توسّع منظمة شنغهاي للتعاون وإدارة النزاعات المحتملة
في 4/7 عقد قادة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون اجتماعاً لمجلس رؤساء الدول عبر الفيديو، ووقّعوا وأصدروا «إعلان نيودلهي» لمجلس رؤساء دول منظمة شنغهاي للتعاون. خلال القمة استكملت إيران رسمياً إجراءات مختلفة وأصبحت عضواً رسمياً في منظمة شنغهاي للتعاون، ليرتفع عدد أعضاء المنظمة إلى تسعة. في الوقت نفسه تمّ توقيع مذكرة التزام لبيلاروسيا بالانضمام إلى منظمة شنغهاي، حيث تقترب بيلاروسيا من الانضمام لتصبح العضو العاشر. ما هو احتمال توسّع منظمة شنغهاي للتعاون؟ ومع زيادة الأعضاء كيف تدير المنظمة المخاطر المحتملة وتتحكم فيها؟ يجيب بان غوانغ، باحث أول في أكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية، وكبير مستشاري جمعية الشرق الأوسط الصينية، عن هذه الأسئلة.
ترجمة: قاسيون
س» - فيما يتعلق بالآلية الديناميكية لمنظمة شنغهاي للتعاون، يعتقد العالم الخارجي أنّ الصين وروسيا كانتا القوة الدافعة المزدوجة لمنظمة شنغهاي للتعاون. هل لا تزال روسيا قادرة على أخذ شؤون المنظمة بالاعتبار؟
ج» - عندما تأسست منظمة شنغهاي للتعاون لأول مرة طرح العالم الخارجي نظرية الصين وروسيا كمحركين مزدوجين، واستمرّت الحال كذلك منذ ذلك الحين. وحتّى بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية العام الماضي لم يتغيّر هذا الوضع كثيراً في العموم. ورغم أنّ دور الصين في المنظمة أكبر بكثير من ذي قبل، فلا يزال صعباً نسبياً أن تتمكن من تجاوز روسيا للقيام بشيء ما، هذا إذا افترضنا أنّ هناك هكذا نوايا في الأساس.
على سبيل المثال، سكة حديد الصين – قرغيزستان – أوزبكستان التي حظيت باهتمام كبير، حصلت أخيراً على دفعة كبيرة. لم تكن روسيا نشطة للغاية في الماضي، ولم تتم دعوة روسيا إلى المشاركة في أنشطة خارج إطار التعاون، ولكنّ روسيا لم تعترض على السكة مطلقاً وأعطتها تقييماً عالياً. في الحقيقة تتوخى الصين الحذر نسبياً عند تنفيذ مثل هذه الأنشطة حتى لا تؤثر على علاقاتها مع الدول الأخرى الأعضاء في منظمة شنغهاي، وخاصة روسيا. لكن من جهة أخرى تأمل روسيا أن تلعب الصين دوراً أكبر لتقليل الضغوط عليها. لهذا لا يمكن القول بأنّ آلية المحرك المزدوج قد تغيّرت في الوقت الحالي، ولكن يمكن اعتبار أنّ الصين تلعب دوراً متزايد الأهمية في نظام المحرك المزدوج هذا.
س» - منذ إنشاء المنظمة اجتذب توسيع العضوية الكثير من الاهتمام. لكنّ إيران التي أصبحت عضواً، وكذلك روسيا، تعرضتا لعقوبات من قبل الغرب، أيّ إنّ هذه الدول لديها «مشكلات» معينة. كيف يؤثر هذا على منظمة شنغهاي للتعاون؟ وكيف تدير المنظمة وتتحكم في الصراعات أو المخاطر المحتملة؟
ج» - إنّ عملية توسيع منظمة شنغهاي للتعاون مثيرة للغاية في الواقع. على سبيل المثال، عارض العديد من الأشخاص – بمن فيهم أنا وبعض السفراء القدامى – انضمام الهند إلى منظمة شنغهاي للتعاون. لكن بعد ذلك اتخذت الحكومة المركزية قراراً. كان المعارضون لانضمام الهند يخشون بأنّها تثير المتاعب. لكن بعد انضمام الهند وباكستان بالفعل، تغيرت الآراء تدريجياً وزالت المخاوف.
أتذكر عندما التقى الرئيس هو جينتاو بالقادة الهنود، قال شيئاً مؤثراً، أنّه بعد انضمام الهند إلى منظمة شنغهاي للتعاون ستكون هناك منصة جديدة لحل مشكلات العلاقات الصينية الهندية. تلهمني كلمة «المنصّة». على سبيل المثال، لم يكن من السهل على وزيري الدفاع ووزراء خارجية البلدين الاجتماع بسبب الوضع المتوتر على الحدود بين الصين والهند. لعبت روسيا دوراً كبيراً في هذا، والآن توجد آلية خاصة تسمى الآلية الثلاثية تدير مسائل الحدود الصينية الهندية في السنوات الأخيرة.
لذلك فإنّ منظمة شنغهاي هي منصة جيدة للغاية، والمنظمة نفسها ليست حصرية. في بعض الأحيان يصعب التوصل إلى حل للتيسير والتوسط بين الدول المتنازعة بشكل ثنائي، كما في حالة الصين – الهند، والهند – باكستان، لذلك يمكن استخدام منصة فرعية بين البلدين لحلّ المشكلات. وقد أثبتت فاعليتها في الصراعات من أجل الحدود والطاقة الكهرومائية. يمكن للتوسع الإضافي في منظمة شنغهاي للتعاون أن يطوّر حصول نزاعات أقلّ بين الدول الأعضاء.
في الحقيقة انضمام إيران إلى المنظمة شهد الكثير من المنعطفات. في عام 2010 عندما زار الرئيس الإيراني أحمدي نجاد شنغهاي كان غاضباً جداً لأنّ المنظمة لا يمكنها قبول إيران عضواً فيها. لكن السبب في ذلك الوقت كان بسيطاً، فقد كانت إيران دولة تخضع لعقوبات الأمم المتحدة. لدى منظمة شنغهاي للتعاون قاعدة تنص على أنّ الدول الخاضعة لعقوبات الأمم المتحدة لا يمكنها الانضمام إلى المنظمة. بعد التوصل إلى «الاتفاق النووي الإيراني» في عام 2016 رفعت الأمم المتحدة العقوبات عن إيران، لكن لاحقاً انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، لذا فإنّ العقوبات التي تعاني منها إيران الآن هي عقوبات أحادية الجانب فرضتها الولايات المتحدة. في هذه الحالة لا توجد قيود على تطور الوضع الإيراني وحصولها على عضوية منظمة شنغهاي للتعاون.
وبالمثل، فروسيا ليست معاقبة من قبل الأمم المتحدة، فالعقوبات ضدّ روسيا هي من قبل الولايات المتحدة والغرب وحلف شمال الأطلسي. لذلك، مثل بيلاروسيا، لا توجد قضية عقوبات في الوقت الحالي، ويجب أن يكون الانضمام إلى المنظمة في المستقبل أمراً سهلاً نسبياً.
في الواقع طلبت «إسرائيل» مرتين الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، لكن يبدو ذلك الآن صعباً للغاية. تتمتّع الصين وروسيا والهند ودول آسيا الوسطى بعلاقات عادية مع «إسرائيل»، ولكن الآن بعد انضمام إيران فإنّها تعارض بالتأكيد دخول «إسرائيل»، وهذه المجموعة من التناقضات يصعب حلها حالياً.
س» - الهند هي الرئيسة الدورية لمنظمة شنغهاي هذا العام. لكنّ زيارة مودي إلى الولايات المتحدة وتوقيع البيان المشترك جعل العالم يعتقد أنّ الهند في طريقها إلى اتخاذ جانب الولايات المتحدة. كيف تنظرون إلى الاتجاه المتغيّر للعلاقات بين روسيا والهند؟
ج» - في الآونة الأخيرة هناك بالفعل كثير من الناس الذين يعتقدون أنّ الهند تميل ناحية الولايات المتحدة، لكن أنا لديّ تحفظاتي على ذلك، فأنا أعتقد بأنّ الهند لا تزال بعيدة عن التوافق مع الولايات المتحدة في الكثير من القضايا.
ضمن معطيات الوضع الحالي لا أعتقد أنّ هناك الكثير من التغيير في العلاقة بين روسيا والهند، فلا يمكن للهند الاستغناء عن روسيا في مجال الطاقة والأسلحة وما إلى ذلك، وهذا تقليد مستمر منذ الاتحاد السوفييتي. من وجهة النظر الحالية يجب تجنّب القضية الروسية الأوكرانية قدر الإمكان في قمة منظمة شنغهاي للتعاون. إنّ اعتماد الهند اليوم على روسيا ليس فقط في شراء الأسلحة، ولكن أيضاً في دعم الأسلحة. لدى الهند الكثير من الأسلحة الروسية التي تحتاج إلى الصيانة وتوريد قطع الغيار ...إلخ. في هذه المرحلة لا يمكن فصل روسيا عن الهند على المدى القصير. تشتري الهند أسلحة أيضاً من دول أخرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا، ولكن في الوقت الحالي ما بين 60 إلى 70٪ من إجمالي أسلحتها هي روسيّة الصنع.
أعتقد أنّ الولايات المتحدة قامت لاعتبارات إستراتيجية بحتة، ومن أجل كسب الهند لتطويق الصين وإقناعها بالقبول بالعقوبات ضدّ روسيا، أعطت مودي بعض المعاملة الفخرية عند زيارته لها، لكن لا يزال بين الجانبين بعض القضايا الخلافية الأساسية التي لا يبدو أنّ لها حلّاً قريباً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1130