السيطرة علينا عبر الروبوتات والذكاء الاصطناعي
قال كلاوس شواب، الرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، في مقابلة تلفزيونية عام 2016: «تخيلوا أنه بحلول 2025 قد يكون لدينا جميعاً شريحة مزروعة في مكان ما في أجسامنا أو أدمغتنا، وقد نتمكن من التواصل مع بعضنا البعض بدون هاتف، حتى بدون استخدام صوتنا...»؟ يصف كلاوس شواب هذا الأمر بأنه اندماج بين العالم المادي والرقمي والبيولوجي.
ترجمة: قاسيون
كما تحدّث عن وجود «خدم» شخصيين في هيئة روبوتات، ليسوا مجرد عبيد، بل مساعدين يعملون بالذكاء الاصطناعي، وسيتعلمون منا.... يبدو أن هَوس شواب بالثورة الصناعية الرابعة- الرقمنة الكاملة لكل شيء- لا حدود له. كلّ هذا يصبّ في العولمة والحكومة العالمية الواحدة، والتي من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض كبير في عدد سكان العالم. يظلّ هذا الهدف هو الأول للمنتدى الاقتصادي العالمي، وفقاً لخطة «إعادة الضبط الكبرى». إنّ حُلم كلاوس شواب بالثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي ما هو إلا أدوات للوصول إلى هناك بشكل أسرع.
لا يزال تقرير نادي روما المدمر «حدود النمو» هو المخطط الأساسي لكثير مما يحدث اليوم، بما في ذلك الحد من عدد السكان. في ظل تغير المناخ، قد يتحقق كل حُلم من أحلام تحسين النسل، إذا سمحنا لهم نحن الشعب بذلك.
يقع المقر الرئيسي «لنادي روما»، وهو اختراع روكفلر، في سويسرا. وكذلك المنتدى الاقتصادي العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، والتحالف العالمي للقاحات والأدوية، وبنك التسويات الدولية، والذي يُطلق عليه أيضاً البنك المركزي لجميع البنوك المركزية. تتمتّع جميعها بحصانة دبلوماسية كاملة ومعفاة من الضرائب. هل هي مصادفة؟
بعد ثماني سنوات من حديث شواب، حمل المنتدى الاقتصادي العالمي الرابع والخمسون في دافوس-24، عنوان «إعادة بناء الثقة». في البداية، قد يميل المرء إلى الاعتقاد بأنّ المنتدى الاقتصادي العالمي يدرك أنّه في حالة من الفوضى المتزايدة مع الناس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الشركات الكبرى وأتباع المنتدى الاقتصادي العالمي السابقين، ويحتاج بالفعل إلى إعادة بناء الثقة.
لكنّ هذا بعيدٌ عن الحقيقة. الموضوعات التي نوقشت في الجلسات العامة للمنتدى الاقتصادي العالمي «تغير المناخ»، وظهور مرض جديد غير معروف X «موجود بالفعل في مكان ما هناك»، والإعجاب المشابه للمتعصبين دينياً بالذكاء الاصطناعي المتطور بشكل متزايد- لم تفعل الكثير من أجل «إعادة بناء الثقة». خاصة عند النظر إلى بعض الجلسات المنعزلة، بحضور جمهور محدود، حيث برز هَوس كلاوس شواب بزراعات الرقائق الدقيقة والذكاء الاصطناعي وقراءة العقول.
يزعم كلاوس شواب أنه يتخيل: «تخيّل أننا نجلس هنا بعد عشر سنوات من الآن ولدينا غرسة في أدمغتنا، ويمكنني أن أشعر على الفور، لأننا جميعاً لدينا غرسات، ويمكنني قياس موجات دماغك، ويمكنني أن أخبرك على الفور كيف يتفاعل الناس مع إجاباتك ... هل هذا أمر يمكن تخيله؟»
على الطرف الآخر من الحديث سيرجي برين، المؤسس المشارك لشركة غوغل، والرئيس السابق لشركة ألفابت، الشركة الأم لشركة غوغل، الذي يملك ثروة صافية 118 مليار دولار أمريكي، ما يجعله تاسع أغنى شخص في العالم. يقف برين مذهولاً إلى حدّ ما من السؤال، غير مرتاح بشكل واضح. لا يعرف ماذا يقول، ثم يلفّ عينيه. يشعر بالحرج نوعاً ما، ويرفع ذراعيه في الهواء ويقول بتردد ... «أعتقد أن هذا أمر يمكن تخيله ...». يذكرنا هذا بالمقابلة التي أجراها شواب في 2016.
لسنا بحاجة للديمقراطية!
يذهب مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أبعد من ذلك، مقترحاً: «يمكننا إنشاء نظام حيث لا نحتاج حتى إلى انتخابات ديمقراطية، لأنّنا نستطيع التنبؤ بكيفية تفكيرك وشعورك ...». لا يهم هنا أنّ الانتخابات الديمقراطية أصبحت من الماضي البعيد. ففي العشرين عاماً الماضية، أو نحو ذلك، لم تكن هناك انتخابات في أي مكان في العالم لم يتم التلاعب بها بطريقة ما من قِبَل سادة الكون... حتى في موطن السادة والأباطرة الذين أطلقوا على أنفسهم هذا الاسم.
من المثير للاهتمام، أن شواب يشير دائماً إلى «نحن»، بمعنى أننا نتحكم فيك، وفي أفكارك، وفي مشاعرك، ونضعك في وضع «تنبؤي». لكن ما لم يقله السيد شواب قط، وهو ضمنيّ تماماً، هو أنّ «نحن» الذين يتحكمون في موجات الدماغ الإلكترونية، سوف يؤثرون على تفكيرك بالطريقة التي يريدونها.
في جلسة أخرى من جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 24، سأل أحدهم: «ماذا يمكننا أن نفعل لتجنب انتخاب الرئيس الخطأ؟». لم يتمّ ذكر أي أسماء، ولكن كان من الواضح أن المعلق كان يشير إلى دونالد ترامب، المناهض للعولمة، والذي سيحقق فوزاً ساحقاً في الولايات المتحدة إذا أجريت انتخابات عادلة اليوم.
نحن نعيش حالياً في العالم الغربي تحت دكتاتورية إيديولوجية، ومعظمنا لم يلاحظ ذلك حتى الآن. أن الأعمال المظلمة التي تشبعت بأفكارٍ الدكتاتورية، لن تنجح إلا إذا تم إخبار الناس بها بطريقة أو بأخرى. غالباً ما يتمّ ذلك بشكل متخفي، أو بطريقة خيالية، أو من خلال الأفلام «هوليوود جزء من ثقافة الإيديولوجية الدكتاتورية»، حتى يأخذها الناس على محمل الجد دون أن يثوروا. وعندما تصيبهم، يكون الأوان قد فات لمقاومتها.
إن الهَوس بالرقائق المزروعة والذكاء الاصطناعي الذي يحكم حياتنا اليومية، والروبوتات التي تحل محل البشر في أسواق العمل، مستمران منذ فترة طويلة. وقد تم بشكل مثالي تنفيذ التلقين أو الهندسة الاجتماعية، كما يسميها معهد تافيستوك Tavistock في المملكة المتحدة، أحد وكالات التلاعب الرئيسية بالعقول. من المرجح أن تافيستوك يعمل بالتعاون مع هوليوود، لقياس النبض في أحداث، مثل المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، والجمعية العامة للأمم المتحدة، والعديد من الأحداث الدولية والمحلية الأخرى، والتعرف على ردود أفعال الناس ودوافعهم.
لهذا السبب، أصبح من الصعب اليوم رؤية الخدعة. على سبيل المثال: مهزلة المناخ. إن الاعتراف لأنفسنا وللآخرين بالوقوع في فخ الكذب أو التلاعب بالعقول هو العقبة الأكثر صعوبة للاستيقاظ والتغلب عليها، والمهندسون الاجتماعيون يعرفون ذلك.
في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي الرابع والعشرين، نُقل عن شخص قوله «يتعيّن علينا أن نقطع طريقنا إلى السلام بالقنابل». يتعيّن علينا أن نكون على دراية بما يجري حولنا وأن نكون متنبهين. في حين يروجون للذعر في بروكسل بشأن التنفيذ القادم للهوية الرقمية التي سيتم ربطها بكل شيء شخصي: السجلات الصحية، وسجلات التطعيم، والسجلات المصرفية، وفي نهاية المطاف بالعملة الرقمية المبرمجة التي يتحكم فيها البنك المركزي. عندما يحدث ذلك، ونسمح له بالحدوث عن طريق الإهمال ــ عندئذ نكون قد انتهينا.
لقد أصبح الاستبداد المصرفي موجوداً بالفعل. إذا كنت تريد الاستمرار في استخدام حسابك المصرفي، فيجب عليك الالتزام بقواعد النظام المالي. لا علاقة لذلك بالقوانين- إنه النظام القائم على قواعدهم. يمكن أن يحتوي رمز الاستجابة السريعة على كمية غير محدودة تقريباً من البيانات الشخصية، بالإضافة إلى البيانات المتعلقة بالمكان والغرض من إنفاق أموالك- في النهاية معرفة المزيد عنك، أكثر مما تعرفه عن نفسك.
دعونا نكون متيقظين وواعين ومستعدين لبناء نظام نقدي ومصرفي بديل، يديره الشعب ومن أجل الشعب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1185