بصراحة ... مشاهد من  حياة الناس اليومية

بصراحة ... مشاهد من حياة الناس اليومية

الأزمة الوطنية أفرزت الكثير من الأشياء التي لم نكن نراها سائدة وواضحة بهذا الشكل والتجلي في تفاصيل حياتنا اليومية، والآن نراها سائدة وواضحة أمام كل الناس، وهي جزء من مشهدهم العام الذي اعتادوا عليه في حركتهم كل يوم، ولكن التفسير لهذه الظواهر ليس واحداً عند الناس.

نبش الحاويات وأماكن تجمع القمامة أصبحت من المَشاهد اليومية في كل المناطق ولها عمالها، وهذا الوضع قد استدعى مسؤول النظافة في محافظة دمشق للإدلاء بتصريح خاص حول النبّاشين ويوضح حجم المعاناة التي تعانيها المحافظة من هذا المظهر السائد في جميع الشوارع والحارات.
قال مدير النظافة في محافظة دمشق: «لا توجد نصوص قانونية لمعاقبة النباشين».
ولكن هذا المدير قد نسي تصريحاً سابقاً لواحد من مسؤولي المحافظة حول النباشين، وهذا التصريح هو «أن مهنة النبش ليست من المهن المصنفة وأن العمل بها يعرض العامل لغرامة تقدر بثلاثة آلاف ليرة سورية».
أي إن هناك غرامةً مفروضة على النباشين الذين دفعتهم أحوالهم إلى الذهاب إلى هذا العمل الذي تريد المحافظة أن تقاسمهم عليه، ولا ندري إن كان يعرف هذا المسؤول أو من اتخذ هذا القرار المسببات العميقة التي تدفع بالأهل إلى رمي أطفالهم للنبش بالقمامة والمغامرة بحياتهم لظروف العمل في أماكن موبوءة كهذه بكل تفاصيلها، وهي درجة النهب العالية لكل ما له علاقة بمقومات الحياة المختلفة لفقراء الشعب السوري، أي حقوقه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
فقد قامت المحافظة بالعديد من الإجراءات كما عددها مسؤول النظافة لمكافحة النباشين، وهي حجز أكثر من 100 سيارة ومصادرة أكثر من 200 عربة، والأهم هو تحويل النباشين إلى الجهات المعنية وتسيير دوريات مشتركة مع إدارة الإتجار بالبشر وتوقيف عدد من النباشين لمعرفة المشغّلين.
هذه المشاهد اليومية التي نجدها في كل مكان هي واحدة من مظاهر الأزمة العميقة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها شعبنا، وما أفرزته من ظواهر، والتي يتجاهلها المصرحون بقراراتهم، وفي مقدمتها الفقر المدقع، الذي أوصل أغلبية السوريين المنهوبين إلى البحث عن مصادر للعيش في كل شيء يتمكنون من العمل به لتحصيل لقمة عيشهم، وما ذكرناه هو غيض من فيض يصعب تعداده، بينما أصحاب النهب والفساد الكبيرَين سائرون في طريق واحد لا ثاني له، وهو نهب كل ما يمكن نهبه من ثروتنا الوطنية، واغتصاب كل ما يمكن اغتصابه من لقمة عيشنا وعرقنا ومستقبل أطفالنا، ولكن نقول لهم: إن للباغي جولة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1162
آخر تعديل على الإثنين, 19 شباط/فبراير 2024 13:35