د. رائد الفلاحي د. رائد الفلاحي

هل يمكن إزاحة بوتين من الحكم؟! 3

تنحية بوتين عن السلطة ممكنة إذا وافقت الولايات المتحدة وإسرائيل وصندوق النقد والبنك الدوليين
 نشرت جريدة «روسيا السوفيتية» بتاريخ 14/7/2001 وجريدة «الحياة الروسية» رقم (7) بتاريخ 18/7/2001، نقلاً عن الجريدة الإيطالية «La repubblica» بتاريخ 12/7/2001، مقابلة مع الملياردير اليهودي بوريس بريزوفسكي والتي تعكس حدة التناقض داخل «العائلة الديمقراطية» الحاكمة حول قيادة روسيا و«الديمقراطية، وحقوق الإنسان...» ونظراً لأهمية المقابلة تتابع «قاسيون» نشر مادة تحليلية حولها..

جهاز الدولة غارق بالرشوة
يؤكد بوريس بريزوفسكي أن جهاز الدولة غارق بالرشوة، وفي خلال السنوات العشر الماضية (المقصود فترة ما يسمى بالإصلاح الاقتصادي) فإذا لم يكن هذا المسؤول «نائم» فإنهم جميعاً قد حصلوا على الرشوة المالية ولا يمكن اعتبار هؤلاء (العاملين في الجهاز الإداري الحكومي) غير مرتشين، أي أن أيديهم نظيفة أمام القانون، وإن بوتين عندما كان يعمل نائباً لمحافظ لينينغراد، ورئيس إدارة العلاقات الاقتصادية مع الدول الأجنبية كانت له علاقات مع شركات محلية وأجنبية، وكما أعتقد في حالة مجيء رئيس جديد للكرملين ولا يود بوتين أو حاقداً عليه، فإنه يمكن أن يستخدم الكثير من الوسائل والسبل والأدلة لتوجيه التهمة إليه بالفساد والرشوة المالية وإيداعه السجن المؤبد وبالأشغال الشاقة.

في نهاية العام سيكون لروسيا رئيساً جديداً!!
وكما وجهت الجريدة سؤالاً إلى بريزوفسكي: «أنتم تقولون سيكون لروسيا رئيس جديد»؟ أجاب بريزوفسكي: نعم، في نهاية العام سيكون لروسيا رئيس جديد ولن يستمر بوتين برئاسة الدولة الروسية، والرئيس سيكون واحداً من رؤساء المحافظات الروسية الذي يحاول بوتين اليوم سحقهم وإقامة نظام مركزي لصالحه عملياً.
اليوم السلطة الفعلية والحقيقية هي في يد رؤساء الجمهوريات المحلية والمحافظين.

بوتين «لا يملك السلطة»!!
وعند سؤاله: هل ستعودون إلى موسكو؟ قال: أنا مشتاق لموسكو، ولكن بوتين قال: في حالة رجوعي سوف أدخل السجن، وأنا على ثقة أن بوتين سوف تتم إزاحته من السلطة وبسرعة، وبخصوص محاولة اغتياله في الخارج، أجاب بريزوفسكي: لا أستبعد ذلك، ولكن أعتقد أن بوتين لا يستطيع إصدار مثل هذا القرار لأنه لا يملك تلك السلطة.

وجهة نظر
نعتقد أن تصريحات بوريس بريزوفسكي العلنية والمتكررة حول إمكانية تنحية الرئيس فلاديمير بوتين فيها نوع من المبالغة من جهة، ولكن بنفس الوقت لا يمكن لأي متتبع سياسي أن يتجاهل تلك التصريحات من جهة أخرى.
إن تنحية بوتين ـ كما نعتقد ـ ممكنة إذا وافقت الولايات المتحدة وإسرائيل وصندوق النقد والبنك الدوليين، وكما يتطلب كسب وتأييد موقف كل من بون ولندن وباريس وبالتعاون والتنسيق مع حلفائهم داخل روسيا، ويتم تحقيق ذلك وبشكل «ديمقراطي» وليس بانقلاب عسكري.
منذ عام 1992 ولغاية اليوم، فإن روسيا تعيش في دوامة الانقلابات الحكومية والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإن وضع روسيا قابل للانفجار في أي وقت، لأن الظرف الموضوعي مهيأ لذلك، أي لتغيير نهج ما يسمى بالإصلاح الاقتصادي. يعتقد الحزب الشيوعي الروسي، بأنه يمكن أن يتم تغيير هذا النهج من خلال الأسلوب البرلماني الديمقراطي فقط، يمكن القول أنه موقف فيه نوع من العقلانية والديمقراطية، ولكن هل تعتقد قيادة الحزب الشيوعي الروسي بأن هذا الأسلوب سوف يحقق هدفهم في تغيير سياسة «الإصلاح الاقتصادي»؟ وهل تعتقد قيادة الحزب الشيوعي الروسي بأن الثالوث العالمي الأسود المتمثل بالماسونية والصهيونية والإمبريالية العالمية سيسمحون لهم بذلك؟

الثالوث العالمي الأسود
إن الثالوث العالمي الأسود لا يؤمن لا بالديمقراطية ولا بالتعددية ولا بحقوق الإنسان... إنه يؤمن بالعنف والقتل والاغتيالات وشراء الذمم والانقلابات العسكرية وسياسة الكيل بمكيالين. فأمريكا التي قامت على أشلاء عشرات الملايين من الهنود الحمر تؤمن بتداول السلطة ديمقراطياً؟ لا نعتقد بذلك، فهي تسعى وبكل ما لديها من إمكانيات مادية وإعلامية وعسكرية بعدم عودة الشيوعيين للسلطة بشكل عام وروسيا بشكل خاص. إن مواقف أمريكا تنطلق بالدرجة الأولى من الجانب الإيديولوجي، من أجل ضمان مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية. إن هدف الثالوث العالمي الأسود هو تقسيم وتمزيق روسيا إلى دويلات صغيرة من أجل القضاء عليها كدولة عظمى واختفائها من الوجود، كما حدث للاتحاد السوفييتي.

مسكّنات آنية..
إن المسكنات التي اتخذها ويتخذها النظام الحاكم في روسيا منذ عام 1992 ولغاية اليوم ما هي إلا مسكنات وحلول وقتية وليست حلولاً جذرية، وبالتالي فإن الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية باقية ومستمرة وسوف تتفاقم، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على فشل «الإصلاحيين»، و«الديمقراطيين» الروس في أن يحققوا البديل الأفضل من الاشتراكية.

الوريث الشرعي
إن مجيء فلاديمير بوتين لرئاسة روسيا، لم يكن وليد صدفة، بل كوريث شرعي للرئيس السابق بوريس يلتسين، ومن أجل «إنقاذ» روسيا من أزمتها العامة وخوفاً من الانفجار الاجتماعي والاقتصادي والذي يصعب التكهن بنتائجه. لقد قام فلاديمير بوتين خلال السنتين من حكمه تقريباً على تعزيز سلطته المركزية، ويحاول على رفع الروح المعنوية للمواطن الروسي بعد أن سحقت خلال فترة حكم يلتسين، والزيارات الرسمية إلى كل من جمهورية كوبا وكوريا الشمالية وفيتنام والعمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع جمهورية الصين الشعبية وغير ذلك.
إن هذه السياسة ما هي إلا امتصاص نقمة الشعب الروسي التي تولدت خلال فترة ما يسمى بالإصلاح الاقتصادي، إلا أن هذه السياسة لا يمكن أن تستمر طويلاً، فدغدغة المشاعر مصيرها الفشل في ظل انحطاط مستمر للمستوى المعاشي للغالبية العظمى من المواطنين الروس، وفقدان الأمل بالمستقبل.

بوتين.. جزء من نظام يلتسين
إن فلاديمير بوتين هو جزء من نظام يلتسين السابق، وليس لديه سياسة واستراتيجية بعيدة المدى وواضحة الهدف، وليس لديه إيديولوجية، وإن غالبية المحيطين به اليوم هم من فريق الرئيس الروسي السابق وبوريس يلتسين، وإن التغييرات في السلطة التنفيذية التي أجريت تصب بالدرجة الأولى لتعزيز سلطته فقط.

«العائلة الديمقراطية»
يلاحظ أن الصراع والتنافس السياسي داخل «العائلة الديمقراطية» الحاكمة في روسيا، هو صراع على السلطة السياسية، وصراع على نهب ثروة الشعب، وليس صراعاً إيديولوجياً لأنهم لم يملكوا إيديولوجية واضحة ومعلنة ومتفق عليها من قبل جميع أفراد «العائلة الديمقراطية». إن الحكم في روسيا لم يكن حكماً ديمقراطياً منتخباً ونزيهاً من قبل الشعب الروسي وبشكل حر، يمكن القول أنه حكم عشائري فالعشائر الروسية «الديمقراطية» تتناوب وتتصارع في آن واحد فيما بينها على السلطة ومن أجل منع عودة الشيوعيين للسلطة مرة أخرى، فعشيرة يغور غايدار ـ تشوبايس وعشيرة تشيرنوميردين وعشيرة المسكوفيين برئاسة لوجكوف وعشيرة اللنينيغراديين وغيرها من العشائر «الديمقراطية» الأخرى، وإن كل عشيرة من هذه العشائر تلف حولها العشرات من «المنظرين» و «الإصلاحيين» و«الديمقراطيين» من السياسيين والاقتصاديين والأدباء والشعراء.. وإن الرابط الوثيق بين هؤلاء «المنظرين» والعشائر «الديمقراطية» هي تحقيق المصلحة المادية بالدرجة الأولى وليس رابطة إيديولوجية لقد أشارت بعض الصحف الروسية وثيقة الصلة بالنظام الحاكم وبالأوليغارشية الروسية بأن بريزوفسكي يعول من أجل تحقيق هدفه على الجنرال فلاديمير شامانوف، محافظ إقليم إيليانوفسكي حالياً والذي فاز بالانتخابات لرئاسة الإقليم وبالجولة الأولى من خلال دعم بريزوفسكي له وبنفس الطريقة حدث للجنرال ليبيد فالأموال القذرة في الزمن الرديء والمنحط تصنع الرؤساء والوزراء والمحافظين..!!

معلومات إضافية

العدد رقم:
162