الغذاء: من حق إلى سلعة

الغذاء: من حق إلى سلعة

يوضح عالم الاجتماع، ألكس برنارد، متى يعتبر نظام الغذاء الرأسمالي الأغذية سلعةً ومتى لا يفعل: جميع الأغذية التي لا تباع هي نفايات. ليس مردّ ذلك إلى أنّها غير صالحة للاستعمال، بل لأنّه لم يتمّ تبادلها في السوق. يجعل هذا من الطعام الصالح للاستخدام المرمي في المهملات: سلعةً سابقةً.

 

السلعة هي فقط مسألة علاقات اجتماعية. يمكن للغذاء أن يكون للاستخدام أو للاستعمال. وهذا يعني بالتأكيد بأنّه يمكن للغذاء أن يكون شيئاً غير كونه سلعة، فيمكن له أن يؤدي هدفاً آخر غير جني الأرباح. فإن كان هدفنا هو إطعام الناس بدلاً من الربح، فما الذي سينجم عن ذلك؟ سيعني ذلك بشكل رئيسي تغيير طبيعة الغذاء من سلعة إلى حق.

حلول مؤقتة غير مستدامة

نشأت حركات عدّة من أجل التعامل مع فضلات الطعام، ومن أجل العمل على تحقيق المثل الأعلى للغذاء كحق. يعالج بعضها، مثل: «التقاط المحصول»، المسألة من خلال ما يشرحه عالم الزراعة في جامعة ولاية نورث كارولينا، جاكوب روتز، بأنّه «تحقيق الذات الفردية». فبينما يتمّ استصلاح الغذاء الذي على شكل سلع سابقة، فإنّ هذا الفعل يركّز على أحداث تطوعية دون نقد، أو مناقشة سبب ترك الغذاء في الحقول. وعلاوةً على ذلك، فهو يجعل العمال الذين مرّوا في الحقول غير مرئيين، ويحوِّل عملهم المجهد إلى نشاط تطوعي.

ويتبع ذلك اتجاه راديكالي، يتمثّل بحركة «الفريغانية» وبحركة «الغذاء لا القنابل»، ذوات الاتجاه الاستراتيجي المباشر المهتم بعدالة الغذاء المناهضة للرأسمالية. وتستخدم الفريغانية فعل استصلاح نفايات الغذاء القابلة للاستعمال كفعل ناقدٍ سياسياً «وليس كحل للمشكلة»، وتظهر من خلاله عدم ملائمة قيم الرأسمالية للقيم البيولوجية والاجتماعية. وبالنسبة لأبحاث برنارد ولمذهبه في الفاعلية، فقد شارك في جولات تنشيطية، لإرشاد الناس إلى المكبات التي يجب الغوص فيها، ولفهم حجم الطعام المصنف «كسلع سابقة»، وللوقوف على هول التناقض البشع. تنتج الفريغانية اقتصاداً طرفياً يتحاشى التبادل المالي بشكل كبير، لكنّه يعين نفسه بأن يقتات على إسراف الإنتاج المفرط للنظام الرأسمالي.

إعادة ملكية

 الأنظمة الغذائية إلى الشعب

تعمل مثل هذه الجماعات في جميع أنحاء العالم، من تيجوانا، إلى مانيلا إلى هيوستن. يكافحون أحياناً القوانين التي تجرّم البقاء على الحياة، مثل: حظر التوزيع المباشر للطعام على المشردين، ويلعبون في أحيانٍ أخرى دوراً في الاحتجاج والتنظيم. لكن في الوقت الذي تقوم فيه هذه النماذج بتوفير مساحات للمساعدة المتبادلة، وتُظهر اللاعقلانية الأساسية في هذا النظام الغذائي، فهي لا تخلق بدائل طويلة الأمد لإنتاج الغذاء كحق، بدلاً من كونه سلعةً. يتطلّب هذا إعادة تشكيل جذري للنظام الغذائي.

في الوقت الحالي، تقترح العديد من الحركات إجراء عملية تكامل بين أفكار المساعدة المتبادلة والاستقلال، وبين تطوير نماذج إنتاج بديلة قادرة على الحلول مكان نظام الغذاء الرأسمالي الحالي. حيث إن جميع الشعوب والأمم والدول قادرة على تقرير نظم إنتاج الغذاء الخاصة بها، والسياسات التي تزوّد كلّ واحدٍ منّا بالغذاء ذي النوعية الجيدة والكافي، وذي السعر المعقول والصحي والملائم ثقافياً. ويستلزم هذا بشكل رئيسي أن يستعيد الشعب ملكية الأنظمة الغذائية، بحيث يديرها المزارع بنفسه، أو ضمن مجتمعات محلية، وذلك من أجل الصالح العام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
806