تغيير النظام في سورية.. القضية الخاطئة! (2 - 2
آيسلنغ بايرن آيسلنغ بايرن

تغيير النظام في سورية.. القضية الخاطئة! (2 - 2

في مؤتمر إعلامي مغلق في واشنطن في منتصف كانون أول 2011، أكد رفيق جويجاتي (السفير السوري الأسبق في الولايات المتحدة والذي هو الآن جزء من المعارضةأن وزارة الخارجيةالأميركية ومعهد SWP الألماني للشؤون الدولية والأمنية (مركز أبحاث يقدم تحليلات السياسة الخارجية للحكومة الألمانيةكانا يمولان مشروعاً بإدارة «المعهد الأميركي للسلام» ومعهد SWP،بالعمل بالشراكة مع المجلس الوطني السوري، لتحضير المجلس لاستلام السلطة وإدارة سورية.

وفي مقابلة تمت مؤخراً، كشف برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري (وذلك تسريعاً لعملية سقوط الأسدعن أوراق الاعتماد المتوقعة منه: «لن يكون هناك علاقة خاصة مع إيرانإن قطعالعلاقات الاستثنائية يعني قطع التحالف الاستراتيجي» قال غليون، ثم أضاف قائلاً: «بعد سقوط النظام السوري لن يكون حزب الله هو نفسه».

وبحسب وصف لها في مجلة Slate بأنها «ثورة الربيع العربي الأكثر ليبرالية وصداقة للغرب»، تبدو جماعات المعارضة السورية مذعنة كنظيراتها الليبية قبيل موت معمر القذافي، الذين وصفتهمصحيفة نيويورك تايمز بأنهم «مهنيون علمانيون (محامون، أكاديميون، رجال أعماليتحدثون عن الديمقراطية، والشفافية، وحقوق الإنسان، وسيادة القانون»؛ هذا الكلام كان صحيحاً إلى حين انتقالالواقع إلى القائد السابق لمجموعة القتال الإسلامية الليبية عبد الحكيم بلحاج ورفاقه الجهاديين.

بدأ استيراد الأسلحة، التجهيزات، القوى البشرية (من ليبيا عموماًوالتدريب من حكومات ومجموعات أخرى مرتبطة بالولايات المتحدة، والناتو وحلفائهما الإقليميين في نيسان - أيار، وفقاً لتقاريرمختلفة، ويتم التنسيق خارج سلاح الجو الأميركي في «إنكيرليك» جنوب تركياومن «إنكيرليك» هناك شعبة حرب المعلومات أيضاً التي توجه الاتصالات إلى سورية عبر الجيش السوري الحرهذاالدعم الخفي مستمر، حيث إن American Conservative ذكرت في تقريرها في منتصف كانون أول:

هناك طائرات حربية لا تحمل علامات تابعة للناتو تصل إلى القواعد العسكرية التركية القريبة من لواء الإسكندرون على الحدود السورية، تقوم بتسليم الأسلحة... إضافة إلى متطوعين من المجلسالوطني الانتقالي الليبي... كما أن الإسكندرون هي مركز للجيش السوري الحر، الجناح المسلح للمجلس الوطني السوريإن مدربي القوات الخاصة الفرنسيين والبريطانيين موجودون على الأرض،يساعدون المتمردين السوريين في الوقت الذي تقوم فيه وكالة الاستخبارات الأميركية والـSpec Ops الأميركية بتقديم أجهزة الاتصالات والمعلومات الاستخبارية للمساعدة في قضية المتمردين، أيتمكين المقاتلين من تجنب مراكز تجمع الجنود السوريين.

 

سورية.. ووثائق ويكيليكس

كشفت صحيفة واشنطن بوست في نيسان 2011 أن ويكيليكس أظهرت أن وزارة الخارجية الأميركية قد أعطت ملايين الدولارات إلى المجموعات السورية المختلفة في المنفى (بما فيها الإخوانالمسلمون – المنتسبون إلى حركة العدالة والتنمية في لندنوإلى أفراد آخرين، وذلك منذ العام 2006 عبر مؤسستها «مبادرة شراكة الشرق الأوسط» بإدارة مؤسسة أميركية هي «المجلس الديمقراطي» (Democracy Council).

أكدت وثائق ويكيليكس المسربة أن هذا التمويل كان مستمراً بالفعل في العام 2010، توجه ليس مستمراً اليوم فحسب وإنما توسع وامتد في ضوء التحول إلى خيار «القوة الناعمة» الهادف إلى تغييرالنظام في سورية.

وحيث تكتسب هذه الدعوة لتغيير النظام في سورية بقيادة المحافظين الجدد القوة داخل الإدارة الأميركية، كذلك كانت أيضاً هذه السياسة مؤسسية الطابع في أوساط مراكز أبحاث السياسة الخارجيةالأميركية الأساسية، لدى عدد منها «مكاتب سورية» أو «مجموعات عمل سورية» تتعاون بشكل وثيق مع أفراد وجماعات المعارضة السورية (على سبيل المثال الـUSIP و«مؤسسة الدفاع عنالديمقراطية») والتي نشرت سلسلة من الوثائق السياسية لتجعل منها قضية لتغيير النظام.

في بريطانيا، وعلى نحو مماثل، تدعم «جمعية هنري جاكسون» التابعة للمحافظين الجدد حفاظ الولايات المتحدة، وبلدان الاتحاد الأوروبي وقوى ديمقراطية أخرى على جيش قوي مسلح بقدراتعسكرية ذي امتداد عالمي» وتعتقد بأن «الدول الديمقراطية الليبرالية الحديثة، فقط، هي الدول الشرعية حقاً» وبأنها، وبشكل مماثل، تدفع بأجندة تغيير النظام في سورية.

هذا الموضوع هو بالشراكة مع شخصيات معارضة سورية بمن فيهم أسامة منجد، قائد سابق لجماعة المنفى السوريين، حركة العدالة والتنمية، المرتبطة بالإخوان المسلمين، الممولة من وزارة الخارجيةالأميركية منذ العام 2006، كما نعلم من وثائق ويكيليكس المسربة.

يدير منجد، وهو عضو في المجلس الوطني السوري، شركة علاقات عامة حالياً كان قد أسسها في لندن مؤخراً وبالصدفة، كان أول من استخدم مصطلح «الإبادة» بما يتصل بالأحداث في سورية فيبيان صحفي للمجلس الوطني السوري نشر مؤخراً.

منذ البداية، كان هناك ضغط هام على تركيا لتأسيس «ممر إنساني» على طول الحدود الجنوبية مع سوريةأما الهدف الرئيس لهذا الأمر، كما يحدد تقرير «الطريق إلى بلاد فارس»، فهو توفير قاعدةيمكن للتمرد المدعوم خارجياً التمركز فيها والانطلاق منها.

إن الهدف من هذا «الممر الإنساني» هو كإنسانية قصف الناتو مدة أربعة أسابيع لمدينة سرت الليبية عندما مارس الناتو تفويضه حول «مسؤولية الحماية»، بحسب مصادقة مجلس الأمن الدولي عليه.

 

القمع.. والجهة الثالثة الغامضة!

كل هذا لا يعني القول إنه ليس هناك من مطلب شعبي حقيقي للتغيير في سورية ضد البنية التحتية الأمنية القمعية التي تهيمن على كل جانب من جوانب حياة الشعب، ولا يعني أيضاً أن انتهاكات حقوقالإنسان لم ترتكب، من جانب كل من قوات الأمن السورية، ومتمردي المعارضة المسلحة، إضافة إلى قوة ثالثة غامضة الصفات تعمل منذ بداية الأزمة في سورية، بمن في ذلك متمردون، غالبيتهم منالجهاديين من لبنان والعراق، البلد المجاور، وأيضاً من ليبيا في الآونة الأخيرة، من بين بلدان أخرىإن انتهاكات كهذه تعد حتمية في الصراعات المنخفضة الشدةومنذ البداية، دعت الانتقاداتالأساسية لمشروع تغيير النظام هذا بقيادة الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، الخليج إلى محاسبة ومعاقبة كل مسؤول أمني أو غيره «مهما كان رفيعاً»، يتبين أنه ارتكب أية انتهاكات لحقوق الإنسان.

ويكتب إبراهيم الأمين فيقول إن البعض في النظام قد اعترف بأن «العلاج الأمني كان مضراً في حالات ومناطق عديدة، وبأن الرد على التظاهرات الشعبية كان خاطئاً... كان بالإمكان احتواء الوضععبر إجراءات عملانية شعبية ثابتة وأكيدة – كاعتقال أولئك المسؤولين عن تعذيب الأطفال في درعا».. ويقول الأمين في مقالتهإن المطالبة بالتعددية السياسية ونهاية كل أشكال القمع المحيطة بالشعبأمر حيوي وملح.

لكن ما قد يكون بدأ كتظاهرات شعبية، ركزت بدايةً على قضايا وحوادث محلية (بما فيها تعذيب أطفال في درعا على يد القوى الأمنية)، قد تم اختطافه بسرعة بواسطة هذا المشروع الاستراتيجي الواسعالمتعلق بتغيير النظاموكنت قد عملت، قبل خمس سنوات، في شمال سورية مع الأمم المتحدة في إدارة مشروع كبير للتنمية الاجتماعية.

بعد اجتماعات الجماعة المسائية، كان من الشائع العثور على رجال المخابرات السورية ينتظروننا لإخلاء الغرفة كي يتمكنوا من فحص الورق المثبت على الجدرانذلك الأمر الذي كان وجهاً منوجوه الحياة اليومية للناس، تقريباً، والذي كان منظماً من قبل بيروقراطية أمنية مختلة متصلبة لحزب البعث خالية من أية إيديولوجية عدا محاباة الأقارب والفساد الحتمي اللذين يأتيان مع كل سلطةاستبدادية، كان ظاهراً في كل سمة من سمات حياة الناس اليومية.

لعبة التوصيفات والأرقام

كان يوم الثلاثاء، 20 كانون أول، بحسب ما قيل، «اليوم الأكثر دموية خلال الأشهر التسعة من عمر الثورة، مع المجزرة المنظمة لعدد هائل من المنشقين الفارين من الجيش بحسب ما ذكرت الصحافةالدولية في إدلب، شمال سوريةإن هناك زعماً بأن مناطق من سورية «معرضة الآن لإبادة كبرى»، ونعى المجلس الوطني السوري «الأبطال الـ250 الذين سقطوا خلال 48 ساعة»، مستشهداً بأرقامقدمها المرصد السوري لحقوق الإنسان ونقلاً عن المصدر نفسه، ذكرت الغارديان بأن الجيش السوري كان:

«... يصطاد الفارين من الجنود... قتل ما يقرب من 150 رجلاً فروا من قاعدتهموبرزت صورة...حالة ارتداد ضخمة...كانت تجري بشكل سيئ... مع تموضع القوات الموالية بغرض حصد أعدادكبيرة من المنشقين ما إن يفروا من القاعدة العسكرية». أما أولئك الذين تمكنوا من الفرار فقد تم اصطيادهم في مخابئ موجودة في الجبال القريبة، بحسب ما ذكرت مصادر متعددةوقدر المرصدالسوري لحقوق الإنسان محاصرة 100 منشق، ومن ثم قتلهم أو جرحهمكما قام الجيش النظامي أيضاً، بحسب ما قيل، باصطياد الأهالي المقيمين الذين قدموا المأوى للمنشقين.

زعمت مدونة AVAAS الحية، مجموعة العلاقات العامة / التأييد السياسي للمواطنين، التي تنقل عنها الغارديان أن «269 شخصاً قد قتلوا في الصدامات»، واستشهدت الغارديان بالتوزيع التفصيليالدقيق لعدد الضحايا: «163 من الثوار المسلحين، 96 من قوات الحكومة، ومن المدنيين». وأشاروا إلى أن AVAAZ  لم تقدم شيئاً للتثبت من المزاعم.

لم تذكر واشنطن بوست سوى أنها تحدثت إلى «ناشط يعمل مع جماعة الحقوق في AVAAZ والذي قال إنه تحدث إلى ناشطين محليين ومجموعات طبية وضعوا حصيلة القتلى في تلك المنطقة يومالثلاثاء والتي وصل عددهم إلى 269 قتيلاً».

في كل الأحوال، وبعد يوم من التقارير المبدئية عن المجازر بحق المنشقين الفارين، تغيرت الروايةوذكرت صحيفة التلغراف في 23 كانون الأول:

قيل في البداية إن المنشقين عن الجيش كانوا يحاولون اقتحام الحدود للوصول إلى تركيا والانضمام إلى الجيش السوري الحر، لكن يقال اليوم إن ناشطين ومدنيين غير مسلحين كانوا يحاولون الهرب منمحاولات الجيش بجعل المحافظة تحت سيطرتهملقد تم تطويقهم من الجنود والدبابات وقتلوا رمياً بالرصاص حتى لم يعد هناك من ناجين، بحسب ما ذكرت التقارير.

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في 21 كانون أول، مستشهدة بالمرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «المجزرة كانت بحق ناشطين ومدنيين غير مسلحين، من دون وجود منشقين عسكريين مسلحين منبينهم، بحسب ما قالت جماعات حقوق الإنسان».

وقد نقلت عن رئيس المرصد السوري وصفه المجزرة بـ«المنظمة»، وقال إن روايته تؤيد رواية شاهد كفر عويد، قولهوضعت القوى الأمنية قوائم بأسماء أولئك الذين نظموا تظاهرات ضخمة معاديةللنظام، ثم فتح الجنود النار فاستخدموا الدبابات، القذائف، والرشاشات الثقيلة، كما استخدموا قنابل مملوءة بالمسامير لزيادة عدد الضحايا.

ونقلت صحيفة لوس أنجلوس تايمز عن ناشط تحدثت معه عبر اتصال عن طريق الأقمار الصناعية معلقاً من موقعه «حيث يلتجئ في الغابات» بالتالي: «تبدو كلمة مجزرة صغيرة جداً لوصف ماحصل». في هذه الأثناء، ذكرت الحكومة السورية أنها قتلت في 19 و 20 كانون أول «العشرات» من أفراد «العصابات الإرهابية المسلحة» في كل من حمص وإدلب، وأنها اعتقلت عدداً من الأفرادالمطلوبين.

أما الحقيقة بشأن هذين اليومين الدمويين فقد لا تُعرف أبداً ربما، فالأرقام المذكورة آنفاً (ما بين 10ـ 163 من المتمردين المسلحين، 9 ـ111 من المدنيين غير المسلحين و صفرـ97 من قوات الحكومة)متباينة بشكل بارز وهام لناحية عدد القتلى وكذلك هوياتهم، بحيث إن من المستحيل التثبت من «الحقيقة».

وبما يتصل بـ«مجزرة» مزعومة سابقاً في حمص، وجد تحقيق لستراتفور بأن «لا إشارات عن وجود مجزرة»، مستنتجاً أن «قوى المعارضة لديها مصلحة بإبراز حصول مجزرة وشيكة، بأمل محاكاةالظروف التي دفعت إلى حصول تدخل خارجي أجنبي في ليبيا».

مع ذلك، فقد ذُكرت «مجزرة» 19ـ20 كانون أول في إدلب كحقيقة وتثبيتها في رواية «آلة القتل» للرئيس الأسد.

من يكتب التقارير؟

يعتمد كل من تقرير مبعوث حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأخير وتقرير أخير لمدونة بيانات حول عدد القتلى المسجلين في «الثورة الدموية السورية» اللذين نشرتهما صحيفة الغارديان في 13كانون أول – مثالين عن محاولات تثبيت الحقيقة حول أعداد القتلى في الصراع السوري وفق معطيات توفرها المعارضة حصرياً تقريباًمقابلات مع 233 شخصاً من «المنشقين المزعومين عنالجيش»، هذا في حالة تقرير الأمم المتحدة، وتقارير من المرصد السوري لحقوق الإنسان، ولجان التنسيق المحلية ومحطة الجزيرة في حالة مدونة البيانات للغارديان.

تذكر الغارديان ما مجموعه مقتل 1414 إنساناً – بمن فيهم 144 من الموظفين الأمنيين السوريين – ما بين كانون الثاني و21 تشرين الثاني 2011. وبناء على تقارير صحفية فقط، يحتوي التقرير علىعدد من الأمور الأساسية غير الدقيقة (مثلاً، لا تتطابق أعداد القتلى لدى هذه المصادر مع الأماكن المذكورة في المصادر الأصلية): يتضمن مجموع القتلى 23 سورياً من الذين قتلوا على يد الجيشالإسرائيلي في حزيران ي مرتفعات الجولان؛ 25 شخصاً جرحوا، وهؤلاء مشمولون في الرقم الكامل لهؤلاء القتلى، حيث إنه قد ذكر أن عدداً من الناس قد تم إطلاق الرصاص عليهم.

لا يذكر التقرير مقتل أي من المتمردين المسلحين خلال فترة العشرة أشهر كلها، كل الضحايا من «المتظاهرين»، «المدنيين» أو «الشعب»، عدا الـ144 شخصاً من الموظفين الأمنيين.

إن 70 % من مصادر بيانات التقرير هي من المرصد السوري لحقوق الإنسان، والمجلس الوطني السوري و«ناشطين»؛ و38 % من التقارير الصحفية مصدرها الجزيرة، و3% من منظمة العفوالدولية، و1.5 % من مصادر سورية رسمية.

رداً على تقرير المبعوث العام للأمم المتحدة، علق سفير سورية في الأمم المتحدة قائلاً: «كيف يمكن لمنشقين أن يعطوا شهادات إيجابية عن الحكومة السورية؟ طبعاً هم سوف يقدمون شهادات سلبيةضدهاإنهم منشقون».

وفي مجهود لتضخيم أرقام الضحايا، فاقت أرقام مجموعة الناشطين – العلاقات العامة في AVAAZ حول الضحايا أرقام الأمم المتحدة حتى على الدوامفقد صرحت AVAAZعلناً بأنها متورطة في«تهريب ناشطين... إلى خارج البلاد»، وإدارة «منازل آمنة لإيواء كبار الناشطين وحمايتهم من بلطجية النظام»، وبأن أحد «صحافيي AVAAZ السوريين قد اكتشف مقبرة جماعية».

ويفاخر التقرير بأن الـBBC والـCNN قالتا إن بيانات AVAAZ ومعطياتها تعادل نحو 30 % من تغطيتهما الإخبارية في سوريةوذكرت الغارديان آخر مزاعم AVAAZ حول امتلاكها «دليلاً»على قتل حوالي 6100 إنسان (بمن فيهم قوى أمنية و400 طفل)، زاعمة بأن هناك 617 شخصاً ماتوا تحت التعذيبإن تبريرهم بالتحقق من كل حالة موت بمفردها عن طريق ثلاثة أشخاص، «بمنفيهم أحد الأقارب ورجل دين تعاملا مع الجثة» أمر بعيد الاحتمال إلى أبعد الحدود.

إن قتل أحد عمداء الجيش وأطفاله في نيسان العام الماضي في حمص يبين كم أن من المستحيل تقريباً التحقق، خلال صراع مذهبي تحديداً، من قضية قتل واحدة حتى، هي في هذه الحالة، رجل وأطفاله:

إن قتل الجنرال، الذي يعتقد بأن اسمه عبد الطلاوي، مع أطفاله وابن أخيه عندما كان يمر عبر حي هائجهناك روايتان حول ما حدث له ولعائلته، وتتباينان حول مذهب الضحية.

فالموالون للنظام يقولون بأنه قتل على يد التكفيريين (إسلاميون متشددون يتهمون مسلمين آخرين بالردةلأنه ينتمي إلى المذهب العلويويصر المتظاهرون على أنه فرد من أفراد عائلة الطلاوي منحمص وبأنه قتل على يد القوى الأمنية لأنه رفض إطلاق النار على المتظاهرين.

الرواية الثالثة يتم تجاهلها بسبب الاستقطاب البالغ للآراء في المدينة (حمص). فالعميد قتل لأنه كان في آلية عسكرية، رغم أن أطفاله كانوا معهكائناً من كان قاتله فإنه لم يكن مهتماً بمذهبه وإنما كانمهتماً بتوجيه ضربة للنظام، وبالتالي استفزاز حصول رد فعل وحملة أقسى لفرض النظام، الأمر الذي سيجر حركة التظاهرات، بدورها، إلى دائرة العنف مع الدولة.