عام الإضرابات العمالية في الولايات المتحدة
إعداد نبيل عبد الفتاح إعداد نبيل عبد الفتاح

عام الإضرابات العمالية في الولايات المتحدة

لقب عام 2023 في الولايات المتحدة هذا العام «عام الإضراب». فقد سجّلت الولايات المتحدة الأمريكية هذا العام رقماً قياسياً بالنسبة للإضرابات العمالية حيث شارك ما يقرب من نصف مليون عامل فيما يقرب من 400 إضراب في الولايات المتحدة هذا العام.

اعتباراً من بداية عام2023 والأول من كانون الأول، وأدت الإضرابات إلى فقدان 7.4 ملايين يوم عمل في عام 2023 وهو أعلى معدل للإضراب في القرن الحادي والعشرين في البلاد. خلال نفس الفترة من عام 2022، إذ أدت الإضرابات إلى فقدان 636 يوم عمل فقط. شملت مطالبات العمال بالإضافة إلى المطالب التقليدية لتحسين مستويات الأجور وظروف العمل ومستقبل العمل وعقود العمل الجماعية وقضايا الصحة والسلامة المهنية، إذ قدمت النقابات عدداً كبيراً من المطالب هذا العام والتي تهدف إلى معالجة التقدم التكنولوجي، والقضايا الاقتصادية العامة، والقضايا الاجتماعية الأوسع. حقق العمال فيها مكاسب كبيرة. ففي الربع الأول من عام 2023 وحده. شهد العمال الممثلون للنقابات زيادة في الأجور بنسبة 7٪ في المتوسط في السنة الأولى من عقودهم. وفقاً لقانون بلومبرج. وهذه أكبر زيادة في الأجور في ربع واحد منذ عام 2007.
يقول جيسون ريسنيكوف الأستاذ المساعد في التاريخ المعاصر بجامعة جرونينجن «أنا مندهش ومعجب حقاً بالمكاسب التي حققها العمال». ويضيف أن «الحركة العمالية الجريئة لديها الكثير لتفوز به».
فيما يلي ملخص لبعض مكاسب النقابات، ولماذا يعتقد الخبراء أنها كانت ناجحة للغاية وما يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة للعمال الآخرين في المستقبل.
إضراب عمال السيارات المتحدين ضد شركات فورد وجنرال موتورز وستيلانتس لمدة 46 يوماً وانتهى بالتصديق على اتفاقية جديدة. إذ قام حوالي 34000 من أعضاء النقابة البالغ عددهم 146000 بالإضراب في 44 منشأة وطالبت النقابة بالحق في الإضراب وتنفيذ برنامج حماية الأسرة العاملة. في حالة إغلاق المصنع، وأيضاً بأسبوع عمل مدته أربعة أيام واثنتان وثلاثون ساعة. في حين ثبت أن أسبوع العمل المكون من 32 ساعة يزيد من الإنتاجية، ويكون له أيضاً تأثير في خلق المزيد من فرص العمل. وتضمنت الاتفاقيات النهائية الحق في الإضراب. وحصلت النقابة أيضاً على الحق في تغطية العمال في محطات بطاريات السيارات الكهربائية الجديدة. وحصلت النقابة على زيادة في الأجور بنسبة 33% كحد أدنى على مدار الاتفاقية، في حين أن أسبوع العمل لمدة أربعة أيام وبرنامج حماية الأسرة العاملة لم ينجحا في المفاوضات.
في أعقاب أكبر إضراب موثق للعاملين في مجال الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، توصل تحالف نقابات كايزر الدائمة إلى اتفاق مبدئي مع أصحاب العمل. كايزر هو اتحاد للرعاية الصحية يدير 39 مستشفى وأكثر من 700 مكتب طبي. وحصلوا على زيادة في الأجور بنسبة 6% في السنة الأولى من عقودهم ومبادرات جديدة لمعالجة مسألة التوظيف. ويهدف الاتفاق إلى تقليل النقص في عدد الموظفين الذي أدى إلى إجهاد العاملين في مجال الرعاية الصحية. واستناداً إلى بيانات من مكتب إحصاءات العمل، تشير الأكاديمية الأمريكية لكليات التمريض إلى أنه سيتعين شغل 200 ألف وظيفة تمريض كل عام حتى عام 2031.
نقابة ممثلي الشاشة الاتحاد الأمريكي لفناني التلفزيون والراديو التي تمثل ما يقرب من 160 ألف عامل في مجالات مختلفة، بعد أن وصلت المفاوضات الجماعية إلى طريق مسدود. نفذوا إضراباً لمدة 148 يوماً. وشملت مطالبهم قضايا الأجور. وحصلوا على زيادة في الأجور بنسبة 7٪ في عامهم الأول. وطالبوا بوسائل حماية جديدة حول استخدام الذكاء الاصطناعي والتعويض في سيناريوهات مختلفة. كما نظم كُتّاب هوليوود التابعون لنقابة الكتاب الأمريكية إضراباً لمدة 148 يوماً. وشملت القضايا المطروحة التوظيف ومستقبل الكتابة باستخدام الذكاء الاصطناعي. حصلت النقابة على زيادة في الأجور بنسبة 5٪ في السنة الأولى ومكافآت جيدة للعروض والأفلام الناجحة عند البث المباشر.
ومن بين العمال الآخرين الذين أضربوا هذا العام صيادو ألاسكا ومعلمو المدارس العامة في ماساتشوستس وعمال الفنادق في كاليفورنيا. التي خلقت الكثير من الزخم. وشملت القضايا الأجور وقد انخرط عمال الفنادق في جنوب كاليفورنيا في سلسلة من الإضرابات منذ الصيف طلبت النقابة التي تمثّل عمال الفنادق، إنشاء صندوق لإسكان القوى العاملة والحصول على قروض منخفضة الفائدة لمساعدة العمال. وتوصلت النقابة إلى اتفاقيات مبدئية مع ستة فنادق في لوس أنجلوس.
وكذلك صوّت ما يربو عن 50000 من عمال الفنادق في لاس فيغاس لصالح السماح لهم بالإضراب عندما بدأوا المفاوضات مع الفنادق بشأن عقود جديدة. كما صوت ما يقرب من 26 ألف مضيف طيران في شركة الخطوط الجوية الأمريكية لصالح السماح بالإضراب بعد أن رفضت الشركة الموافقة على شروط العقد المقترحة من العمال.
يشكل العمال النقابيون 10٪ فقط من العمال في الولايات المتحدة، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل وهو وحدة تابعة لوزارة العمل الأمريكية. وهي الوكالة الرئيسية لتقصي الحقائق التابعة للحكومة الأمريكية في المجال الواسع لاقتصاديات وإحصاءات العمل، وتعمل كوكالة رئيسية للنظام الإحصائي الفيدرالي الأمريكي
يقول ريسنيكوف، في سوق العمل التنافسي حيث يتمتع العمال بمزيد من القوة للبحث عن أفضل العروض «تصبح معايير النقابات معياراً حتى في أماكن العمل غير النقابية». لجذب الكوادر الفنية والمواهب المختلفة، يجب على أصحاب العمل مطابقة أفضل العروض في السوق. ويضيف أن انتصارات هذا العام حققت الكثير من النجاح» مضيفاً أن «العاملين يرون أن الأمر ممكن».
هذه الاضرابات والمفاوضات الجماعية التي تقودها النقابة دليل على أن هذا التأثير المتدفق لها قد بدأ بالفعل في الحدوث. يقول الخبراء إن إضرابات العمال لم تحدث من فراغ. لقد كانوا جزءاً من موجة حراك عمالي تراكمت على مدى السنوات القليلة الماضية. ويتفق الخبراء على أنه من غير المرجح أن يتوقف الزخم من الإضرابات العمالية مع دخول المزيد من العمال النقابيين في مفاوضات العقود مع أصحاب العمل في السنوات المقبلة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1154