قوى الفساد ومصير البلاد
أديب خالد أديب خالد

قوى الفساد ومصير البلاد

لم يعد شيء يستطيع وصف معاناة السوريين وخاصة أصحاب الأجور فأجورهم تآكلت كلياً وباتوا يعملون بشكل شبه مجاني مقابل ارتفاع غير منطقي بالأسعار وتراجع قيمة العملة.

الحكومة ولأول لمرة صرحت أنه ليس لديها أية حلول لمعالجة هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وكعادتها كررت أنه ليس لديها موارد كافية لزيادة الأجور، لا بل ذهبت أبعد من ذلك وبما يؤدي إلى زيادة فقر السوريين وحملت تبعية الفساد وعدم توفر الموارد الكافية لاستمرار سياسة الدعم داعية إلى رفع الدعم نهائياً كأحد أساليب مكافحة الفساد وتوفير المصاريف على خزينة الدولة مع فرض وزيادة نسبة مختلف أنواع الضرائب على المواطنين، وما زالت تسير بسياسة خصخصة منشآت القطاع العام وعرضها للاستثمار الخاص ومنها منشآت سيادية ليس آخرها مطار دمشق الدولي.

سياسة الحكومة ومن ورائها قوى الفساد تسعى إلى سحب آخر فلس من جيوب السوريين مع الاستمرار بالتفريط بمؤسساتهم ومعاملهم وإنتاجهم وثروتهم بأبخس الأثمان لتحقيق أعلى نسبة نهب تصب في جيوبهم ناهيك عن وصول سورية إلى اقتصاد الفوضى الذي يقوم أساساً على الحروب.

اقتصاد الفساد الذي ينشأ على يد رجال الأعمال الفاسدين وهو ما يجعل السوريين اليوم أمام مواجهة حقيقية مع قوى الفساد التي تؤدي سياستهم إلى تفجير البلاد وتمزيقها من الداخل مع محاولات قوى الفساد عرقلة وإطالة عمر الأزمة السورية ومنع تطبيق الحل السياسي والقرار 2254 مكتفين برمي المسؤولية على المؤامرة الكونية والحصار والعقوبات وتحميل مسؤولية الأوضاع الاقتصادية للدول الحليفة والتي خذلتهم كما يقولون.

قوى الفساد وعلى المقلب الآخر في صفوف المعارضة ترى من استمرار وتعمق معاناة السوريين نصراً لها وتقف شامتة بما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية في الداخل، لا بل ذهب بعضهم إلى المطالبة بوقف التحويلات الخارجية إلى سورية والتي تعيل ملايين العائلات في الداخل للوصول كما يروجون إلى ثورة جياع في سورية دون تقديم أي برنامج اقتصادي بديل كما يفترض بأي قوى سياسية معارضة وهم أيضاً يسعون إلى عرقلة الحل السياسي ومنع تطبيق القرار 2254.

الحل السياسي سيكون بوابة لحل كافة الأزمات التي عانى ويعاني منها السوريون، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية، ولا مصلحة لقوى الفساد على الضفتين في الحل السياسي لأن هذا يهدد استغلالهم لهذه القضايا، ونهبهم للسوريين أينما كانوا وفي مختلف مناطق النفوذ لأنهم يعتمدون على اقتصاد الحروب والاقتصاد الإجرامي ونهب ثروات السوريين مستفيدين من حالة تقسيم سورية إلى عدة مناطق نفوذ ومستندين إلى وجود قوات أجنبية على الأرض تسهل لهم نهبهم.

لذلك لا حل اقتصادياً ولا حل داخلياً ولا تشاور داخلياً كما يروج له يمكن أن يحل أزمات السوريين خاصة أن الحكومة نفسها لا تملك الإرادة السياسية للإقدام على حلول اقتصادية مختلفة جذرياً عن ما هو متبع، وتصم آذانها عن سماع أي مقترحات ولو كانت من باب تخفيف من آثار الأزمات خاصة أن بعض القوانين والإجراءات المنافية للدستور، والتي أقدمت الحكومة على إقرارها هي من عمّقت من آثار الأزمة وعلى مختلف الصعد ويبقى الحل السياسي وتطبيق القرار 2254 هو الحل الوحيد الذي يعوّل عليه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وكل تأخر في الحل السياسي سيزيد من معاناة السوريين ويعرّض البلاد لأخطار أكثر من تلك التي مرت بها خلال السنوات الماضية وهو ما تسعى إليه أمريكا وحلفاؤها من قوى الفساد حيث يراهنون على تدمير سورية اقتصادياً وتجريف شعبها منها، ومحو تاريخها الثقافي والإنساني تمهيداً لتقسيمها وتفتيتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1133