ماهي معايير العمل الدولية
أديب خالد أديب خالد

ماهي معايير العمل الدولية

من الأسئلة التي يحتاج العمال الإجابة عنها خلال سعيهم لتحصيل مطالبهم المشروعة هو، إلى أي مدى تتفق تشريعات العمل الوطنية مع المعايير الدولية للعمل؟ يجب أن نعرف ماهي ولكن بالطبع قبل أن نجيب عن هذا السؤال فإن الأمر يتطلب أولاً أن نعرف هذه المعايير.

مفهوم معايير العمل الدولية

المعنى الأول يشير إلى الشروط والظروف الفعلية لاستخدام العمال ورفاهيتهم في مكان وزمان محددين، وبيان حالة قوة العمل التي تتم من خلال احصائيات تشير إلى مستويات التعليم والمهارات الفنية، والأجور وساعات العمل.. إلخ. ويطلق على هذا النوع شروط العمل.
أما المعنى الثاني، فهو معياري أو توجيهي، فمعايير العمل تشترط ما ينبغي أن تكون عليه شروط وظروف العمل، وتحدد حقوق العمال الأساسية في التجمع والمفاوضات الجماعية.. إلخ. كما تشترط أيضاً معايير اجتماعية كمعايير الاستخدام والتدريب وإنهاء الاستخدام...إلخ، وهي من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
فقواعد العمل المعيارية توضع على المستويين الدولي والوطني ومن هنا يطلق عليها معايير العمل الدولية ومعايير العمل الوطنية، واتفاقيات منظمة العمل الدولية في هذا السياق تضع المعايير الهامة التي نطلق عليها كذلك الحقوق الاجتماعية والتي من بينها الحد الأدنى للأجور، ساعات العمل، الإجازات، السلامة والصحة المهنية، الأمن الوظيفي، الضمان الاجتماعي الحقوق العمالية ومعايير العمل الدولية والخدمات الاجتماعية، وهذه المعايير وضعت في الأساس من أجل تقوية قوانين العمل والتشريعات العمالية الوطنية .
ولا يخفى تصاعد خطر تدهور شروط العمل بسبب تزايد أعداد الدول المتنافسة في مستويات الدخل والأجور والتكاليف الكبيرة في الاقتصاد العالمي الذي يمثل تنوع العمل وشروط العمل. وكذلك بسبب تحرير الأسواق المالية وأسواق رأس المال مما أثار موجة من الاستثمارات الخارجية المباشرة والمضاربات. ونتج عن ذلك دخول بضائع مصنعة بأيدي عمالة رخيصة الى أسواق الدول الأخرى ومنها الدول الغنية، ورخص الأيدي العاملة هنا بسبب تدنى الأجور والمزايا.
الأجور المنخفضة والمعايير الاجتماعية المتدنية تعرقل جهود النقابات في الدول ذات الأجور المرتفعة من أجل تحسين شروط العمل. وتلك المعايير المتدنية تحفز انتقال الاستثمارات القائمة في الدول ذات الأجور المرتفعة والتعاقد محلياً لتوفير الإنتاج والخدمات. وبالنظر إلى تصاعد وتيرة العولمة يمكن القول بأن الحاجة إلى تطبيق معايير العمل الدولية قد زادت. وذلك بسبب اتساع الاتجاه نحو خفض الأجور، إنهاء الاستخدام، إضعاف آليات الحماية الاجتماعية...إلخ.

توجهات قوى الليبرالية الجديدة:

الليبرالية الجديدة والقوى السياسية الداعمة لها والملتزمة بأهدافها ترى أن تحسين شروط الاستخدام وشروط العمل يحدد ضمناً عن طريق النمو الاقتصادي والذي يمكن تحقيقه عن طريق الاتفاقيات الدولية. وأن النظام التجاري الحر هو الشكل الأمثل للتنمية الاقتصادية ومعها رفاهية العمال بما يعني أنه يمكن للدول النامية أن تجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية عبر تجاهل معايير العمل الدولية.
صحيح أن النمو الاقتصادي يساعد في تحسين شروط العمل وهو شرط ضروري لكنه غير كاف لأن الأمر يعتمد على توزيع عائد الإنتاج بين العمل ورأس المال فيما يتعلق بالتوزيع، فازدياد عدم المساواة في توزيع المال يؤدي إلى تراكم المال في قطب واحد في المجتمع يمثل الأقلية في المجتمع بينما الأغلبية يتراكم لديها الفقر والبؤس والحرمان وتنتشر الأمراض الاجتماعية والأزمات الاقتصادية وتتحول إلى أزمات سياسية وانفجارات أمنية كما حدث في كثير من البلدان خلال العقود الماضية.
في مجال تطبيق معايير العمل الدولية وتفعيل دور منظمة العمل الدولية عام 1995 أعادت منظمة العمل الدولية النظر بمعايير العمل الدولية، وكانت أبرز القرارات صدور الإعلان العالمي للحقوق الأساسية في العمل:
الحرية النقابية والمفاوضة الجماعية، الاتفاقيتان رقم 87 و98و حظر العمل الجبري الاتفاقيتان رقم 29 و105 المساواة في الفرص والمعاملة الاتفاقيتان رقم 100 و111 الحد الأدنى للسن وحماية الطفولة، الاتفاقيتان رقم 138،182، وقد جاء هذا الإعلان نتيجة نقاش حول الصلة بين تحرير عملية التبادل التجاري وحماية حقوق العمال، باعتبار أن هذه الحقوق الأساسية التي ينبغي اعتبارها ملزمة ولها أهمية خاصة في إطار العولمة، لأنها تسمح للعمال بالمطالبة بنصيبهم المشروع من فوائد النمو الاقتصادي التي يؤدي إليها تحرير عمليات التبادل التجاري.
شاركت الحركة النقابية الدولية وتشارك بفعالية في إطار منظمة العمل الدولية وقد كانت معنية ومبادرة في المراجعات التي حصلت والتي أشرنا إليها، والهم الأكبر للحركة النقابية في زمن العولمة كان ولا يزال هو كيفية احترام معايير العمل الدولية في ظل المنافسة الدولية وتحرير الأسواق وتزايد مناطق الأسواق الحرة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1151