غضب عمّالي «فيسبوكي»
فرح عمار فرح عمار

غضب عمّالي «فيسبوكي»

ما زالت تداعيات القرارات الصادرة بحق العاملين في القطاع العام، التي قامت بها حكومة تصريف الأعمال، مستمرة وتتصاعد يوماً بعد يوم، سواء داخل المؤسسات والمديريات والمعامل أو عبر الاحتجاجات الرمزية التي تخرج بشكل شبه يومي. وتبرز من جملة هذه التحرّكات نشاطٌ إلكتروني غزير عجّت به صفحات التواصل الاجتماعي بشكل عام، والفيسبوك بشكل خاص، على شكل منشورات وتعليقات وردود، تتحدّث عن مواقف أصحابها من إجراءات التسريح التعسفي لفئة من العمال، أو إنهاء عقودهم السنوية، أو إعطاء إجازات قسرية غير مفهومة لمدة زمنية تراوحت بين 15 يوم وثلاثة أشهر، وغيرها من الإجراءات الأخرى التي تشترك بكونها إجراءاتٍ غير قانونية، وغير مرتكزة على أسس ومعايير واضحة، أو أيّ ضوابط تحمي العمّال، وتحافظ على حقوقهم، وسنحاول في هذه المادة استعراض عيّنات من التعليقات الفيسبوكية العمّالية، التي يحاول من خلالها العمّال إيصال صوتهم ومعاناتهم للجهات المعنية للتوقّف عن محاربة العمّال بلقمة عيشهم، والتراجع عن كل القرارات الجائرة بحقّهم.

كل يوم تسريح جديد وكل يوم عمّال عم ينقطع رزقها...
علّق أحد العاملين المسرَّحين: «كل يوم تسريح جديد وكل يوم عمّال عم ينقطع باب رزقها، وهي مو قدرانة تأمّن شي من معيشتها وما في حدا مهتم! العامل يلي صرله أكتر من عشر سنوات بيشتغل بضمير بيقلّعوه من شغله بدون حتى ما يتوجهلو الشكر! وين القانون؟! وين الحقوق؟! وين الحكومة اللي المفروض تحمينا؟!».

على أساس ارتحنا من الظّلم وين العدل؟

وفي تعليق تهكّمي لأحد المعلّقين ذكر الآتي: «التسريح صاير موضة هالسنة! كل يوم منسمع عن شركة أو مؤسسة سرحت عمالها. شو القصة؟ ولّا هلق صار العيب على الموظف إنه يشتغل ويخلص شغله؟ ولا العيب بالدولة يلي ما عندها خطط ولا حلول، ومعلش هي الدولة أدرى بمصلحتها (مو بمصلحة الشعب السوري)، على أساس ارتحنا من الظلم وين العدل؟».

مو تجي الأسماء من فوق ويروح الصالح بالطالح...

وفي استغرابه بغياب أيّ معايير واضحة لعمليات التسريح علّق أحدُهم: «المفروض يتم تقييم العامليين من قبل لجان مختصّة قائمة على أساس علمي، مو تجينا الأسماء جاهزة من فوق ويروح الصالح بالطالح، لازم يكون في تحقيق جدّي وموضوعي بهي القضية، ليش ما في معايير واضحة للتسريح؟ ليش ما في تعويضات للعامل؟ ليش ما في رقابة على القرارات يلي عم تتاخذ بحقنا؟ الناس مو لعبة بإيد المسؤولين، لازم يكون في عدالة».

هدول الناس هنن ضحايا السلطة السابقة...

وأشار أحد المتضامنين مع العمّال المفصولين من عملهم إلى أنّ العمال كانوا ضحية للسلطة الساقطة، ويجب ألّا يبقوا ضحية لقرارات الحكومة الحالية وأورد بتعليقه: «هدول الناس هنن ضحايا السلطة الساقطة بسبب سلوكها ورفضها للحل السياسي يلي كان رح يوفّر علينا كلّ هاد التعب ويحل كل المشاكل، ما لازم يصيرو هدول الناس ضحية للقرارات الاعتباطية والعشوائية تبع السلطة الحالية، لازم يتم حماية الفئات الأضعف بدل التقاوي عليهم، ولازم مراعاتهم وسماع صوتهم ومطالبهم».
أخيراً تأتي هذه التعليقات كانعكاس حقيقي للأزمة العميقة التي يعشيها العمّال السوريون اليوم في ظلّ الظلم الجائر، الذي يعانون منه اقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً، دون أيّ معايير محدَّدة أو حماية حقيقية للعامل، علماً أنّ هذه المشكلة ليست فردية وإنما انعكاس لأزمة أعمق تتطلب حلولاً جذرية وسريعة، لأنّ الغضب العمّالي الذي يظهر على منصّات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك ليس مجرَّد تعبير عن سًخطٍ آنيّ، وإنما هو دعوة حقيقيّة لتوحيد المطالب والعمل الجماعي من أجل تحقيق العدالة والكرامة للعمّال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1213