على وجه المستنقع
كما تظهر الفقاعات على وجه المستنقع، يظهر المدّعون في كل مكان.
في الفن والآداب، في الحياة اليومية، وفي العلم أيضاً وهي آخر التقليعات في عالم الادعاءات، كون العلم بحد ذاته جديداً نسبياً على أضواء الشهرة لدينا.
ويتنطح لهذه المهمة مجموعة من «البحاثة» و«المستكشفين» الذين يملكون عدداً كبيراً قد لا يمكن إحصاؤه من الصفحات على الشبكة العنكبوتية، ومن المنافذ الإعلامية التي تطالعنا بين الحين والآخر، بآخر مكتشفات أولئك «البحاثة» و«المستكشفين».
وبعد كشف الغلالة الرقيقة التي تغطي كذب هؤلاء -لأنها مكشوفة بطريقة فاضحة- نتوصل إلى استنتاج هام، ليس بشأن عملية النصب العلمي التي يمارسونها، بل إلى فقدان بعض وسائل الإعلام الإلكترونية وأحياناً المحلية إلى الحد الأدنى من المصداقية.
ما هي المعايير التي يتم بناءً عليها اعتبار اكتشاف علمي ما، اكتشافاً حقاً؟
كيف نتأكد بأن الشخص مدعي الاكتشاف هو السباق حقاً؟
نتوصل إلى ملاحظات أهمها: أن معظم «الاكتشافات» ليست إلا عبارة عن، إما ملاحظات حقلية ذات قيمة هامة حتماً، لكنها مسجلة مسبقاً على أيدي باحثين علميين حقيقيين، وموثقة بنشرات علمية محكّمة ومعترف بها، وبالتالي لا يمكن إدراج تلك الملاحظات في فئة الاستكشافات حتماً. أو أنها مستوحاة من نشرات علمية خارجية وجرى ترجمتها وتوطينها أو توطين شكلها، لتبدو اختراعاً أو اكتشافاً محلياً، ذو شأن عظيم.
إن تفنيد ادعاءات الاكتشافات والاختراعات، مهمة تبدو من الضرورات التي تفرضها مصداقية العاملين في المجال العلمي، ولا تسمح لكل من تسحره أضواء الشهرة، أن ينتحل شخصية الباحث والمستكشف، تاركاً خلفه جيشاً من الباحثين الحقيقيين الذين يعملون بشكل دؤوب على مدى السنوات الطوال، ويفنون أعمارهم ويبذلون كل ما أوتوا من الجهد العقلي والجسدي في سبيل نتائج، سيأتي متسلق ليسرقها بكل بساطة، أمام عدسات الشاشات الإلكترونية معتمراً قبعة المستكشف وكاشفاً عن صف من الأسنان الملمعة، كدعايات معجون الأسنان.
لكن من هي الجهة المخولة بمثل هذه المهمة؟
هل هي الجامعات؟ أم مراكز الأبحاث؟ أم أنها من مهمات الصحافة في معرفة الغث من الثمين فيما ينشر ويروج له عبر الشبكة العنكبوتية وعبر الإعلام المحلي؟