«AIIB»: جاهزون للانطلاق والعمل..!

«AIIB»: جاهزون للانطلاق والعمل..!

جرت في يوم السبت الماضي 16/1/2016 عملية إطلاق «البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية». وفي سياق تاريخي يحمل في طياته ضربات موجعة لمنطق الاستئثار والتفرد الدولي، ستكون البشرية شاهدة على إحدى أهم عمليات الانقضاض على التفرد والهيمنة الغربية.

 

يعد الإطلاق التاريخي للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية حدثاً مرتقباً إلى حد كبير- وهو يستحق كل هذا الاهتمام وأكثر. فمع بدء عملياته، ينضم البنك الآسيوي إلى أسرة المؤسسات المالية متعددة الأطراف في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية على نطاق واسع في آسيا. وسوف يؤدي الاستثمار السليم والمستدام في البنية الأساسية إلى نتائج أفضل في مجال التنمية، فضلاً عن تحسين حياة المواطنين الآسيويين وسبل معيشتهم، وتوليد تأثيرات جانبية إيجابية في أجزاء أخرى من العالم.

أسئلة مشروعة.. ومساحات العمل

على مدى العام الماضي، التقيت بأناس من مختلف أنحاء العالم، وعاملين في مجالات الحياة كافة، وكثيراً ما طُلب مني أن أفسر لماذا نحتاج إلى بنك تنمية آخر متعدد الأطراف؟ وكيف سيكون البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية مختلفاً عن البنك الدولي أو بنك التنمية الآسيوي على سبيل المثال؟

في الواقع أن الإجابة على هذه التساؤلات واضحة تماماً، فقد تزايدت أهمية آسيا والدور الذي تلعبه على الساحة الدولية، غير أن المنطقة تواجه ثغرات شديدة واختناقات شائكة في البنى التحتية. كما نمت احتياجات الاستثمار في هذه البنية في آسيا بشكل كبير. وببساطة، ستعمل موارد البنك الآسيوي على زيادة مجموع الموارد المتاحة متعددة الأطراف للمساعدة في تلبية هذه الاحتياجات.

وفضلاً عن ذلك، هناك مساحة كبيرة يستطيع البنك الآسيوي من خلالها مساعدة البلدان الأعضاء في تحديث الطرق والسكك الحديدية والموانئ، وتعزيز فرص الحصول على الكهرباء، وتوسيع خدمات الاتصالات، وتحديث التخطيط الحضري، وتوفير المياه النظيفة، وخدمات الصرف الصحي. سوف نقوم بكل هذا بشكل جيد وتعاوني وعلى الوجه الصحيح، بوصفنا شريكاً يُعتمد عليه في التنمية القائمة على أساس التكامل.

تعلم من الماضي.. ورصد للمستقبل

يتمتع الأعضاء المؤسسون برؤية إدارية واضحة: سوف نحدد مستوى واضحاً وعالياً للأداء التنظيمي والحوكمة، من خلال دعم مبادئ الانفتاح، والشفافية، والمساءلة، والاستقلال باعتبارها المبادئ المؤسسية الأساسية للبنك. ويفرض ميثاقنا المساءلة المباشرة على إدارة البنك الآسيوي، بهدف ضمان تحول هذه المبادئ إلى قيم أساسية وليس مجرد شعارات. وأنا شخصياً أتبنى هذا التحدي، وألتزم بشدة بتعزيز ثقافة ترتكز على أعلى المبادئ والمعايير الأخلاقية.

لكن كيف سنفعل كل هذا؟ في صياغة النظام الأساسي للبنك الآسيوي وإطار سياساته العامة، عملنا مع مجموعة متنوعة من الخبراء الدوليين لاستخلاص الدروس من المؤسسات متعددة الأطراف القائمة. وقد عقدنا جولات مكثفة من المناقشات الفنية مع المساهمين في البنك، لضمان قدرته على عكس أهداف مالكيه، وتطلعاتهم في كل من أنشطة الإقراض والعمليات الداخلية. وأنا على يقين من تلبية الأسس السياسية التي يقوم عليها البنك للمعايير العالمية. ونحن نعمل الآن على توظيف فريق من الإداريين والخبراء على أعلى مستوى، لضمان التنفيذ الفعال لهذه الأسس.

في المقابل، سيتأكد المساهمون في البنك، من خلال تنفيذنا لتفويضنا هذا، من قدرة البنك على التعلم من الماضي، وإدراك احتمالات المستقبل- لإدارة الأمور على نحو مختلف، والقيام بأمور مختلفة. وسوف تعمل العديد من السمات التي تميز البنك الآسيوي على تيسير هذه المهمة.

لن نتسامح مع الفساد..

بادئ ذي بدء، تعكس هياكل الملكية والمساهمة الفريدة التي يتبناها البنك الشخصية الإقليمية للمؤسسة، وتزود الأعضاء بقدرة تصويتية أكبر في توجيه السياسات واتخاذ القرار. ويشهد الحوار الغني بين الأعضاء المؤسسين أثناء وضع النظام الأساسي للبنك، وإطاره السياسي، على ملكية المساهمين القوية لتفويض البنك ومهمته والتزامهم بها.

وعلاوة على ذلك، سوف يعمل تفويض البنك الآسيوي الجغرافي والقطاعي المتخصص على تمكينه من تقديم مهارات متخصصة، وخبرات مركزة، ومعرفة مكثفة بالسوق، كما ستضعه بنيته التنظيمية ومرونته في اختيار موظفيه في موقف يسمح له بالاستجابة السريعة لطلبات الدول والاحتياجات الناشئة. وسوف يكون نهجنا في البحث انتقائياً واستراتيجياً، وسوف يسمح لنا نموذج العمل الذي يركز على النتائج بتقديم أحدث المعارف والخدمات المالية المصممة خصيصاً لكل دولة.

وسوف يلعب البنك الآسيوي دوراً محفزاً، إذ سنوظف ونحشد التمويل العام والخاص، بما في ذلك المستثمرين المؤسسيين، ونساعد العملاء في تحسين ربحية المشاريع، من خلال تشجيع الشفافية والكفاءة والالتزام بالمعايير المقبولة- وأولها المعايير البيئية والاجتماعية- وبالتالي الحد من المخاطر.

وهذا يعني أيضاً تعزيز ثقافة تقوم على النزاهة المهنية والإدارة المثالية، التي لا يمكن لها أن تتسامح مع الفساد. ذلك أن أفضل السياسات على الورق تصبح بلا قيمة أو معنى، ما لم يتم تنفيذها بدقة ونزاهة وشفافية.

إن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية مؤسسة واعدة إلى حد عظيم، في منطقة احتياجاتها هائلة. وأنا على يقين تام من قدرته- وهو يفتح أبوابه للعمل في عام 2016- على تحقيق إمكاناته وتلبية الأهداف والمعايير التي يحددها مساهموه، والسعي حتى إلى التفوق على هذه الأهداف والمعايير وترقيتها.

 

*رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ونائب وزير المالية الصيني.

57 دولة..  ومعارضة أمريكية

وافق مجلس المحافظين في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية على اللوائح والقواعد ومدونة قواعد السلوك بالبنك مع اختتام اجتماعه الافتتاحي في بكين يوم السبت الماضي. وقال البنك، في بيان صحفي، إن المحافظين اختاروا مجلس مديري البنك، واختاروا جين لي تشون أول رئيس للبنك. ويضم المصرف الذي يتخذ من العاصمة الصينية بكين مقراً له 57 دولة حتى الآن.

وفي كلمته بمناسبة إطلاق البنك، قال الرئيس الصيني، شي جين، إن البنك يستهدف الاستثمار في مشروعات عالية الجودة ومنخفضة التكلفة، متوقعاً أن يقرض البنك- الذي سيباشر العمل في الربع الثاني من عام 2016 «ما بين عشرة مليارات و15 مليار دولار سنوياً في أول خمسة إلى ستة أعوام».

ورغم معارضة واشنطن للبنك الذي من المتوقع أن يلعب دوراً فاعلاً في إلغاء هيمنة الدولار الأمريكي على التبادلات العالمية، وأن يتحول إلى منافس جدي للبنك وصندوق النقد الدوليين، إلا أن عدداً مهماً من حلفائها التقليديين مثل أستراليا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، والفلبين، وكوريا الجنوبية، قد انضموا إليه.