العراق المحتل.. أضخم جيش مرتزقة يعمل بالجاسوسية أيضاً
تشير المصادر الأمريكية إلى أن عدد المتعاقدين الأمنيين في العراق المحتل قد بلغ 180 ألفاً، وزاد على اعداد القوات الأميركية العاملة في البلاد والبالغة 160 ألفاً حيث تشير هذه الأرقام إلى ان أكثر من 180 ألف عنصر من بينهم أميركيون ومن جنسيات أخرى وعراقيون يعملون حالياً في العراق المحتل بعقود أميركية، طبقاً لما تبين الأرقام التي أعلنتها وزارتا الخارجية والدفاع الأميركيتين مؤخرًا. وتقول صحيفة "لوس انجليس تايمز" إن العدد الاجمالي للمتعاقدين الخاصين يبين المدى الكبير لاعتماد إدارة بوش على الشركات الخاصة في إدارة هيمنتها على العراق. ونقلت عن بيتر سنغر الباحث في معهد بروكنغز الذي كتب هذا التقرير بناء على طلب من مؤسسة عسكرية، "إن هذه الأرقام توضح أفضل من أي شيء آخر أننا مضينا إلى الحرب من دون توفير قطعات عسكرية كافية وهذا يعني أن التحالف ليس تحالفاً طوعياً بل تحالفاً يعمل بأجر".
وتوضح أرقام وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين إلى أن هناك 21.000 متعاقد أميركي و43.000 من جنسيات أخرى وحوالى 118.000 عراقي .. جميعهم يعملون في العراق بدولارات الضرائب الأميركية طبقاً لأحدث بيانات صدرت عن الحكومة الامريكية.
فيما المصادر البريطانية تقول بأن هناك 11 شركة بريطانية كبرى تعمل في مجال الحماية الأمنية الخاصة في العراق وتوظف أكثر من 21 ألف شخص معظمهم جنود سابقون تركوا الخدمة في القوات المسلحة البريطانية طمعاً في المكاسب المالية المغرية التي تصل إلى آلاف الدولارات في اليوم.
وهذه الشركات هي:
1ـ شركة «إيجيس» لخدمات الدفاع: أكبر الشركات البريطانية العاملة في قطاع الحماية الأمنية الخاصة في العراق المحتل، تأسست عام 2002 وحصلت على عقود قيمتها 293 مليون جنيه إسترليني للعمل في العراق.
2ـ شركة «آرمور غروب»: تأسست عام 1981، ويشغل وزير الخارجية السابق في حكومة المحافظين مالكولم رفكيند منصب رئيسها غير التنفيذي، وقد حصلت على عقود بمئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية من الخارجية البريطانية لتأمين الحماية الأمنية لموظفيها في العراق.
3ـ شركة «بلو هاكل»: تأسست عام 2004 ،حصلت على عقود بعشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية في العراق مقابل خدماتها.
4ـ شركة «بريتأم الدفاعية»: تأسست عام 1997، حصلت على عقود لتقديم الحماية الأمنية لشركات خاصة تعمل في العراق ويشغل الجنرال مالكولم ويلكس منصب رئيس الشركة.
5ـ شركة «سنتوريون»: تأسست عام 1995 ، حصلت على عقود لتوفير الحماية لمؤسسات إعلامية غربية تعمل في العراق.
6ـ شركة "كونترول ريسك غروب": تأسست عام 1975، حصلت على عقود لتوفير الحماية الأمنية لمكتب إعادة الإعمار التابع للولايات المتحدة ويشغل منصب رئيسها غير التنفيذي الجنرال مايكل روز.
7ـ شركة «إيرينز إنترناشونال»: تأسست عام 2001 ، حصلت على عقود مجزية لحماية 282 أنبوبا للنفط في العراق ويشغل اللواء جون هولمز منصب مديرها العام.
8ـ شركة «جانوسيان»: تأسست عام 1997، التي تدعي أنها الشركة الأمنية الغربية الوحيدة التي لها مكتب مستقل ومدير في العراق.
9ـ شركة «أوليف»: تأسست عام 2001 ، حصلت على عقود مجزية لتوفير الحماية الأمنية لأثرياء وطواقم إعلامية وبرنامج المساعدات الأميركي لإعادة إعمار العراق ويشغل منصب مديرها العام الجنرال سدريك دلفيز.
10ـ شركة «بيلغريمز غروب»: تأسست عام 1988، حصلت على عقود لحماية مؤسسات إعلامية ومنشآت النفط والغاز في العراق.
11ـ شركة «غلوبال ستراتيجك غروب»: تأسست عام 1998، وتتولى مسؤولية حماية مطار بغداد الدولي.
وتقدّر صحيفة «الاندبندنت» اللندنية التي تصف عناصر هذه الشركات الأمنية بأنها أضخم جيش خاص في العالم من المرتزقة بحوالي 44 ألف شخص.. ويشكل البريطانيون نصف عدد شبكات الحماية حيث قدرتهم الصحيفة بحوالى21 ألفاً مشيرة إلى أن هذا الرقم يفوق بثلاث مرات مجموع القوات البريطانية المرابطة في العراق حالياً. ويعمل في شركات الحماية البريطانية إضافة إلى البريطانيين أعداد كبيرة من الأميركيين والجنوب أفريقيين والزيمبابويين والفلبينيين. وأن غالبية أعضاء أجهزة الأمن التي تتولاها شركات خاصة هم من قدامى القوات الخاصة لجيوش أجنبية في الثلاثينات أو الأربعينات من العمر ولديهم خبرات قتالية راكموها خلال نزاعات عدة جرت حول العالم. والكثيرون من الأجانب الذين يقومون بمهام أمنية لصالح شركات خاصة يفعلون ذلك للإغراء المالي الكبير الذي يمثله هذا العمل في العراق اليوم فأجر رجل الأمن الخاص قد يصل يومياً إلى حدود الألف دولار أميركي.
وفي الطابق الأول لمبنى داخل المنطقة الخضراء الواقعة وسط بغداد تجمع شركة بريطانية معلومات استخباراتية، وهذه الشركة هي «إيجيس ديفانس سيرفيسيز» التي يؤكد نشاطها أن جمع المعلومات الاستخباراتية أصبح حالياً من المهام التي تتولاها شبكة من شركات الأمن الخاصة التي تعمل في ظل الجيش الأمريكي.
وتتنافس شركات بريطانية وأميركية مختلفة في المناقصة على تجديد العقد الذي تبلغ قيمته 475 مليون دولار، ويعد هذا العقد الأهم من نوعه بالنسبة إلى نشاط شركات الأمن الخاصة في العراق والذي يتم بمقتضاه تفويض العمليات الاستخباراتية لشركة خاصة وهو ما كان في السابق مقتصراً على الجيش أو الوكالات الحكومية من قبيل (سي آي إي).
وتتولى الشركات المتعاقد معها توفير الحماية للجنرالات الأميركيين والمنشآت العسكرية المهمة كما يعمل موظفوها كحراس في السجون أو مستنطِقين في المنشآت التي تحتجز مشتبهاً فيهم لصلتهم بالمسلحين إضافة إلى مهام أخرى. أما الأنشطة الاستخباراتية التي تقوم بها شركة «إيجيس» فتشمل تقويم الأخطار في ساحة المعركة والرصد الإلكتروني لآلاف المتعاقدين الخواص. وإضافة إلى هذه النشاطات، فإن العقد المنتظر رسوه على إحدى الشركات الأمنية الخاصة يدعو إلى توظيف فريق من المحللين الاستخباراتيين المحنكين الذين سيكونون مطالبين حسب ملخص المسؤوليات والمهام التي سيضطلعون بها بالقيام بـ "تحليل أجهزة الاستخبارات الخارجية وتنظيمات المسلحين التي تستهدف موظفي ومصادر ومنشآت وزارة الدفاع".
ويهدف العقد الذي يجمع شركة «إيجيس» بالجيش الأميركي والمسمى«مشروع ماتريكس» إلى تحقيق عدة أهداف منها حيث تدير الشركة أكثر من عشر فرق مسلحين ببنادق هجومية والذين يتنقلون بوساطة سيارات مدرعة. وفي هذا السياق تنقل شبكة «سي ان ان» عن "كريستي كليمنز" نائبة الرئيس التنفيذي للشركة في مقرها في واشنطن قولها "إن هدفهم هو تقديم حقائق ميدانية للجيش".
ويبدو أن المشاركة المتزايدة والخفية عموماً لشركات الأمن في الحرب لفتت انتباه الكونغرس الأميركي الذي يسعى حالياً إلى «تنظيم هذا القطاع وتقنينه». وفي هذا المجال تقول لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب الأميركي في تقرير لها مؤخراً إنها "قلقة لأن أجهزة الاستخبارات الحكومية لا تتوفر على تعريف واضح للمهام التي هي من اختصاص الحكومة فقط؛ وبالتالي فمن غير المعروف ما إن كان ثمة متعاقدون يقومون بمهام هي من اختصاص الحكومة".
ومن جهته يقول بيتر سينغار زميل مؤسسة «بروكينغز» الذي ألف كتاباً حول الأمن الخاص وانتقد قلة الإشراف الحكومي "ليس ثمة بكل بساطة، التدبير والإشراف اللازمين لمعالجة هذا الأمر على النحو الأمثل"، مضيفًا أنه "ما زال ثمة الكثير من الأسئلة القانونية من دون إجابات والتي يتم تحاشيها"