التعويض المعيشي وضرورة ضمّه إلى الأجر الأساسي

التعويض المعيشي وضرورة ضمّه إلى الأجر الأساسي

تعني كلمة التعويض المعيشي اعترافاً ضمنياً أنّ الأجر الأساسي لا يكفي ولا يصلح للمعيشة، لذلك تم اختراع مصطلح «التعويض المعيشي» تعويضاً عن الارتفاع الجنوني للأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة، وقد تم اعتماده في القطاع الخاص أيضاً كأسلوب غير مباشر لرفع الأجور ولكن دون أن يصبح حقاً للعامل.

فغالبية المنشآت والمعامل تحدِّد الأجر المقطوع على أساس الحد الأدنى للأجور والرواتب، في حين تعطي عمّالها تعويضاً معيشياً يعادل أضعاف الراتب، لإيمانهم بأنّ الحد الأدنى لا يمثل شيئاً، وهذا التعويض المعيشي يحدَّدُ عادةً بناءً على رغبة ربّ العمل، فليس هناك أي قانون يلزمه به أو يحدد مقداره.
وعلى أساس الحد الأدنى تحسب كافة التعويضات والتأمينات الاجتماعية وتعويض التسريح غير المبرر، والذي يكون متدنياً عادة، ولأنه لا شيء قانونياً يلزمُ ربَّ العمل بتعويضِ المعيشة، فإن العامل لا يستطيع المطالبة به أمام المحكمة العمّالية أو أمام مديرية العمل.
وفي حال تم رفع الحد الأدنى للأجور والرواتب كما يحدث مع كل زيادة على الأجور، فإنّ أرباب العمل يقومون عادة بحسم الزيادة من التعويض المعيشي للعامل، أي لا فائدة فعلية تعود على العامل من رفع الحد الأدنى للأجور.
وإذا كان القطاع الخاص يعطي عمّاله تعويضَ معيشةٍ يعادلُ أضعاف الراتب، فلماذا لا يتم رفع الحد الأدنى للأجور إلى مستوى مقبول أو يعادل الحد الأدنى من تكاليف المعيشة؟ وفي هذا إنصافٌ للعمّال ولحقِّهم في أجرٍ يؤمِّنُ احتياجاتِهم الأساسية، ويرفع من تعويضاتهم واشتراكاتهم في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، ويلزم أرباب العمل بتعويضِ المعيشة ويضمّه إلى الراتب، بحيث لا تبقى منّةٌ مِن ربّ العمل على عمّاله. وفي هذا السياق طالب العمال في عدة معامل بضم التعويض المعيشي إلى أساس الأجر الفعلي، وكانت بعض المطالبات تجري إما عبر عريضة يرفعها العمّال أو بإضرابٍ داخل المعمل، وتجري المفاوضات ولكن لم تتحقّق نتائج مهمّة على هذا الصعيد.
حتى الزيادات الدورية التي يستحقها العامل 9% كلّ سنتين، يتم حسمها من تعويض المعيشة، وهكذا لا يخسر ربُّ العمل شيئاً، ولا يكون قد خالف القانون أيضاً!!
مع العلم أنّ هناك كتاباً موجَّهاً من وزارة العمل إلى مدير التأمينات الاجتماعية، المتضمِّن بيان الرأي بخصوص التعويض المعيشي على أجور العاملين في القطاع الخاص والمشترك، غير المشمول بأحكام قانون العاملين الأساسي في الدولة رقم 50 لعام 2004. حيث أكد الكتاب أنه فيما يخص الحد الأدنى للأجور يطبّق رأي قسم الفتوى والتشريع في مجلس الدولة رقم 180 لسنة 2019، الذي خلص إلى أن أجور العاملين في القطاع الخاص والمشترك شاملٌ للتعويض المعيشي المضاف إلى الأجر بحكم القانون، أي يضاف التعويض المعيشي الممنوح إلى الفئات المستفيدة، وفق ما هو محدَّد بأحكام المرسوم التشريعي رقم /7/ لعام 2015 وأحكام المرسوم التشريعي رقم /13/ لعام 2016، إلى الأجور الشهرية بتاريخ نفاذ المرسوم التشريعي رقم /23/ 2019.
ولكن المحكمة العمّالية ومديرية العمل كان لهما رأيٌ مخالف؛ بأنّ القانون المذكور نصّ على حالة التعويض المعيشي، وما تبعتْه من زياداتٍ لاحقاً، حيث لا يطبق حين يكون التعويض المعيشي يعادل أضعاف الراتب المقطوع، وفي هذا الرأي إلحاقُ ضررٍ كبيرٍ بالعمال وحرمانٌ من أبسط حقوقهم في أجر عادل.
وأرباب العمل على علم تامّ بأنه لولا التعويض المعيشي لن يجِدوا عاملاً واحداً يعمل لديهم على الحد الأدنى للأجور، ولكن مبلغ التعويض المعيشي هو الذي يرفع الأجور إلى حدّ ما ويجعل من ظروف العمل مقبولةً نوعاً ما، لذلك لا بدّ من توفير الحماية القانونية للتعويض المعيشي أو ضمّه واعتباره جزءاً من الراتب المقطوع، وهذا ما حاول العمال فعله في بعض المعامل حيث تم تنظيم عرائض ووقفات احتجاجية مطالبِين بضم التعويض المعيشي إلى أصل الأجر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1196