا جميعاً جيل الأحلام الواحدة المبرمجة، ظاهرياً على الأقل، وفي داخلنا جميعاً كانت تعتمل أحلام مكبوتة، تضج وتطير وتسبح في فضاء الصدور المغلقة، لا تجرؤ على مد رؤوسها لو لبرهة أمام المجتمع «الطموح»، لكنها حتماً تسرق خلسة في الحديقة، مع كتلة طين ميلاً للنحت، وعلى خشب المقاعد ميلاً للرسم، وفي الساقية ميلاً للبحث العلمي، وفي ألعابنا ميلاً للتعليم.
لكن أحلامنا وأحلام أهلنا كانت كلها تتحطم أما صخرة كبيرة جداً تغلق أبواب الحياة أمام الكثيرين، إنها علامات الثانوية العامة، -رغم أنها كانت أحياناً منفذاً وممراً لذات الأحلام- تلك التي تحدد مصيرك كقاض ظالم في حياتك اللاحقة، إنه حكم لا راد له سوى الخروج من باب التعليم إلى باب البحث عن فرصة عمل متواضعة لا تحمل الكثير من التدريب والخبرة.
تتوزع الاهتمامات في المجتمعات تلقائياً لتلبي رغبة وحاجاتv المجتمع، وهي ليست بحاجة إلى تلك المحدودية التي فرضتها نظرة المجتمع الضيقة الباحثة عن المال والسمعة، إن فك ارتباط نوع المهنة بمستوى المعيشة المأمول، يمكن أن يعيد لكل المهن ألقها، ولكل الأحلام بريقها، فلكل منا الحق في فرصة عمل محترمة في المجال الذي نريد والذي يحتاجه المجتمع، هذا المجتمع القادر على توجيه الشباب نحو تنويعة من الأحلام تغطي طموح المجتمع والشباب سويةً.