خنادق متحاربة تصدّع الإمبراطورية الأمريكية
إنّ ما يزعج الجميع بأمر ما يحدث في شمال شرقي سورية ليس المذابح أو الدماء أو أيّ شيء متعلق بحقوق الإنسان، بل هو في الحقيقة تضاؤل سيطرة الولايات المتحدة على الشرق الأوسط، فما يحدث هو ضربة قوية بنسبة 100% للهيمنة الأمريكية. إنّ التصدع الأمريكي الداخلي مستمرّ بالتعمّق لدرجة قد يوصل الأمور إلى مناحٍ جديدة لم يكن للمرء أن يتخيلها قبل أشهر ناهيك عن سنوات.
بقلم: رانيا خالق
تعريب: عروة درويش
هبوب الرياح الجديدة:
إنّ سلسلة من قرارات دونالد ترامب التي بلغت ذروتها في سحب القوات الأمريكية من سورية قد تسببت بآثار متتالية غيّرت بشكل كبير الجغرافيا- السياسية للشرق الأوسط، والسياسة الداخلية في الولايات المتحدة. منذ مدة والديمقراطيون يحاولون عزل ترامب عبر توجيه اتهامات له بإعاقة العدالة. لكن وحتّى بعد تقرير مولر والشهادة عن «التواطؤ» الروسي والذي قال عنه النائب جيمي راسكين مردداً صدى حديث 90% من زملائهِ الديمقراطيين: «يحوي أدلة غامرة، عشر حلقات من الإعاقة الرئاسية للعدالة»، فإنّ دعوات النواب الديمقراطيين إلى عزل ترامب وتوجيه الاتهامات له لم يكن لها تأثير يفوق تأثير مسدس دخاني.
لم يكن للديمقراطيين أن يخلقوا مداً وجزراً سياسياً قوياً كفاية، بحيث لا يمكن للنواب الجمهوريين مقاومة التصويت عليه لعزل ترامب بناء على ادعاءات «إعاقة العدالة»، وهم يدركون ذلك بشكل جيّد. ولهذا كانت فرصتهم في ذلك صفر في حينه. لكنّ الأمور تغيرت اليوم بشكل جذري. ما هو الشيء الذي حدث ليجعل من مسألة ميتة في مهدها، مثل إعاقة العدالة تصبح حركة يمكن للنواب الجمهوريين تبنيها والتصويت لصالحها؟
لن نجد الجواب عن هذا السؤال لا في حبكة الفضيحة الأوكرانية «أوكرانيا-غيت» التي استبدلت حبكة إعاقة العدالة، والتي استبدلت بدورها في وقتها الفضيحة الروسية «روسيا- غيت». فالجانب الأسوأ لاتصال ترامب الهاتفي بزيلنسكي هو أنّ ترامب حاول استغلال وتحقيق بعض المنافع السياسية من زعيم أجنبي... يا إلهي، هل يمكن لأحدنا أن يتخيل حدوث ذلك في الولايات المتحدة!
ربّما لو نظرنا عن كثب إلى جميع اتصالات الرؤساء الأمريكيين بالقادة الأجانب في الخمسين عاماً الماضية لن يفاجئنا مثل هذا الأمر، أليس كذلك؟ لم يقل النواب من قبل شيئاً عن استفادة القادة الأمريكيين من القادة الأجانب. تآمر نيكسون مع زعماء فيتنام الجنوبية لإطالة أمد حرب فيتنام، وكان ليندون جونسون على علم بذلك. تآمر رونالد ريغان مع قادة إيران لإطالة أمد احتجاز الرهائن وقامت لجنة الحزبين بالتغطية على الأمر.
يقول البعض بأنّهما لم يكونا رئيسين في وقتها. حسناً إذاً، عليّ أن أصدق بأنّ ريغان عندما أصبح رئيساً أتى إلى زوجته وقال لها: نانسي، بما أنني الآن رئيس فلا يمكنني الاستفادة سياسياً من زعيم أجنبي! وعلينا أن نكون واضحين بأنّ هذين المثالين هما من أكثر الأمثلة تطرفاً في السياسة الأمريكية، لكنّ الكثير غيرها حصل وما زال يحدث حتى اليوم، ولا أحد يحرّك ساكناً بشأنه.
إذاً لماذا سيغيّر النوّاب الجمهوريون رأيهم ويصوتوا لصالح الإدانة؟ السبب الذي يحتمل أن يدفعهم للتوقف عن مناقضة الديمقراطيين والتحالف معهم هو عدم رضاهم عن أمر مختلف كليّة: عدم موثوقية ترامب بوصفه ضاغط الزناد وعزوفه عن الأمر بالهجمات العسكرية. هذا الأمر يمثّل خطيئة لا تغتفر من وجهة نظر الجمهوريين كما هو الحال لدى زملائهم الديمقراطيين، وهو خطأ يجب على ترامب أن يتحمل مسؤوليته من وجهة نظر حرّاس الإمبراطورية الأمريكية.
التيارات المتضاربة:
أثناء حملة ترشحه للرئاسة، أعلن ترامب مراراً وبشكل واضح مناهضته للتدخلات الأجنبية التي لا طائل منها، وكان الديمقراطيون يهاجمونه كلّما أعلن عن ذلك أثناء تعزيزهم للكذب والحرب، وللكذب بشأن الحرب «تحديداً حول أوكرانيا». كما أعرب في حينه عن ازدرائه للإيماءات بشأن الالتزام الأخلاقي للولايات المتحدة عند ردّه على جو سكاربور الذي قال بأنّ بوتين يقتل الناس: «أظنّ بأنّ بلادنا تقتل الكثيرين أيضاً». وعندما سخر من جورج ستيفانوبولوس بخصوص أوكرانيا: «إنّ شعب القرم يفضّل أن يكون مع روسيا أكثر من أن يعود لما كان عليه».
إنّ مثل هذه الأفكار بمثابة إثم ملعون بالنسبة للصقور الجمهوريين، وقد استطاعوا تجاهلها في حينه لأنّهم افترضوا: 1– بأنّه لن يفوز. 2– بأنّ كلامه مجرّد خطاب انتخابي فارغ. 3– بأنّه كرئيس، سيتم احتواؤه وتسييره من قبل رعاة الدولة الأمنية- القومية. خلال الأشهر الماضية اتخذ ترامب قرارات إمّا بتخفيض الوجود العسكري الأمريكي، أو بشكل سافر عدم توجيه ضربة عسكرية مخططة ومتوقعة. شكلت هذه القرارات سواء بوجهها الخطابي أو بجوهرها موقفاً معادياً للتدخل، وهو الأمر المكروه بالنسبة للمدافعين عن الإمبريالية الأمريكية. وتعدّ قرارات ترامب بشأن سورية وإيران أهمّ نقاط الحبكة في السياق الذي قد يوصله إلى العزل.
إنّ البرق الشديد الذي أشعل نيران عدم رضا الجمهوريين هو قرار ترامب في حزيران الماضي إيقاف الضربة ضدّ إيران على إثر إسقاط الأخيرة لطائرة أمريكية بلا طيار. لقد تبعت هذه الحادثة الهجمات على ناقلات النفط النرويجية واليابانية في الخليج، والتي ألقت فيه الحكومة الأمريكية باللائمة على إيران. إنّها الحبكة المستمرة من قبل سياسيي الولايات المتحدة في الإعلام: كلّ شيء سيء يحدث في الشرق الأوسط نلقي بلائمته على إيران. إنّها الحبكة التي لها هدف محدد واحد: خلق موافقة عامة على الهجوم العسكري الذي يستهدف إيران عندما تسنح الفرصة سواء عبر صنعها، أو إذا ما حدثت مصادفة.
وإقرار إيران بتدمير واحدة من الأصول «القيّمة» لجيش الولايات المتحدة منحهم هذه الفرصة. وقد كان قرار ترامب، بمشورة بولتون وبومبيو وغيرهما، بتوجيه ضربة عسكرية لإيران هو الخطوة الحتمية التالية في هذا السيناريو. لكنّ قراره الذي اتخذه بعد بضعة ساعات لاحقة كان إلغاء الضربة. وكما أعلنت النيويورك تايمز: «لقد كان قراراً اتخذه دون العودة لنائبه أو لوزير خارجيته أو لمستشاره للأمن القومي... في حين كانت القوات على أهبة الاستعداد... أكثر من 10 آلاف بحار وجوي بالانتظار... ليأتي القرار بعد عشر دقائق ويثير اندهاش الجميع»، القرار الذي أثار حفيظة وغضب أقرب حلفائهِ وناصحيه من الجمهوريين. لقد كان خرقاً غير مسبوقٍ، وقطعاً لا يمكن السماح به بالنسبة لمؤيدي الإمبريالية الأمريكية بحيث شكّل قطعة لا تتناسب مع ملحمة «الرئاسة الخارقة» الأمريكية.
تقدير خاطئ
لا أعتقد بأنّ معارضي ترامب ممن يصنفون أنفسهم كيسار قد أدركوا مدى أهمية قراراته هذه ووجوب دعمها. هل شهدنا قراراً رئاسياً أكثر إيجابية من حيث النتيجة في الثلاثين عاماً الماضية؟ ورغم أنّه قرار قابل للتغيير بسبب عدم استقرار المؤسسة السياسية الأمريكية وقراراتها الكثيرة السيئة بخصوص إيران والمنطقة، فإنّ هذا القرار قد تفادى وأوقف مجزرة ودمار كبيراً. وما يجعله قراراً استثنائياً أيضاً أنّه عكس أمراً اتخذ وبدأ تنفيذه.
لكن هل ترامب وحده في عمليه اتخاذ هكذا قرار؟ فإذا ما نظرنا إلى الإعلام السائد سنرى بأنّ الواشنطن بوست قد كتبت أنّ قرار ضرب إيران «قسّم المستشارين الرئاسيين بين مسؤولي البنتاغون الذين عارضوا القرار بالقيام بضربة عسكرية ومستشار الأمن القومي جون بولتون الذي دعمه بقوّة». وخلال ساعات اتخاذ القرار أعلنت النيويورك تايمز: «كانت معارضة القرار قوية من قبل المدنيين العاملين في البنتاغون والجنرال دونفورد».
بكلمات أخرى، لا يتعلق الأمر برئيس مزاجي أو مشوش، بل هو التوتر المستمر بين تيار المحافظين الجدد الصهاينة الذين يمثلهم أشباه بولتون وبومبيو من جهة، وتيار الواقعيين العسكريين الذين يمثلهم رئيس هيئة الأركان المشتركة دونفورد. علينا ألّا نقع في الفخ الذي يحاول صقور الجمهوريين والديمقراطيين أن ينصبوه لنا بأن يخفوا هذا الشقاق ويرجعوه لتشوش وجنون ترامب. فهذا التوتر يشرح لنا أسباب وجود ما يمكن أن نسميه بقرار استثنائي أو حتّى «شجاع» غير مسبوق لرئيس أمريكي. ربّما يقول أحدهم إنّ عدم اتخاذ هذا القرار منذ البدء كان أفضل وأنا أؤيد هذا، لكن عند أخذ الظروف المحيطة بالحسبان يمكننا تقدير الأمر كما ينبغي.
الخنادق تتشكل بوضوح
يشير الجمهوريون إلى قرار ترامب بعدم توجيه ضربة عسكرية لإيران بكونه علامة ضعف، ويشبهونها بقرار أوباما عدم توجيه ضربة عسكرية إلى سورية على خلفية مسألة «الأسلحة الكيميائية». وهو ما عبرت عنه السيناتور ليندسي غراهام التي كان له مواقف مهمة في مهاجمة قصة «الإعاقة الرئاسية للعدالة» بقوله: «عدم توجيه ضربة لإيران قد رآها النظام الإيراني بوضوح كعلامة على الضعف». إنّ تشبيه السيناتورات لترامب بالسيد أوباما يعني بأنّ صورته مهزوزة في أعين الإمبرياليين الأمريكيين.
إنّ تعليق غراهام على قصة إلغاء الضربة العسكرية لم يأتِ إلّا بعد امتناع ترامب للمرة الثانية عن اتخاذ قرار يرضي المحافظين الجدد. هذه المرة بعد الهجوم على مصافي النفط السعودية، الأمر الذي حمل فيه بومبيو إيران المسؤولية عنه ووصفه بأنّه «أحد أفعال الحرب». حتّى الليبراليون كما نقلت النيويورك تايمز قالت: «إنّ ترامب بردّ فعله على إيران أسوأ حتّى من أوباما».
إنّ انضمام الجمهوريين لمجموعة انتقاد ترامب تعبّر عن تشكّل حواف الخنادق المتصارعة في السياسة الأمريكية بشكل واضح. فقد قالت غراهام من جديد: «هذا فعل حرب بشكل حرفي ويجب أن يكون هدفنا استعادة ردع العدوان الإيراني والذي خسرنا الفرصة له اليوم بشكل واضح». إذاً هذه «الخسارة» برأيهم تعني خسارة الشرق الأوسط لصالح إيران. ولم يقتصر الأمر على غراهام فهناك الكثيرون ممن أكدوا اصطفافهم هذا.
قرارات أكثر وحنقٌ أكبر
اليوم، يتخذ ترامب المزيد من القرارت التي يصفها الإعلام السائد المناهض له بأنّها «تلقي بالشرق الأوسط في خضم الفوضى» من خلال الإعلان عن انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سورية. فهذا «أثار انتقادات واسعة من قبل الجمهوريين ومن بينهم أقوى حلفاء الرئيس»، وهم الذين عبرت ردودهم عن سخطهم «بأكثر مصطلحات اللغة حدّة» ضده. وكمثال يمكننا النظر إلى زعيمة الجمهوريين التي قالت: «إنّه خطأ كارثي... يهدد الأمن القومي لأمريكا»، أو ماركو روبيو: «خطأ قاتل سيكون له عواقب شديدة تتخطى سورية. إنّه يخاطر بتشجيع النظام الإيراني... وسيعرض للخطر مصالح الأمن القومي الأمريكية في المنطقة».
إنّ الذين هاجموا ترامب على «خيانته لحلفائنا الأكراد» وتشجيعه تركيا على سرقة أقاليم سورية نسوا مباركتهم للغزو التركي لسورية في عهد إدارة أوباما، وهو الذي خان حلفاءه الأكراد أيضاً. جميعنا نذكر وقوف نائب الرئيس في عام 2016 جو بايدن إلى جانب الرئيس التركي وإصداره الأمر للقوات الكردية ليتراجعوا ويخلّوا الطريق لتركيا، أي تسليم المناطق التي استرجعوها من داعش لتركيا وللجهاديين السوريين الذين أعادوا التموضع ووقفوا خلف الدبابات التركية. جميعنا نتذكر قول بايدن وهو يأمرهم بالتراجع عن منبج: «قوات حزب العمال الكردستاني المشتركين عليهم التراجع إلى ما وراء النهر... لن يحصلوا تحت أيّ ظرف على الدعم الأمريكي إن لم يلتزموا بهذا الأمر، نقطة انتهى».
دعونا نرى حجّة مؤيدي التدخل المتمثلة بمنع عودة داعش ونرى. إنّ الولايات المتحدة هلّلت لداعش، وذلك باعتراف وزير خارجية أوباما جون كيري. تركيا دعمت داعش وأوصلت جنودها وتعاملت معها بالنفط على طول الحدود السورية طوال فترة النزاع، وذلك بمباركة من الولايات المتحدة. هؤلاء نفسهم الذين اعتبرهم مؤيدو الإمبريالية الأمريكية من قبل «ثواراً معتدلين» يشكلون القوات التي استخدمتها تركيا لغزو شمال شرق سورية مؤخراً. فتركيا استخدمت هذه القوات جزئياً لأنها كانت تريد تجنب الاشتباك مع قوات الجيش السوري المدعوم من روسيا.
لماذا هم غاضبون؟
إذاً لا أحد ممن يتباكون على الأكراد يهمه ما يحدث لهم، ولا أحد ممن يتحدث عن المدنيين يهمه ما يحدث لهم، ولا أحد ممن يخاف داعش يصدق هكذا قول. وكما أعلنت النيويورك تايمز بحسرة، إن استطاعت قوات الجيش السوري الوصول إلى الحدود التركية شمالاً والحدود العراقية شرقاً فهذا سيعني قدرة الدولة السورية على إعادة سيطرتها على كامل البلاد.
إذاً المشكلة هنا ليست في أنّ أمريكا قد تخلت عن حلفائها من الأكراد، بل في أنّ الولايات المتحدة لم يعد لديها حلفاء هنا. فالأكراد اليوم قد أقروا وانضموا للتحالف القادر على حقاً على حقن دماء السوريين والحفاظ على سيادتهم على أراضيهم، وهو بالتحديد التحالف الذي سعت الولايات المتحدة والناتو والاتحاد الأوربي و«إسرائيل» إلى تدميره على طول السنوات الماضية.
إذاً مؤيدو الإمبريالية الأمريكية غاضبون لأنّ ترامب عندما سحب القوّات من شمال سورية قطع مشروعهم طويل الأمد لتدمير الدولة السورية والمنطقة. فتقسيم المناطق السورية حيث يتواجد الأكراد واستمرار تواجد القوات الأمريكية بحجة حمايتهم، كان يراد منه إدامة توجيه الخنجر إلى دمشق والمحافظة على التهديد القائم منذ سنوات، والذي كان هدفه النهائي تدمير الدولة تماماً وشنّ هجوم عسكري على إيران.
الجمهوريون والديمقراطيون المؤيدون للإمبريالية الأمريكية غاضبون من ترامب بسبب انقلابه– وربما وضعه نقطة الختام– على مشروعهم. إنّ سلسلة القرارات التي اتخذها ترامب بدءاً من إلغاء الهجوم على إيران قد عمقت ووضحت خنادق الانقسام الأمريكي الداخلي.
إنّ كلمات ترامب «إنّها حروب سخيفة بلا نهاية» و «دعهم يحاربون حروبهم الخاصة» و «إن كانت روسيا تريد التورط في سورية فهذا شأنها» وردّه على نائبة كارولينا الجنوبية: «لا يريد شعب كارولينا الجنوبية منا أن ندخل في حرب مع تركيا أحد أعضاء الناتو، ولا مع سورية»، كلمات كان بإمكان زملائه الجمهوريين قبولها كجزء من خطاب انتخابي فارغ، أمّا أن يرددها رئيس في مكتبه، وخاصة بعد أن هاجموه عدّة مرات بسبب إخفاقه في شنّ الهجوم على إيران، فهو ليس بالأمر الذي يمكن لهم تقبله.
لا يمكننا فهم موقف مؤيدي الحرب هؤلاء من الجمهوريين والديمقراطيين المنزعج من قرارات ترامب، إن لم ننظر إلى الصورة الكلية وإلى السياسة الأمريكية في المنطقة، والتي تعدّ التحركات «الإسرائيلية» جزءاً منها. ولا يمكن فهم دوافع من يتهم قرارات ترامب بأنّها جلبت «الفوضى» للمنطقة دون العودة إلى مشروع الفوضى الذي بدأ منذ التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط في عام 2001 في العراق وليبيا وسورية.
فهم كلّ هذا ممكن عبر الرجوع إلى سياق الإستراتيجية «الأمريكية- الإسرائيلية» التي أعلن عنها الجنرال ويسلي كلارك «والتي تمّ تجاهلها بشكل متعمد من قبل الإعلام الأمريكي»: «إسقاط سبعة دول... بدءاً من العراق وسورية ونهاية بإيران».
لا يمكن للعاقل الذي يراقب أن يقتنع بأنّ خندق الحرب الأمريكي قد أعلن خسارته بعد قرارات ترامب، فالصقور من الحزبين سيحاولون الرد، والأحداث ستثبت لنا مدى عمق الخندقين اللذين يصدّعان السياسة الأمريكية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 937