مِكشاف الكذب
ضمن خطط الإنجاز العلمية التقليدية، يبذل الباحثون جهوداً ضخمة قد لا تقدر بثمن من أجل جعل أبحاثهم ذات مصداقية عالية، فهناك معايير دقيقة لتكرارية البحث، ودقته الإحصائية، وقابلية التحقق من النتائج، وغيرها كثير من معايير المصداقية.
تتدهور هذه المعايير في زمان ومكان تبدو الحرب فيه كطابع مميز يطبع كل نواحي الحياة اليومية بطابعه، ناهيك عن البحث العلمي الذي يبدأ بمعاناة آفات المرحلة، وتبدأ سلسلة من الخداعات المتقنة أحياناً والمكشوفة بطريقة فجة جداً في أحيان أخرى.
من رسائل الماجستير ومشاريع التخرج المنحولة، إلى أبحاث منقولة من مراجع عالمية (مع تغيير بعض الصور أحياناً).
إلى «أبحاث» تفتقر إلى الحد الأدنى من المنطق العلمي، فتبدو نتائجها تسبح في مكان آخر غير المطلوب، وكأن البحث يجري لمجرد البحث، إلى استعراضات تفصيلية، بحيث تصبح كل تجربة من البحث نشرة علمية مستقلة، مما يعطي إيحاءً كاذباً بضخامة العمل البحثي الجاري.
ربما نحن بحاجة إلى مِكشاف كذب، يفحص أعمال الباحثين من حيث كونهم هم فعلاً من قام بالعمل ومن حيث مصداقية النتائج التي تمتلك أهمية قصوى في الأبحاث الطبية والصيدلانية، وحتى في الهندسة الاقتصادية وكل المجالات، فحياة وممات الناس والطبيعة والاقتصاد في أيدي من يفترض بأنهم يحملون هموم الأرض على عاتقهم ويسعون لحل أكبر المعضلات!.
إن وجود آلية وطنية للتحقق من المصداقية العلمية ربما تكون خطوة أولى على طريق رفع سمعة العمل البحثي، أو على الأقل استعادتها إلى زمن ما قبل الحرب كمرحلة ابتدائية ريثما تتكرس آليات المحاسبة.